الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


االتحولات لدى الاسرة العربية المعاصرة

فدى المصري

2008 / 6 / 20
العلاقات الجنسية والاسرية


في المجتمع العربي المعاصر الذي يتعرض إلى تغير في بنيته من خلال ما نلحظه على سلوك أبناءه داخل المجتمع ، وذلك عبر تبني مفاهيم قيمية جديدة ، تحت العامل التثاقف والاحتكاك الثقافي مع الحضارات المختلفة ، وهذا الأمر يعود بفضل وسائل الاتصال والتواصل العالمي والمحلي . ولعل ما نرى من التغيرات البارزة هو في دور الأسرة وتوزيع المهام بين المرأة والرجل ، حيث نجد تبادل بالمهام والأدوار بين كلا الطرفين عبر مشاركة في الأدوار المناط لكل منهما ، إلا أن التغير البارز هو ما تمارسه المرأة داخل الأسرة من عنصر تابع إلى عنصر مشارك أو مستقل بغض النظر عن البيئة الاجتماعية التي نتحدث عنها في الوطن العربي .
ولكن المفارقة هنا ، هل أن "سي السيد " قد اختفى داخل الأسرة العربية المعاصرة؟ هل الدور الدكتاتوري للرجل في الأسرة كرب لها والقائم عليها قد تبدل وتقلص ؟ كيف لنا أن ندرك هذا الدور الذي آل أليه كل من الطرفين ضمن الأسرة الواحدة ونتيجته على بنية المجتمع ؟
موضوعنا هنا سوف يركز على دور الأب هل مثل ما كان قديما ً هو الرجل الشهم القوي؟ يعني هل مازال هو سي السيد الآمر الناهي إذا قال كلمة الكل يسمع وينفذ داخل الأسرة وفقا ً للسلطة الذي يمارسها وفق قوامته؟
طبعا نجد انه لم يعد الرجل مثل الأول، شخصيته بالأسرة صارت ضعيفة بسبب التغيرات الاجتماعية والتغيرات التي طرأت على صورة المرأة، كما أن المرأة بعد أن دخلت مجال التعليم والعمل أخذت كثيرا من سيطرة الأب وصارت المرأة المثقفة والمتعلمة وتعمل بجانب الرجل وتساهم في الصرف على الأسرة. حيث نجد أن الوظائف التي تقدمها الأسرة لأفرادها من عاطفة وحنان للأبناء ، والدور الاجتماعي الذي يتمثل بالإنجاب الشرعي للأطفال وحمايتهم اجتماعيا ً ، والدور الاقتصادي من تأمين حاجيات الأفراد الأساسية منها والكماليات ، عدا عن الاستقرار النفسي والذهني . وكل هذه الأدوار أصبحت تمارس من قبل المرأة إلى جانب الرجل ؛ إذا ما قلنا أنها قد تتفرد في المسؤولية عبر اتخاذ القرارات الحازمة تجاه الأسرة ، وقد أتت هذا التغير من خلال ثقة الرجل الذي قد منحها للمرأة عبر ما أثبتت من خلال ذلك رجاحة العقل ، والقدرة على تحمل المسؤولية ، تبعا ً لما تعرضت إليه مكانة المرأة داخل المجتمع ، بفضل نيلها التعليم وحيازتها الشهادات العلمية المختلفة التي نورت ذهنيتها وأضافت وعي في ذهنيتها الفكرية ، وذلك عندما استغلت هذه الشهادات في ممارسة دورها المهني ، والاقتصادي ، ومن ثم تدخلها بالشأن الاجتماعي المحلي عبر المنظمات والحركات الاجتماعية المختلفة من جهة ،إذا ما قلنا تدخلها السياسي ، وإن نجد هذه المشاركة قد تبدو خجولة نوعا ما . كل هذه الأمور قد سببت في تغير مكانة المرأة داخل الأسرة ، وعبر ما تتحمله من مسؤولية اقتصادية وتحمل نفقات الأسرة المادية ، في حين نجد أن هذه المرأة ، أي الأم سيطرت على الأسرة وتشكل جبهة ضد الرجل مع أبنائها، هذا إذا ما قلنا استسلام الرجل أي الأب لهذه القوة المجابهة له داخل أسرته ؛ أن هذا خطأ تتصدى له الجبهة الداخلية في الأسرة وتقول له لا هذا صح وأنت الغلط، الصورة الذهنية للرجل عن دوره في الأسرة اختلفت وما عادت صورته مثل صورة أبيه وسلطة أبيه، التي سادت في المجتمع القديم. وقد تغير مع هذا الدور موقف الرجل والنظرة إليه ، فلم يعد ذلك الرجل الذي يشكل الحامي للمرأة الذي يمثل لها الأمان ، والسند ، والنخوة ، وفق ما يتمتع به من شرف وإيباء ألذكوري وشهامة الرجل بعزة النفس وكبرياء الذهني لدى شخصيته الذكورية . قد تبدل ليحل مكان هذه النظرة الاستقلالية والإتكالية والعجز نوعا ما تجاه الرجل ، فنجد الانصياع للمرأة في أقوالها وأعمالها وأفكارها وقراراتها ، رغم سيطرة المجتمع الذكوري لدى البيئة العربية وإن اختلفت نسبة هذه النظرة من بيئة لأخرى .
