الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبح تعودنا عليه إلى درجة السجود !

حسن إسماعيل

2008 / 6 / 22
الادب والفن


الإهداء ..
إلى مدعي التواضع

أعوذ بالله من كلمة " أنا "
أعوذ بالله من كلمة " حلم "
أعوذ بالله من كلمة " وطن "


على عرش كل الفضائل يتربع التواضع بكل زهو وكبرياء ، على رأس قائمة الصفات الحسنة نرى التواضع مرصع بالماس متبختراً ، بلا بوق أمامه ولا سجادة حمراء وبلا بهرجة الأضواء ، وبلا ضجيج هتاف القطيع والضوضاء .
محتجباً .. منعزلاً في صومعته .. برجه العاجي المكيف الهواء .
التواضع لا يتزاحم ولا يتصارع على الصفوف الأولى .. تقي .. روحي .. رابض آخر الكل.

التواضع .. هو نقطة الارتكاز للشخصية السوية ، بين قطبي الترنح يكون .
ثابت كالجبال ، عميق كالهاوية .
القطب الأول .. قطب الكبرياء المتكبر الذي يشعر أنه أطول الأقزام وأعلى الأعلون .. ومؤمن الكون وقديس المستقبل .. ومناضل الخصيان .. وعملاق العماليق .

والقطب الثاني .. هو صغر النفس والدونية ، بلا موهبة يكون . فقير الجوهر لا يملك غير العبودية وكلمة " نعم " .
يأكل لينام وينتظر الغد ليموت .
الكبرياء والصغر .. وجهي عملة الأنانية والتمركز في الرمال المتحركة .. والسباحة في البركة ..
والنظر طول الوقت في المرايا عارياً .. عارياً من كل شيء .. يترنحوا مع بندول ساعة الأنا يميناً ويساراً ..
أعلون مرة وأسفل الأقدام مرة ..
وهماً منتصرون مرة .. وهمجيون مرات ومرات
ثوب الحملان مرة .. ووحوش الغابات مرات
الكبرياء والدونية وجهي عملة الصفر .. الراسبين في امتحان الحياة
لأجل كل ذلك وأكثر .. اخترنا التواضع
الشجرة غير المـُحرمة
بعدنا أميال عن أرض السقوط
رحلنا نحو التواضع
بعيداً عن الغرق متشبثين بفـُلك نوح لا بطوق نجاة من القش
ما أجمل التواضع الشرقي
التواضع .. هو معرفة الذات على حقيقتها
هكذا علمونا بلا ارتياء الكبرياء فوق ما ينبغي
أو ارتيائه أسفل ما ينبغي
بلا قناع عماليق أو قناع الجراد في أعيننا أو أعينهم
من يشعر أنه أفضل من الجميع فالحقيقة هو من يخبيء أسفل جلده شعور بأنه أحقرهم .
ومن يشعر أنه أحقر الجميع فالحقيقة هو من يخبيء أسفل جلده هزيمة لم تغتفر .
لأجل كل هذا وأكثر تواضعنا .. وتواضع شرقنا
وأصبحنا كما نرانا ويرانا العالم على الهواء مباشرة
جثث لا حصر لها .. صراخ وعويل وحزن وفساد لا تسمعه إلا في منطقتنا
احباط لا مثل له .. ووأد للأحلام فاق وأد البنات في الجاهلية
قنوات فضائية لو غيرت أسماءها وسـُميت " قنوات الدم " لن نشعر بالفرق
حب للموت يفوق الخيال .. وعشق للدمار يشيب له الحيوان
خراب من أجل الخراب
شيئاً على ما أظن أنه لم يخطر على خيال لوسيفر يوماً
ما لم تراه عين وما لم تسمع به آذان ، وما لم يخطر على قلب ملاك ساقط أو إنسان
ما نراه اليوم من مقابر جماعية للأحياء قبل الأموات ..
وعشوائية للتوحش .. غاب حتى منا قانون الغاب
وسؤالي هل هذا هو تجسد القبح ؟!
ولأجل كل هذا وأكثر تواضعنا
منكسي الرأس ولكن قلوبنا تتصارع كالثيران
نظهر كأننا نصغي بكل حواسنا والحقيقة حوار للطرشان
نمد أيادينا لنتصافح لنتعاهد وخنجرنا في اليد الأخرى مختبيء خلف ظهورنا
نبتسم إبتسامات صفراء جرداء
وقبلات يهوذا لم تترك بصمات على وجوهنا الحربائية
تواضع القبر المكسور العين المزخرف بالعظام وبالرهبة من الخارج
وبالداخل يخبيء الزخارف والكنوز التي ينخرها السوس ويفضحها الصدأ
لأجل كل هذا تواضعنا
لكي لا نـثمسك في ذات الفعل .. فعل الكبرياء
لكي لا نـُرجم مع الأطفال المبهورين بتحليقهم
والمكتشفين لأول مرة ملامح غنائهم
الحالمين بالحياة الأجمل
لأغنياء الجوهر
هواة تجميع أحرف السؤال
العارفين بعض المعرفة .. المـُسبحين بالحرية
الغارقين حتى الثمالة في الأحلام
المتهمة بأنها أحلام مـُحرفة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي