الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعينا المثقوب

سعدون محسن ضمد

2008 / 6 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات. بدأت حملات المرشحين تزداد بوتيرة متصاعدة. وبدا واضحاً على أخلاقيات المنافسة أنها ستكون عرضة لاختبار عسير فمن الواضح أن القوم سيهتكون كل ستر من أجل الوصول للسلطة. وقد لفت نظري قبل أيام مقال لكاتب حاول فيه أن يدعو لبيئة انتخابية أكثر اتّزاناً من خلال الدعوة للالتفات إلى (الوطنيين النزيهين) ممن لم يصلوا السلطة بعد وترك (النفعيين والمنافقين والمتزلفين) ممن هم فيها الآن ووصلوا إليها عن طريق الانتخابات السابقة.
الكاتب يعتبر أن لديه وصفة سحرية، ملخصها الانتقال من دولة يقودها مسؤولون (منحرفون) إلى أخرى سيقودها مرشحون ليسوا كذلك ممن يطالبنا بالالتفات لهم. لكن كيف نعرف النزيه من غيره؟ من المؤكد أن الطريق لمعرفة ذلك هو الإصغاء لإطناب نفس المرشح وهو يعد خصاله التي ستنقذنا من الخراب.
متى سنترك لغة الشعار؟ متى سنفهم بأن العصمة (المطلقة) غير موجودة، على الأقل أيامنا هذه. ليس هنالك إنسان نزيه مائة بالمائة، نعم يمكن أن تتحقق هذه النسبة من النزاهة خلال لحظة من لحظات العمر، ساعة ربما، يوم، أسبوع، أو شهر على الأكثر. ثم بعد ذلك لا بد أن تنهار دفاعات الإنسان أمام المغريات، ليس هناك استثناء. الشعب الذي يعتقد بوجود قائد فوق مستوى الشبهات هو شعب غبي بامتياز. الإيمان بوجود (العادل) هو القاعدة التي تأسست عليها كل انواع الحكم الاستبدادية في شرقنا المريض. وهذا الثقب في وعينا هو الذي يجعلنا هدفاً سهلاً لمن يريد الانفراد بالغنائم من ذئاب السلب والنهب. فما أسهل على السارق أن يدعي أنه الحارس الأمين.
لسنا بحاجة لمرشحين (أتقياء) بل نحن بحاجة لأكفاء فقط. خبراء نقوم نحن بمراقبتهم، ليس فقط من أجل مساعدتهم على الاحتفاظ بالنزاهة أطول فترة ممكنة. بل أيضاً من أجل أن تتحول الرقابة لقانون ولا تبقى مجرد خُلُق نستثني منه من نشاء. فإذا تحولت لقانون لا يبقى هناك أحد خارج إطارها، بمعنى لا يعود هناك مجال للمحاباة.
هناك ثقافتان للناخبين: الثقافة الأولى ترفع شعار (أرني منجزاتك واكشف لي عن خبرتك) وهذا المعيار موضوعي أو يحاول أن يكون. فهو لا يريد فوق الخبرة والدراية شيء. أما موضوع النزاهة فكفيل به القانون وأجهزة الرقابة. والمعيار الثاني يرفع شعار (من أنت وما يدريني بأنك نزيه) وهذا المعيار عاطفي ما يزال يعيش أحلام (القائد/ الأب). وهو يضغط على المرشح اتجاه الإكثار من المعرِّفين، أي (الواسطات) لا وثائق الخبرة.
فوق ذلك كله هناك موضوع النسبية بالنزاهة والتي تعني بأن الذي يؤمن بوجود القائد الفذ أشد حمقاً ممن يصدق بوجود ذئب خلوق يصلح لحراسة قطيع نعاجه. لأن افتراس النعاج لا يتعارض مع نزاهة الذئب. فهي طعامه الطبيعي، لذلك لا يعتبر نفسه خائناً في حال أنه صرع القطيع كله. وهذه هي النكتة، فالنزاهة تعني فيما تعني أن يطبق الإنسان ما يؤمن به. ومن هنا أُكلنا في السابق وسنظل نؤكل في اللاحق. فهناك من يؤمن بأن التطرف حل، ولا يجد في دعم المتطرفين تقاطعاً مع نزاهته. وهناك من يؤمن بأن الحزب ـ أي حزب ـ هو الحل، ولا يجد بأساً بسرقة الأموال من أجل تمويل هذا الحزب أو تمويل فضائياته. المهم أن النزاهة تتحول في نهاية مطافها لأداة يطبق من خلالها السيد النزيه ما يؤمن به هو، لا ما يتماشى مع مصلحة البلد، ومن هنا فالانتحاري لا يعتقد بأنه فاسد أبداً، لأنه يفجر جسده من أجل تطبيق ما يؤمن به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال