الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل أن لا يتحول رفض القرار 137 إلى هجوم على مجلس الحكم !!

كريم عبد

2004 / 1 / 20
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


إحباط لم يكن يتوقعه أحد !! وخيبة أمل لا يمكن تصديقها وليس من حق أحد فرضها على العراقيين بعد أن شبعوا مآسٍ وإحباطاً  !!
هذا ما تمكن قراءته في ردود الفعل الواسعة التي اجتاحت الرأي العام العراقي في الداخل والخارج، عند شيوع خبر القرار 137 الصادر عن ( مجلس الحكم ) والقاضي بإلغاء (قانون الأحوال  المدنية ) 188 لسنة 1959 والذي يجمع أفضل ما في المذاهب الإسلامية ويوحدها في قانون واحد لتمتين الوحدة الاجتماعية على عكس القرار 137 الذي يمكن اعتباره بداية للبننة القوانين العراقية وتحويل العراق إلى دولة طوائف !!
حيث انعكس ذلك القلق في عشرات المقالات الرافضة لهذا القرار والتي نُشرت في مختلف الصحف ومواقع الانترنيت بالإضافة إلى المظاهرات والاعتصامات التي ستتصاعد حتماً خلال الأسابيع القادمة ما لم يتراجع مجلس الحكم عن ( النهج السياسي ) الذي أنتج هذا القرار. وكل هذا أدى إلى أشغال العراقيين في قضية لم يكن لها ما يبررها لناحية التوقيت وسياق الأولويات، ولا يمكن قبولها من الناحية القانونية والإجرائية لأنه لا يمكن ( نقض قانون بقرار ) حتى لو صدر القرار عن حكومة شرعية. ولا يمكن قبوله من الناحية الاجتماعية حيث كان من المؤمل أن تساهم قرارات مجلس الحكم في التأسيس للمشروع الحضاري الديمقراطي الذي طال انتظاره والذي قدم من أجله العراقيون التضحيات الجسيمة !!
ولكن لماذا كانت ردود الفعل بـهذه السعة ؟!
لأن واحداً من أخطر المقالب الذي أوقعنا بها نظام صدام حسين، هو دمج السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية في هيئة واحدة هي ( مجلس قيادة الثورة ) الذي يترأسه هو، والذي يعرف أعضاؤه بأن المسموح لهم فقط هو أن يقولوا : نعم ليس إلا.
وقرار مجلس الحكم هذا هو عودة لأسلوب صدام حسين !! فهو ينطوي على تجاوز لجهاز القضاء وسلطته واختصاصها، والتي بدون استقلالها لا يمكن الحديث عن أي مستوى مقبول لتحقيق العدالة.
أن السيد عبد العزيز الحكيم الذي وقع على القرار في 29 – 12 – 2003 كما قالت العديد من المصادر، دون الحصول على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس الحكم، ثم تمرير القرار بعيداً عن الأنظار، ربما تصور للحظة بأنه ( رئيس مجلس قيادة الثورة ) !! لكنه أوقع نفسه وتنظيمه ( المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ) وكذلك عموم الحركة الإسلامية الشيعية والسنية، في مطب سياسي واجتماعي مع غالبية العراقيين، وليس القوى الديمقراطية واليسارية فقط، لأنه وحتى إذا نقينا ( قانون الأحوال الشخصية ) 188 من شوائب الحقبة الصدامية، فإن حقوق المرأة تبقى دون المستوى الحضاري والإنساني المطلوب، فالمعول عليه في مشروع النظام الديمقراطي ودولة القانون الدستورية هو إلغاء أي تـمييز بين العراقيين في القومية أو الدين أو الجنس. فبعد كل التضحيات الرهيبة التي قدمها الشعب العراقي، وبعد الحرمان والتراجع التنموي والحضاري، لا يمكن للعراقيين أن يقبلوا بأقل من حقوق المواطنة الكامل السياسية والمدنية، أي المساواة الكاملة غير المنقوصة.
ليس من الصحيح النظر لخطورة القرار 137 من زاوية مصادرة حقوق المرأة العراقية فقط، وهي غير موجودة أساساً، وإلا عن أية حقوق يمكن أن نتحدث عندما نتذكر وجود مئات الألف من أرامل الحروب والمقابر الجماعية !! لكن القضية تبقى أخطر من هذا بكثير، فالعقلية التي أصدرت هذا القرار لا علاقة لها بمفهوم دولة القانون، بل هي أقرب للعقلية الانقلابية وثقافة انتهاز الفرص !! لأنه في دولة القانون ومن يريد أن يؤسس لدولة القانون عليه أن يقنعنا بأن ثقافته هي نقيض للثقافة الديكتاتورية المتخلفة والجائرة. في ثقافة وأعراف دولة القانون لا يحق لأي حزب أو تحالف حتى لو جاء للحكم عبر انتخابات شرعية، أن يغير القوانين، بل عليه أن يخضع للقوانين وفقاً للدستور كمرجع أعلى وكمنظم للقوانين. وإلا لماذا كل هذا الحوار والاعتراضات على قضية إنجاز الدستور ؟!