ولكن المسألة هنا كيف انعكس هذا التغير على دور الأسرة الأساسي ألا وهو التنشئة الاجتماعية للأبناء ولا سيما تنشئة الذكور. هل هذه المشاركة قد أضفت مزيد من الايجابية للدور التربوي ، أم شكل عائق أمام تنشئة فعالة للأولاد وفقا ً للمبادئ الأخلاقية والاجتماعية الموروثة عبر الزمن. المسألة هنا نجدها من خلال الفهم الخاطئ لكل من دور المرأة والرجل وخاصة الفهم الخاطئ للتحرر الجندري الذي تنادي بيه المرأة داخل المجتمع ، فالمهم الخاطئ هذا نجد انعكاسه عبر ما تبثه وسائل الإعلام في تجسيد واقع الأسرة العربية من برامج ومواد درامية التي تجسد دور الرجل داخل أسرته ، بالدور المخالف لما هو موروث عبر الزمن ، من خلال عرض لشخصية مهزوزة ، أو مسحوقة أمام شخصية المرأة . وكما نجد من خلال الأجيال الشابة وخاصة لدى فئة الذكور من فقدان لمعايير أساسية في تركيبة الذكورة القديمة والتي سادت الحقبات الزمنية القديمة للمجتمع العربي من النخوة والإيباء والشرف، وتحمل المسؤولية ، والتفرد بالقرارات واتخاذ القرار بملء الإرادة بمعزل عن الآخرين ، كل ذلك ساد بفضل سيادة تنشئة اجتماعية خاطئة ، تمت من خلال نظرة خاطئة لتوزيع الأدوار والمهام داخل الأسرة ، وكذلك من خلال رؤية تحررية تدعو إلى الاستئثار والتحكم للمرأة ، عوضا ً عن المشاركة في بينا الطرفين ضمن الأسرة الواحدة . ولعل سيادة تفكك الأسرة التي نشهد بوادرها من خلال الأجيال القائمة ، ومن خلال ارتفاع نسبة الطلاق ، ومن خلال انحراف الأبناء سلوكيا ً وأخلاقيا ً هو وليدة هذا الفهم الخاطئ لعلية التحرر والمساواة التي وضعناها كشعارات زنانا في كل المآدب الثقافية الرسمية والشعبية لدى المجتمع العربي .
فأي رجل نريد .......... وأي شخصية ذكورية نتطلع ............... وأي تحرر نسائي نبغي ............ وأي تركيبة أسرية نستهدف ..............
وهل هذا ما يساعد على توازن المجتمع وضمان بقاءه عبر الحفاظ على تركيبة نواته الأسرية ؟
كل هذه التساؤلات ليست وليدة الطرح الفكري إنما رؤية تراها شريحة من النساء كونتها ، عبر الوضعية الأسرية التي آل إليها المجتمع العربي المعاصر ، فلم نعد نجد من يطمح للزوجة كشريك لبنية الأسرة وتركيبتها عبر الدور التربوي فقط ، إنما التوجه للزوجة كمساعد في التامين المعيشي الاقتصادي الذي بات الرجل عاجز عن تفرده في هذا الدور تحت عجلة التدهور الاقتصادي للمجتمع وزيادة متطلبات الحياة وكمالياتها التي لا يمكن الاستغناء عنها ، وفي ظل سوء وعي لدى بعض النساء تجاه هذا الأمر فنجد صورة أخرى من الاستئثار للمرأة داخل الأسرة ، وما تليها من رغبات تحققها ضمن إطار الدور الاقتصادي الذي تؤديه داخل الأسرة ، ولعل ما نجد غالبا أن الأبناء هم من يدفعون الثمن بالدرجة الأولى ، ومن ثم المسنين داخل الأسرة وما يتعرضون له من إهمال نتيجة رضوخ الزوج لمتطلبات المرأة وإرادتها . وما إليها من مشاكل تتعرض إليها الأسرة العربية المعاصرة من تفكك اجتماعي ينعكس على بنية المجتمع بالدرجة الأولى .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشاركة أمال دنون


.. المشاركة رشا نصر




.. -سياسة الترهيب لن تثنينا عن الاستمرار باحتجاجاتنا المطالبة ب


.. لبنى الباسط إحدى المحتجات




.. المشاركة نجاح حديفة