الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة النيوليبرالية

ضمد كاظم وسمي

2008 / 6 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إن الهجمة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ذات البعد الليبرالي الجديد هي مرحلة جديدة شرعت أمريكا في توجيه العولمة فيها بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 ، صارت تعرض الكائن الإنساني لخطر التهميش والأفناء هذا رغم التقدم الكبير في مجالات العلم والتكنولوجيا ، إذ بات يزحف المثلث المرعب (( الفقر والحرب والتلوث )) على الكرة الأرضية تحت جنح الظلام جنباً الى جنب مع تكنولوجيا العولمة الأمريكية . لقد بات الأمر وكأن العولمة لاعودة عنها وأن النيوليبرالية هي نموذجها الذي يملك سلطة المال وسلطة السلاح وسلطة التكنولوجيا بلا منازع .. ليكون العالم بقطب متفرد واحد وطاغ ، لاعالم متعدد الأقطاب ومتوازن ومتراحم ومتحاب .. اذ مع بلوغ انسان الحضارة الامريكية الى (( انه خاتم البشرية )) حسب وصف فرانسيس فوكاياما فان الانسانية تكاد تختتم امالها في العدل والحرية ، يقول جمال الدين الأفغاني : يتحقق العدل عندما تتعادل القوى .
تبنى العولمة النيوليبرالية على مقومات وإجراءات وسياسات في محاولة جادة لفرض آيديولوجيتها بقوة السلاح من قبل الدولة أو الدول التي تسيطر على عمليات الأسواق من خلال الغزو والحصار والعقوبات أو الضربات الممحددة .. الخ ، فضلاً عن إستخدامها المنظمات الإقتصادية الدولية لغرض الهيمنة على الدول الأخرى مثل صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي ، ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية ، ومنظمة التجارة العالمية . وتقدم على تفعيل الإقتصاد الليبرالي الجديد وفقاً لمنطق المنفعة التي تقتصر على عدد محدود من الدول ، وهذا المنطق الإقتصادي يقوم على أساس أن النمو الإقتصادي يتحقق من خلال (( المركب العسكري الصناعي )) بالدرجة الأساس . وله أن يستخدم منطق حصار الشعوب إذا تطلب النمو الإقتصادي ذلك .. (( ولنستذكر بأنه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول حاول مجلس الشيوخ الأمريكي إنهاء الركود في النشاط الإقتصادي من خلال زيادة ميزانية الإنفاق العسكري ( 16% ) أي بما مقداره (48 مليار دولار ). )) . ومن الجدير بالإشارة أن العولمة النيوليبرالية أنتجت ثقافة جديدة تختص برأس المال تقوم على منطق المنافسة غير المتوازنة وبعيدة كل البعد عن التعاون المثمر الذي يتيح لكل الأطراف بما فيها الأطراف الضعيفة ظروفاً ندية تساعد على نمو إقتصاديات هذه الأطراف بما يخدم الإقتصاد العالمي ككل .
إن المنافسة غير المتوازنة قد تقود – بالتأكيد – الى اللامساواة والإختلافات الشديدة ممايترتب عليها الكثير من الظلم قد يفضي الى العنف والإرهاب وبشكل مستمر كما هو حادث في العالم اليوم . كما تقوم العولمة النيوليبرالية بإجراء عمليات تغيير وإلغاء للكثير من القوانين التي تحد من الدوران الحر لرؤوس الأموال .. الأمر الذي أدى الى طريقة شديدة الهيجان للتدفقات المالية مما أفقدها وعلى نحو تتابعي علاقتها بحركات السلع .. كما ينبغي الإشارة الى خلق تركز في رأس المال تسببه موجات المضاربة المالية (( بحيث أن أي شركة من الشركات الرئيسية في العالم تبيع أكثر مما تصدره أي من الدول الـ 120 الأكثر فقراً في العالم . )) . بالإضافة الى ذلك فإن الهجوم الضاري للنيوليبرالية الإقتصادية يشق طريقه برفقةغزو ثقافي له تأثيراته العميقة على نمو وتطور البلدان ، فقد جلبت العولمة عادات إستهلاكية أمريكية في