الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب العلمانية في العراق وطبق الذهب

وسام محمد شاكر

2008 / 6 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتداول اليوم في الشارع العراقي الكثير من الحديث والجدل بالشأن الديني والعلماني ، ولعل الرأي الأكثر جذباً وسخونة هو الذي يميل الى توقعات في تقدم حظوظ القوى السياسية العلمانية العراقية في إنتخابات مجالس المحافظات المزمع إقامتها في العراق أزاء تراجع شعبي وإنقسامات حادة في الكثير من المؤسسات والكتل السياسية الدينية ، نتيجة لإفرازات خمس سنوات مضت كان فيها السياسي الإسلامي اللاعب الأبرز حيازة على الساحة السياسية في البلد ، وإذا ما كانت التوقعات في محلها فعلى القوى السياسية العلمانية ان تدرك عدة حقائق ربما تتيح لها قراءة الواقع السياسي بمنظار اخر أكثر إنسجاما مع الواقع الحركي للمجتمع العراقي الذي رفض منذ اليوم الأول لسقوط الطاغية لفكرة ( ولاية الفقيه ) رغم مظاهر الرهبنة التي اقحمت على المجتمع العراقي من أجل تحقيق مكاسب سياسية وحزبية ضيقة بدءاً من كلمة ( مولاي جنوباً ............. وصولاً الى الزي الأفغاني غرباً ) ورغم ذلك ألتزم الكثير من العراقيين بمبدأ الوسطية رغم شدة الصراع الطائفي الذي انفلت كحصان جامح بعد حادثة الأماميين العسكريين ومن ثم العودة الى التهدئة النسبية ،ومن كل هذا كان المتضرر الوحيد هو المواطن الذي فُرض عليه ان يعيش وسط كانتونات مذهبية بنيت إجتماعياً على اسس طائفية ومذهبية كمحاولة لضرب نسيج المجتمع العراقي المتصاهر في الصميم لينتج من هذا كله ردة فعل في الفكر الجمعي من الرهبنة والتطرف ليسلم الجميع بظاهرة الصحوة كحل يطّبق على مافي البئر من عفونة طائفية .
من هنا يستطيع السياسي العلماني ان يعلم ان الشعب العراق شعباً لايستطيع المكوث في الجلباب الرهبوي والتطرفي والطائفي طويلاً في نفس الوقت هو لايحبذ الإرتماء بأحضان الخصوصية العلمانية التي هي تعني ( إستبعاد الحس والشعور الديني من نظرة الفرد الى كافة الأمور التي تتعلق بحياته وعلاقاته وسلوكياته اليومية فيبعد الفرد الدين وتعاليمه تماماً من حياته أويقتصر تأثير الدين في حياته على مجرد كونه مجموعة من الطقوس والشعائر التي تتعلق بالإيمان الشخصي ) إن هذا التعريف البسيط إذ ما طبق قد يخلق ردة فعل مشابهة تماماً لماحدث في المحور السياسي الديني ويعيد الكرة الى ملعب الأخير مرة اخرى ، إن الشعب العراقي رغم تنوع ثقافته هو بطبيعته يؤمن بالكثير من المفردات الدينية التي يجسدها في الواقع اليومي بكل حرص كـمبدأ الحلال والحرام والكذب والصدق وهذه المفردات هو يستقيها بالفطرة من منابع دينية بحتة من العبث التلاعب بمناسيبها إطلاقاً ، إضافة الى الأعراف والتقاليد التي من الممكن للعلمانية ان تعزف على اوتارها بلغة الإصلاح كـ حرية المرأة وحق التعليم وحرية التعبيروإشاعة ثقافة الإختلاف بقالبها القانوني وإعادة صياغة وبلورة مفهوم الديمقراطية من خلال ترسيخ مثلاً فكرة( تنتهي حريتك عند حدود حرية الأخرين ) اما عمومية العلمانية والتي تعني (ابعاد المؤسسات الدينية عن ممارسة اي تأثير او لعب اي دور في اي من مجالات الحياة العامة بما في ذلك التعليم والتشريع والإدارة وشؤن السياسة والحكم ) ان من الغباء تحويل العلمانية الى اداة قمع ونفي اللأخر واتاحة المبرر الحقيقي للتيارالسياسي الديني بلعب دور المظلوم والمضطهد من خلال التطبيق المتعصب والمفرط لبنود العلمانية في المجتمع العراقي ، فإذا كانت مثلاً الإدارة بحاجة الى تكنوقراط Professional إداري فهذا لاينطبق على التعليم اذ ما أخذنا مادة التربية الإسلامية واللغة العربية أو التشريع Legislation الذي يقره الدستور العراقي في المادة رقم 2 من الباب الأول ( الاسـلام دين الدولــة الرسمي، وهـو مصدر أســاس للتشريع ) وبما ان الإسلام هو مصدر اساس ولكنه في نفس الوقت ليس الوحيد فبإمكان الوسطية ان تلعب دوراً مهماً بين المحور العلماني والمحور الديني في تفعيل الكثير من مفردات الحرية إستناداً على المواد ( 17/37/38/39) التي تقر الخطوط العامة للحرية دون فرض أو إخضاع من هذا الطرف او الأخر.
لابد ان تدرك الأحزاب العلمانية بشقيها ( اليساري – اللبرالي ) إن الأنظار تتجه نحو ظفتهم ليس لكونهم علمانين !! بل لغاية البحث عن بديل للسياسي الديني ، فأن السنوات الخمس الماضية كانت تشهد حالة من السبات والضعف العلماني على المستويين التنظيمي والإعلامي فطبق الذهب الذي قدمته الأحزاب الدينية في العراق للقوى العلمانية يعد هدية ثمينة لابد أن يحسن العلمانيون إدارة دفتها كمرحلة اولى بالدخول في إنتخابات مجالس المحافظات المقبلة وتقديم أقصى ما يمكن تقديمه للشعب من خلال عمل سريع على الملفات التالية :-
1. الخدمات ( الكهرباء ، الوقود ، الصحة ، التعليم ) .
2. الفساد الإداري .
3. الإعمار .
4. البطالة .
5. التضخم .
6. الفقر .
حينها سيخلق رصيد جيد للإنتخابات البرلمانية القادمة وتغييرالإتجاهات السياسية من اتجاه الى أخر يؤمل ان تكون فيه مقاييس المصداقية والنزاهة والشفافية سمة عامة تسمو فوق المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية والوصولية المقيتة والتشرذم السياسي الذي شهده البلد ، فالطريق سالكة اليوم امام الأحزاب العلمانية والفرصة بدت أكثر قرباً بدليل تحول أكثر رجال السياسة الدينية الى ملعب العلمنة أملاً بالبقاء في الساحة السياسية عن طريق تحالفات جديدة وتحت يافطات وطنية براقة يأمل فيها الأخوة الخروج من الباب والعودة من الشباك كنوع من الأنانية السياسية ومحاولة للعب الدور العلماني بعد ان لعبوا الدور الديني فهي ياسادة ياكرام ليست عملية موضة وتغيير جلود على حساب بلد وشعب يبحث عن ابسط عوامل المواطنة وحقوق الإنسان الا وهي الماء والوقود والأمن .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة