الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آليات السوق وسبل تفعيلها في العراق

فلاح خلف الربيعي

2008 / 6 / 20
الادارة و الاقتصاد


يمكن أن يشكل التحول نحو اقتصاد السوق والخصخصة، الإطار الصحي الملائم لزيادة إنتاجية المشروعات الخاصة والعامة وتحسين نوعية المنتجات وخدمة مصالح المستهلكين في إطار من المنافسة الكاملة في العراق ، بعد أن جرب العراق في العقود الماضية مظاهرعدم الكفاءة والرشوة والفساد وسرقة المال العام التي هيمنت على النشاط الاقتصادي للقطاع العام هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية من الخطأ الاعتقاد بأن الاعتماد على آليات السوق سيلغي وظيفة الدولة في توجيه النشاط الاقتصادي، كل ما في الأمر أن الدولة ستمارس وظيفتها من خلال آليات السوق وليس من خلال العبور من فوقها ، اي ستمارسها عبر سياسات مالية ونقدية ومصرفية وليس بقرارات فوقية وأوامر إدارية وبالتعاون مع قوى السوق الفاعلة وليس من خلال الوصاية عليها، ويتمحور دور الدولة حول القانون، وعدم إصدار القانون لحماية شخص أو فئة محددة، ومراعاة الحقوق الأساسية للأفراد، ووضع حد لتضخم القوانين والقرارات وتعدد جهات الاختصاص وتوفير الحماية للمستهلك ومنع الاستغلال وحماية البيئة والبت بالمعاملات الاقتصادية ولا سيما في مجال الضرائب دون تأخير.
وعليه فأن الاقتصاد العراقي في الظروف الراهنة بحاجة الى تفعيل إجراءات السياسات التجارية والمالية والنقدية والقوانين التي تدعم القدرة التنافسية وآليات السوق،كسبيل لتفعيل دور الأسعار وجعلها الأداة الرئيسية في عملية الإصلاح الاقتصادي،حيث يمكن لتلك التدابير أن تساعد على نجاح عملية إعادة توزيع الأدوار بين القطاع العام والخاص،كونها تسمح بتوسيع دور القطاع الخاص المحلي و الأجنبي و تساهم في خلق مناخ الاستثمار المناسب،كما تساهم في تحسين عنصر الكفاءة في استخدام الموارد.وبدون اتخاذ تلك التدابير يصبح من المتعذر إزالة مظاهر النقص والتشوه في السوق العراقية ،التي ساهمت في تكريسها السياسات الاقتصادية التي طبقت في العهود السابقة ، لتجعل منها حالة متأصلة في البيئة الاقتصادية و الاجتماعية العراقية و من أبرز تلك المظاهر :-
1-الاحتكارات التي منحتها الدولة لنفسها في مجال أنتاج واستخراج وتصفية النفط والأنشطة الصناعية الرئيسية والمرافق والخدمات العامة .
2- تطبيق سياسة تعويض الاستيراد، وما ترتب عليها من زيادة في الفروق بين الأسعار المحلية و الأسعار العالمية،وتكريس حالة انخفاض الكفاءة الإنتاجية .
3-الحوافز الصناعية التي قدمت لمصانع القطاع العام، كالقروض الميسرة، والإيجارات الرمزية للأراضي،و توفير الطاقة الكهربائية والوقود والمياه بأسعار مدعومة،والإعفاء من الضرائب .
4- استبعاد الأجانب عن من التنافس في السوق المحلية والدخول في النشاط الاقتصادي .
5- غياب الشفافية نتيجة لنقص المعلومات وندرة البيانات أو سريتها
6-غياب القوانين التي تحمي حقوق الملكية الفكرية و براءة الاختراع .
7- تغليب الهاجس الأمني على الاعتبارات الاقتصادية،دفع الى احتكار النشاط الاقتصادي الخاص من قبل رجال الأعمال المقربين من السلطة .