الطعام واللباس مثلاً من خلال الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية الأمريكية ناهيك عما تفتحه من أبواب لنوع معين من التحرر النيوليبرالي غالباً ما يتعارض مع العادات المحلية ، مستصحبة ذلك مع إدخال ديكورات جديدة من دون فعل حقيقي مؤثر في أرض الواقع الوطني .. مثل منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان ... الخ .. ومما يستتبع ذلك من تشجيع على التفتيت العرقي والأثني والطائفي وظهور حركات دينية وعرقية مؤدلجة تنفي الآخر وتهدد أمن المجتمع بل تنذر بحرب أهلية عرقية أو طائفية .
والأخطر من كل ماتقدم فإن العولمة النيوليبرالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية شرعت بشن حروب ثقافية ضد الآخر منذ عام 1980 ، وقد تولى أحد الكونيلات الأمريكان أعداد دراسة بعنوان : من الحرب النفسية الى الحرب الذهنية : سيكولوجيا النصر ، و (( يتحقق ذلك عبر وسائل الإعلام التي تمتلكها الولايات المتحدة ، والتي تمتلك القدرة على الوصول الى جميع الشعوب في أي مكان على وجه الأرض ، وهذه الوسائل الإعلامية تشمل الإعلام الألكتروني إضافة الى الإذاعة والتلفزة ، وتشمل إتصالات الأقمار الصناعية ، وتقنيات تسجيل الفيديو ، ووسائل الإرسال الإذاعي عبر الليزر والحزم البصرية ، الأمر الذي سيمكن من إختراق أذهان البشرية في العالم أجمع بفعالية ! ويعتقد الأمريكيون أنهم يملكون من أدوات إختراق الذهن البشري العام ، وتطويعه وتنظيمه على هواهم )) مايمكنهم من تشكيل عقول الآخرين وتوجيه أخلاقهم وترسيم عاداتهم على وفق هوى أمريكا في نفس الوقت فإن أمريكا تمنع بشكل قاطع أن يتجرأ الآخرون في التأثير في عقول وقيم وأخلاق المجتمع الأمريكي .
عندما ننتقد (( العولمة )) فإننا ننتقد جانب التسلط والهيمنة فيها ، ونشجب ممارسات القطب المتفرد التي توحي بالعنف والوحشية (( التي بدأت بتسويق ثقافتها وقيمها متجاوزة جميع الإعتبارات الإنسانية والأخلاقية ، بهدف جر دول العالم الثالث للأنطواء تحت لواءها )) .. حيث يتم كل ذلك على حساب ملايين البشر في العالم .. بما أن العولمة لاتنتج بهذا المفهوم سوى عولمة الفقر والمزيد من التهميش لدول العالم الثالث .
فالمشكلة لاتكمن في العولمة ، بل إن المشكلة تكمن في الإدارة الحالية للعولمة .. فهذه الإدارة تريد أن تستعبد العالم من خلال فهم أحمق يقوم على أساس سلطة المال ، وقوة السلاح ، والآيديولوجيات الأثنية القديمة العفنة . مجندة أدوات تدميرية للإستغلال والإستعمار (( إداة رهيبة لإعادة الأستعمار والإستغلال )) على حد وصف هوغو شافيز رئيس فنزويلا .
إن وحدة أوربا وتعاونها وتعاملها وتكاملها يجنبها شرور عولمة النيوليبرالية .. لذا فالمطلوب من الأمم والدول الاخرى تعاوناً أكثر وتكاملاً أوسع لمواجهة (( البلقنة )) التي تحملها العولمة الأمريكية للأمم والشعوب حيث حلت لتحقيق أهدافها في نهب ثرواتها والهيمنة عليها .. كما أن المطلوب من هذه الدول تعميقاً أكبر للديمقراطية وحرية أوسع كحق تقرير المصير .. ومناخاً أنسب للتعايش السلمي بين المكونات المتنوعة والدول المختلفة .. وتوزيعاً أكثر عدالة للثروات بين أفراد المجتمع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغريم المجر بسبب سياسة اللجوء | الأخبار


.. وصول الفرنسي لوي أرنو إلى باريس بعد الإفراج عنه في إيران




.. الحوثيون يؤكدون استمرار عملياتهم بالبحر الأحمر إلى أن -تتوقف


.. انقسامات في اليمين الفرنسي.. سيوتي يطعن بقرار طرده وزمور يست




.. الدبابات الإسرائيلية تتوغل غرب رفح.. ليلة أخرى من الرعب