أين نحن وفي أي كابوس وضعنا القرار 137 ؟!
أن المشكلة الخطيرة التي لم ينتبه لها أحد، هي أن غالبية الأحزاب العراقية ما زالت تفكر بنفس الثقافة الانقلابية وهي منخرطة كما تزعم في مشروع التأسيس للنظام الديمقراطي !! ومن هنا تأتي خطورة المنزلقات التي ترافق عادة المراحل الانتقالية. فالقيادات والكوادر التي عاشت عقوداً متتالية في معارضة سرية أو منفية، هي من الناحية السياسية تعيش الآن مأزقاً ثقافياً خصوصاً في ظل المنافسة حامية الوطيس على المواقع والمناصب !! في حين أن الثقافة الديمقراطية هي ثقافة مستقبل، مستقبل المجتمع ومصالحه، لأنها ثقافة حقوقية وليست انقلابية. وسواء كان السيد الحكيم هو أو سواه من أتخذ هذا القرار، فالسؤال هو : إذا كنت رئيساً دورياً لمجلس حكم مؤقت، وتفعل بنا هذه الفعلة الفاجعة، فماذا بوسعك أن تفعل لو أعطيناك أصواتنا لتكون رئيساً لجمهوريتنا العتيدة ؟! وكيف يمكن أن يطمئن لك المجتمع العراقي حقاً ؟! أنها العقلية الانقلابية، التي لا تحسب للعواقب حساباً، عقلية صدام حسين ذاتها التي قادتنا من كارثة إلى كارثة، يكررها بعض ضحاياه هذه المرة !! فقد كان العراقيون ينتظرون قرارات تحل لهم مشاكل الماء والكهرباء وتخفف عن كاهلهم وطأة البطالة القاتلة، لكننا فوجئنا بالقرار 137 الجائر . ورغم أنه مات في مكانه وليس له أية فرصة للحياة أساساً، لكنه قرع ناقوس الخطر بأعلى صوت ممكن، ولذلك على القوى الحية في المجتمع العراقي أن تنتبه، أن تفعل شيئاً مجدياً، أي أن لا تكتفي بكتابة المقالات رغم أهميتها. خاصة وأن ردة الفعل على مثل هذا القرار الاستفزازي قد تـجر البعض إلى مواقف متطرفة مضادة لا تجدي نفعاً، لأن الرفض وحده سيعطي الحركة الإسلامية السنية والشيعية فرصاً أكبر لمداهمة المجتمع العراقي بقرارات أكثر قسوة من القرار المذكور.
يجب حشد العراقيين على أهداف محددة تتأسس على ثقافة حقوقية واضحة تتعلق بحقوق المواطن المدنية والسياسية، وعلى مفهوم الصراع الديمقراطي طويل النفس، لأن ردود الفعل السريعة والمتطرفة تضر أكثر مما تنفع. فهي قد تعيد نفس الفوضى والأخطاء التي عمت العراق بعد 1959 وكانت النتيجة خراباً على العراق والعراقيين.
يجب أن لا يتحول رفض القرار 137 إلى هجوم على مجلس الحكم كما يحاول أعداء الشعب العراقي ذلك، لأن هذا ليس في مصلحة العراقيين، فمجلس الحكم يمثل أكثرية الحركة الوطنية، ومهمته التي أيدناه من أجلها هي إعادة تأسيس الدولة، وعلينا أن لا نتوقع نتائج مثالية دائماً، بل صراعاً ديمقراطياً مفتوحاً، وعلى عاتق القوى الحية تقع عملية وجدوى ونتائج إدارة هذا الصراع. لأنه بدون إعادة بناء الدولة سيبقى مستقبل العراق مجهولاً. إن الاكتفاء بالرفض السلبي فقط لا يبني كوخاً فما بالك بإعادة بناء الدولة ؟!
ويصبح من واجب القوى الحضاري أن تساهم وبشكل فعال بتوعية جمهور وكوادر الحركات الإسلامية ذاتها من مغبة وخطورة النهج والثقافة الاستبدادية التي أنتجت هذا القرار. هنا تكمن أهمية ثقافة الحوار ومسؤولية الجهات المعنية : يجب أن نُفهم ذلك الجمهور وكوادره بأننا لسنا ضد التنظيمات الإسلامية لكننا ضد ثقافة الاستبداد. لقد اخترنا الديمقراطية لأن الصراع في ظلها ليس صراع وجود بل صراع مفاهيم تتعلق بمصائر وحقوق العراقيين، فالأصل في الشريعة وفي القوانين هو مصلحة الناس وليست مصلحة هذا الحزب أو ذاك. وأساس المصلحة في ظل دولة القانون هي الحقوق المدنية والسياسية التي يأتي في مقدمتها المساواة والعدالة. وإذا لم يلتزم الجميع بهذه القواعد الحضارية فإن فترة الالتباس وغياب الحلول قد تطول، وإذا طالت فإن شبح صدام حسين قد يظهر من كهوف ثقافة الاستبداد من جديد ولكن بقناع آخر ، وهنا تكمن المأساة أو المهزلة السوداء !!
القضية إذن قضية نهج استبدادي يريد أن يطل برأسه، وليست قضية قرار خاطئ فقط. علينا أن نحذر إذن، من هذا النهج وأيضاً علينا أن لا نعطي فرصة مجانية لأيتام صدام وبقية أعداء الشعب العراقي كي يخلطوا الأوراق وينفذوا على حساب معاناتنا وحقوقنا وأولها العراق، العراق الذي يجب أن لا يحكمه هؤلاء المرتزقة والأنذال من جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان