الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاميون والعلمانيون الوطنيون براء من قرار مجلس المحكومين البغيض

نديم علاوي

2004 / 1 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


في حمى المداولة القائمة والمشتعل أوارها في أوساط المثقفين العراقيين حول حيثيات قرار مجلس الحكم المعين رقم 137 والقاضي بإلغاء قانون الأحوال المدنية وما يستبطنه ذلك من تجاوزات خطيرة على حقوق المرأة العراقية ومصادرة فجة لمكاسب وطنية انتزعتها المرأة العراقية بنضال مستميت وتضحيات كبيرة , وكم كان تعبير الأستاذ علاء اللامي موفقا حين وصفه بانقلاب عسكري قامت به عصابة من المرتزقة و محترفي الإجرام ، بل هو أقرب إلى عملية سطو مسلح تواطأ على القيام بها مجموعة من المراهقين في غياب أولي أمرهم .

 وتجاوزا لما تقدم فالقرار 173 الصادر عن مجلس المحكومين لم يضف شيئا مثيرا عدا أنه أفصح عن النيات التي يبيتها البعض من أعضاء هذا المجلس والتي تندرج في إطار رؤيتهم المستقبلية لشكل وطبيعة النظام السياسي الذي يبتغونه ونقول النظام السياسي لنجرده بتعمد عن صبغته الدينية للإشارة إلى أن ما أقدمت عليه القوى الدينية " بين قوسين " المتنفذة في مجلس الحكم لم يندرج في رأينا ضمن ما نوه إليه الكثير من المثقفين العراقيين  ــ سواء من أصحاب المواقف الوطنية المعادية للاحتلال أو من المؤيدين له والمدافعين عنه ــ وحاولوا إبرازه والبناء عليه والذي يتلخص ـ حسب رأيهم ـ في جدلية الصراع بين القوى العلمانية من جهة ــ وأن اختلفت رؤاها في ما يخص قضية الاحتلال كما نوه أحد الكتاب ــ من جهة والقوى الإسلامية التي تسعى لمصادرة حقوق المرأة وفرض شريعة الغاب والاحتكام لمنطق القرون الوسطى والعودة بالمواطنة العراقية قرونا إلى الوراء من جهة أخرى ! 

نعم لا نشكك بالرأي القائل بوجود قوى ظلامية تسعى للعودة بالمجتمع بشكل عام ـ وليس المرأة فحسب ـ إلى كهوف الظلام وشرائع الغاب , ولكن ليس من العدل بمكان أن يُطلق الكلام على عواهنه ويؤسَس لشريعة غاب جديدة تشطب بجرة قلم على كل ما عمل عليه التيار الإسلامي من رؤى ومنجزات في مختلف مناحي الحياة عبر الزمان والمكان , وفي نفس السياق تُختزل مسألة الاختلاف مع الطروحات الإسلامية إلى صراع حياة أو موت بين خيارين وهميين : الإسلام أو العلمانية ! على اعتبار أن أحدهما مصدر البلاء وتسويق رؤية بهذا التبسيط لا يعدو أن يكون في احسن الأحوال سوى تجن واضح وفي الجوهر فهي لا تختلف كثيرا عن رؤية بوش الابن السياسية في تقسيم الدول على أساس فلسفة المع أو الضد.

ما يغيب عن ذهن غالبية المحللين والدارسين هو أدراك حقيقة الأصطفافات الوطنية الجديدة في العالم الإسلامي والتي خلقتها فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانحسار بريق الأيديولوجيا الشيوعية بسبب من عوامل الصدمة الذي ولده هذا الانهيار السريع والمفاجئ وما طرأ من تطور نوعي في برامج القوى الإسلامية وخاصة في الدول العربية واقتراب بعضها من مواقف القوى اليسارية وتجاوز هذه المواقف في بعض الأحيان وخاصة بما يتعلق في تبنى هموم المواطن اليومية والاندماج في قواعد اللعبة السياسية وبأشكال مبتكرة كما حدث في مصر وتونس والأردن و اليمن و السودان والأراضي المحتلة الأمر الذي أضفى عليها إعجابا منقطع النظير وشعبية متصاعدة في الوقت الذي لم تستطع قوى اليسار الصحو من صدمتها وحجز مقعد لها في قاطرة المتغيرات الحاصلة ففشلت  محاولاتها الخجولة في أجراء بعض التغيرات الشكلية كتغيير أسمائها واستبدال قياداتها الهرمة بقيادات نشطة وقد بلغ اليأس ببعضها بعد أن فقدت أي شكل من أشكال التعاطف في مجتمعاتها إلى التنكر نهائيا لماضيها السياسي والانخراط في العمل طوعا في خدمة اشد الدوائر السياسية يمينية من أجل مكاسب مؤقتة لا تسمن ولا تغني من جوع وحالة الحزب الشيوعي العراقي مثال مقارب لهذه الحالة.

