الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3 - صفر لصالح القادة الأوروبيين

محمد كليبي

2008 / 6 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


على عكس الحال لدينا في العالم العربي , قدم ويقدم قادة الدول الأوربية , يوما بعد يوم , الدليل تلو الدليل , على مدى وعيهم الديمقراطي من ناحية , وعلى الادراك والبصيرة الاستراتيجية التي يملكونها , والتي تهدف الى بلوغ الاتحاد الأوروبي مرحلة الدولة الواحدة , دولة متعددة الأعراق والقوميات واللغات .

ومنذ أيام شهدت ايرلندا - العضو الصغير في الاتحاد الأوروبي - استفتاء شعبيا على " معاهدة لشبونة " التي تمثل دستور الاتحاد الأوروبي . وقد أثبت الايرلنديون - ومن قبلهم الفرنسيون والهولنديون - برفضهم للمعاهدة , عدة أمور :

أولا : المدى الكبير الذي بلغته الديمقراطية في أورويا الغربية والعالم الغربي عموما . وأن صوت المواطن/ة لا يذهب هباء بالشراء والتزوير - كما هو الحال في العالم العربي بديمقراطيته البدائية الناتجة عن البدائية الفكرية والثقافية والاجتماعية كتحصيل حاصل للدين والفكر الديني - . وأن رأي الشعب محترم لدى السلطات الحاكمة . فعلى الرغم من أن الحكومة الايرلندية بكل امكاناتها المادية والاعلامية كانت مع " نعم " للمعاهدة , الا أن المعارضون للمعاهدة استطاعوا - نتيجة المناخ الديمقراطي الصحي - اقناع الشعب بالرفض لهذه المعاهدة , وقال الشعب الايرلندي رأيه ب " لا " مدوية على كامل أوروبا ..... ومع ذلك أحترم رأي الايرلنديين حتى وهم ضد أوروبا . وقد استمعت الى عدة قادة أوروبيين ومنهم أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية تعبر عن أسفها الشديد لنتيجة الاستفتاء وفي نفس الوقت تعبر عن شديد احترامها لقرار الناخب الايرلندي .

ثانيا : اتساع الهوة بين القادة الأوروبيين وشعوبهم . فالملاحظ أن قادة أوروبا أكثر تقدمية من شعوبهم , وأكثر استعدادا لتقديم التنازلات تلو التنازلات في سبيل المصلحة العليا للشعوب الأوروبية وللدولة الأوروبية المرتقبة . فمن يصدق - خاصة نحن العرب - أن القادة الأوروبيين يعملون أساسا ضد مصالحهم الشخصية ! وضد الأنانية البشرية المجبولة على حب السلطة والتسلط !, في حين أن هؤلاء القادة العظام - نعم العظام - يقدمون التنازلات تدريجيا منذ تأسيس الاتحاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية , يقدمون التنازلات سواء عن سلطاتهم الشخصية أم عن سلطة واستقلالية بلدانهم !!؟؟

ثالثا : المرونة السياسية العالية التي يتميز بها القادة الأوروبيون . فعلى الرغم من الرفض السابق للمعاهدة في فرنسا وهولندا عام 2005 , الا أن القادة الأوروبيين لم ييأسوا ولم يستسلموا لذلك الرفض , بل على العكس جرى الحوار والنقاش المستفيض حول المعاهدة وبنودها , ايجابياتها وسلبياتها , أسباب رفضها من قبل الفرنسيين والهولنديين , كيفية معالجة السلبيات . وفعلا تم تعديل المعاهدة لتخرج في صورة جديدة معدلة ومنقحة هي " معاهدة لشبونة " الحالية , المعاهدة التي بدورها رفضت من قبل الشعب الايرلندي مؤخرا . ولكن حتى هذا الرفض لن يستسلم له قادة أوروبا - كما سمعت البعض منهم وكما أتوقع دائنا منهم - ولن يثنيهم عن المحاولة من جديد لايجاد حل ومخرج لهذه المعضلة الجديدة . وفعلا هنالك عدة اقتراحات مقدمة لمعالجة هذه المشكلة التي تعرقل سير الاتحاد الأوروبي نحو الوحدة الكاملة . ومن تلك الاقتراحات , استثناء ايرلندا من بعض الالتزامات الاتحادية أو عقد اتفاقية فرعية مع ايرلندا . ولكن في اعتقادي أن أفضل الاقتراحات والحلول التي يمكن أن تقدم هي جعل الاتحاد الأوروبي مشابها في تكوينه للولايات المتحدة الأميركية التي جعلت لكل ولاية دستورها ونظامها القانوني الخاص , وبالتالي فهنالك شبه استقلالية لكل ولاية أميركية . وهذا ما يمكن تطبيقه في الاتحاد الأوروبي القادم .

كلي ثقة بأن القادة السياسيين الأوروبيين قادرين على تجاوز هذه العقبة وغيرها , والوصول بأوروبا الى الوحدة الكاملة . انها العقلية الغربية التي لا تعرف المستحيل .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صور أقمار اصطناعية تظهر النزوح الكبير من رفح بعد بدء الهجوم


.. الفيفا يتعهد بإجراء مشورة قانونية بشأن طلب فلسطين تجميد عضوي




.. مجلس النواب الأمريكي يبطل قرار بايدن بوقف مد إسرائيل ببعض ال


.. مصر وإسرائيل.. معضلة معبر رفح!| #الظهيرة




.. إسرائيل للعدل الدولية: رفح هي -نقطة محورية لنشاط إرهابي مستم