8- وجود مجموعة من الاختلالات التي ساهمت في تكريس مظاهر التشوه في السوق العراقية وفي مقدمتها الاختلال في الهيكل الإنتاجي نتيجة لهيمنة قطاع النفط الخام على المساهمة الرئيسية في الناتج المحلي الإجمالي والتراجع المستمر في معدل النمو الاقتصادي مقارنة بالارتفاع المستمر في معدل النمو السكاني،والتشوه في أنماط الاستهلاك،وعدم النضوج في المؤسسات العاملة في السوق العراقية،وبخاصة ضعف السوق المالية وعدم استيعاب النظام النقدي لجميع التدفقات النقدية وهيمنة الاقتصاد الموازي والسري على بعض جوانب السوق،وتعاظم وزن الأنشطة الطفيلية على حساب الأنشطة الحقيقية،وأتساع نطاق ظاهرة هروب رؤوس الأموال و توظيف الفائض في الخارج خاصة في الدول المجاورة،و انتشار مظاهر الفساد المالي في أجهزة الدولة .
أن تلك المظاهر لا يمكن إزالتها دون تغيير مسار السياسة الاقتصادية وتحقيق الإصلاح الاقتصادي،ويمكن أن يتم ذلك عبر مرحلتين:-
في المرحلة الأولى تتم إزالة كافة القيود الإدارية التي كانت تكبل السياسات المالية والنقدية وفي مقدمتها نظام الدعم،و تعويم أسعار صرف العملات الوطنية.
أما في المرحلة الثانية فيتم تهيئة الأرضية المناسبة لإجراء التغييرات الجوهرية في هيكل ملكية وسائل الإنتاج وأسلوب إدارة الاقتصاد الوطني.ويتطلب اجتياز تلك المراحل توفير الشروط المطلوبة لتفعيل آليات السوق وفي مقدمتها :-
1- ضرورة تشخيص الحكومة للأسباب الحقيقية لضعف أداء القطاع العام قبل أجراء أي عملية تعديل لهيكل الملكية فقد يعود ضعف أداء هذا القطاع الى عوامل ليست ذات صلة بموضوع الملكية.
2- ضرورة بذل الجهود لإقناع مؤسسات التمويل الدولية وبخاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،لتامين الدعم المالي والفني الكافي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
3- ضرورة الاستفادة من تجارب الدول التي شهدت عمليات تحول ناجحة نحو اقتصاد السوق، و كانت تعيش ظروف مشابهة لظروف العراق .
4- ضرورة العمل على تقليص مظاهر التشوه في البيئة الاقتصادية و الاجتماعية العراقية من خلال :-
أ- تحرير الأنشطة الاقتصادية وبخاصة الصناعية والخدمية.
ب ـ تفعيل دور نظام الأسعار لزيادة فعاليتها في عملية تخصيص الموارد الاقتصادية .
ث ـ توفير إدارة اقتصادية فعالة للمشروعات، تحقق الكفاءة الاقتصادية.
ج ـ فرض قيود متشددة على الموازنة العامة لتقليص مظاهر الفساد المالي وتوفير الحوافز لتحسين الكفاءة الاقتصادية.
ح ـ إرساء إطار مؤسسي وقانوني لضمان حقوق الملكية الفكرية و براءة الاختراع.
خ ـ إرساء قواعد الشفافية وبخاصة القواعد المنظمة لعملية التحول نحو اقتصاد السوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسام بدراوي يحلل الأوضاع السياسية والاقتصادية بمصر تزامنا مع


.. معدن الكولتان في كينيا.. اكتشاف قد يغير اقتصاد البلاد ومصير




.. إنتاج -الأرزّ اللحمي- في مختبر بكوريا الجنوبية لحل أزمة المج


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 17-6-2024 بالصاغة




.. حزب المحافظين البريطاني يواجه خسائر تاريخية في الانتخابات ال