انطلاقا مما تقدم واستقراء لما يحدث في الأراضي المحتلة حيث تلعب الجماعات الإسلامية دورا محوريا في تعبئة المواطنين وتنظيمهم لمقارعة قوات الاحتلال الإسرائيلي وفي العراق حيث تشكل القوى الإسلامية اليد الضاربة لقوى المقاومة العراقية وما تعج به الشوارع يوميا من مظاهرات ترفع اللافتات الدينية والمطالبة برحيل القوات الغازية وأجراء انتخابات وسن دستور وطني بعيدا عن تدخل المحتلين وصنائعهم ــ وان لا يعني هذا انعدام مشاركة القوى الأخرى وبضمنها اليسارية ــ لكن ما لا تخطئه الأبصار هو أن القوى الإسلامية هي التي تنظم وتقود وتوجه هذه النشاطات وعليه فأن من يرى مستقبلا لدولة فلسطينية وعراق حر من دون  دور فاعل ومركزي لهذه القوى إنما يرتكب خطأ سياسيا فادحا ويتحتم عليه أعادت فهم ما يحدث بحكمة ودراية ومسؤولية.

وعلى الضد من رِؤِية بعض القوى اليسارية والعلمانية في العالم الإسلامي التقطت إدارة بوش ومن قبله إدارة كلينتون الإشارات التي تصدرها زوبعة القوى الإسلامية المتعاظمة في وقت مبكر واستشرفت ما يمثله تعاظم نفوذ هذه القوى من تهديد لمصالحها فعمدت إلى أتباع نهج صناعة قوى إسلامية مواليه لها تمولها بسخاء وتعمل على تسويقها في الشارع العربي تحت يافطات مختلفة وقد شاءت الأقدار أن يكون للعراق حصة الأسد من هذه السياسة , فبتنسيق سري مع إيران تمكنت الإدارة الأمريكية من تجنيد قوى إسلامية عراقية هامشية لم يكن لها أي وزن في الشارع العراقي وعقدت معها حلف شياطين يقوم على تبادل المنفعة حيث انخرطت هذه القوى في خدمة المخطط الأمريكي في احتلال العراق مقابل وعود  أمريكية بإعطائها دور مركزي في حكم العراق وتبين كل المؤشرات اليوم بأن هذا الحلف الشيطاني سوف لا يقوى على الصمود طويلا  أمام الغضب العارم الذي يجتاح الشارع العراقي بحيث أضحت  حظوظ "القادمين من الخارج " مبعث للهزء والتندر في الشارع العراقي.
 
أن صراعا متخيلا بين العلمانية والإسلام يبدو لنا محض تحليلات لا تستند إلى الحقائق والوقائع. وأن كان ثمة من صراع فهو صراع استنزاف على مواقع القوى بين بعض القوى العلمانية وبعض القوى الإسلامية التي ارتبطت مصالحها بمصالح المحتل الأجنبي وبقدومها مع هذا المحتل تنتفي منها صفة تمثيلها للقوى العلمانية والإسلامية التي تدعي تمثيلها زورا وكما أن وجود طوائف مسيحية في أمريكا تقدم على عمليات انتحار جماعية للالتحاق بكائنات فضائية مفترضة تصرٌف لا يمت للتعاليم  المسيحية بصلة فأن بدعة هذه القوى العميلة في التعاون مع الاحتلال والتمهيد لفعلته لا تعني تمثيلها للقوى الإسلامية أو العلمانية العراقية هذه القوى التي يميزها الصفاء التام في موقفها من المحتل, ولها تصور مشترك لشكل الحكم المستقبلي في العراق وكل يوم يمر يشهد مزيدا من التعاون والتنسيق والتقارب بين أطرافها.

أما قرارات مجلس الحكم المعين وتخبطه وفضائحه التي أضحت تزكم الأنوف فلا تمت بأية صلة للإسلام الأصيل أو العلمانية , إنما هي قرارات عملاء يتحملون وحدهم مسئوليتها وأخيرا فهي قرارات باطلة شرعا لأن كل ما بني على باطل فهو باطل وعلمانيا فهي تندرج في باب الخيانة الوطنية وتحصيل حاصل لإملاءات سيدهم بر يمر ونظام الملالي في إيران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا قررت مصر الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا في هذا التوقيت؟ |


.. بيسان ومحمود.. أجوبة صريحة في فقرة نعم أم لا ??????




.. دول أوروبية ستعترف بالدولة الفلسطينية في 21 مايو/أيار


.. -مطبخ مريم-.. مطعم مجاني ومفتوح للجميع في العاصمة اللبنانية




.. فيديو مرعب يظهر لحظة اجتياح فيضانات مدمرة شمال أفغانستان