الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رثاء متأخر

هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)

2008 / 6 / 24
الادب والفن



الى الشهيد الناقد علي عبد الحسين مخيف الدعمي

عن طريق الصدفة دلني مقال صغير للدكتور باسم عبد الحميد حمودي في احدى الصحف العراقية امس الاول على خبر مفجع ومؤلم بالنسبة ليّ وهو في الذكرى السنوية لرحيل الناقد الاستاذ علي عبد الحسين مخيف ! أصابني الذهول للوهلة الاولى وأنا أقرأ هذا الاسم الذي رحل عنا من دون أن ندري قبل عام من الزمان ومن دون أن تكتب عنه الصحافة العراقية وبخاصة الصفحات الثقافية داخل العراق وان كانوا اصحاب الاقسام الثقافية في صحف العراق الان غير معنيين بالشأن الثقافي العراقي ووضعوا كرؤساء لهذه الاقسام عن طريق الحزبية والطائفية والعرقية وهم في حقيقة الامر لا تربطهم علاقة بالثقافة العراقية ! لكن شأنهم شأن الوزراء والسفراء والرؤساء في عراق ضاعت فيه كل القيم النبيلة !!

في اليوم الثاني من قراءتي لما كتبه الدكتور حمودي أتصلت في بغداد لأتأكد من صحة الخبر وكيف حدث هذا ؟ مع علمي أن الراحل علي عبد الحسين مخيف كان في ليبيا مع عائلته منذ أواخر عقد التسعينيات وحتى ما بعد سقوط النظام عام 2003 .

لقد أغتيل هذا الناقد الادبي المثابر بعد أن عاد الى بغداد ليعمل مستشارا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، وكان قد عاد في ظرف الانفلات الامني ، حيث القتل على الهوية والانتماء الطائفي في احياء بغداد ! أوقفوا سيارته التي كان يستقلها والى جانبه زوجته ام سرمد وطلبوا هويته وسألوه عن مذهبه فقال : لست سنيا ولا شيعياً انما عراقياً .
لكنهم تيقنوا من مذهبه لكون اسمه علي عبد الحسين ! فأخذوه من زوجته وعلى الفور قتلوه بطريقة أكثر من جبانة ومخجلة على القتلة الذين يرتدون ثياب الدين !

لقد أستشهد علي عبد الحسين مخيف الأديب والناقد والمثقف الذي سخر قلمه منذ سنوات طويلة لخدمة الثقافة العراقية في سراءها وضراءها ، وكان القلم الشريف النزيه الذي لم تتجرأ الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق ان تشتريه باي ثمن ، فقد ترك وظيفته في وزارة التعليم العالي ليكون بعيدا عن أنظار السلطة ليعمل كتاجر للقماش في شارع النهر بعد ان توارث محلاً عن والده ، لقد كان يعمل في السوق من أجل ديمومة حياة عائلته وعرف بدماثة أخلاقه ومعاملته الطيبة مع الجميع ، وفي نفس الوقت كانت مقالاته النقدية في الصحف والمجلات العراقية والعربية واحدة من المقالات الرصينة التي عُرّفت بالادب العراقي ، فمن المخجل على أتحاد ادباء العراق ورئيسه الناقد فاضل ثامر أن يمّر عام باكمله من دون رثاء او خبر أستشهاد علي عبد الحسين مخيف الدعمي والذي رفد الحركة الادبية العراقية على مدى عقود من الزمان بمقالاته ودراساته ولا يضع خبر أستشهاده في موقع الاتحاد !!

ومن المخجل على وزارة الثقافة العراقية المتمثلة الان بشاعر المجلس الاعلى للثورة الاسلامية جابر الجابري ان تتناسا ذكر هذا الناقد الشهيد الذي كان نبراساً بالاخلاق والعلم والمعرفة ..

لقد أستشهد هذا الناقد برصاصات القتلة والمجرمين منذ عام مضى من دون أن يعلم به أصدقاءه ومحبيه خارج العراق بسبب التعتيم الاعلامي حتى على الموتى من الادباء !

الكل يتصارع على نفط العراق وثرواته من سياسيين وقتلة وارهابيين ورجال دين وصحفيين وادباء ورؤساء تحرير الصحف والاقسام ودول الجوار وامريكا والخاسر الوحيد هو الشعب العراقي ، هذا الصراع الدامي على السلطة والمال جعل من المثقف العراقي أن يحذو حذو السياسي ليعتلي سلماً وظيفياً في هذه الوزارة او تلك او في هذا الاتحاد او ذاك ، بينما علي عبد الحسين مخيف وامثاله الذين قتلوا بنيران الطائفية والعرقية لا احد يذكرهم ولا احد يكتب عنهم مرثية واحدة !!
للاسف الشديد هذا حال العراق اليوم في ظل تلك الصراعات المريرة المخجلة !!

فالتعذرني يا ابا سرمد ايها الشهيد ( علي عبد الحسين مخيف ) لم أعلم باستشهادك الا يوم امس من مقالة الدكتور باسم عبد الحميد حمودي في ذكراك السنوية ، وانا في منفاي البعيد ، ويعلم الله كم أصابتني مرارة الألم على فراقك القاسي على نفسي وروحي ، أعان الله عائلتك على هذا الفراق .
والعار كل العار على القتلة الاوغاد الذين قتلوك لاسمك ليس إلا فأي أنحطاط وصل العراقيون إليه في هذا الزمن الاغبر !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد


.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد




.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا