الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي بعد انقلاب 8 شباط 1963

وصفي السامرائي

2008 / 6 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ليس الغرض من دراسة التاريخ البعيد أو القريب هو فتح الجروح أو إثارة المواجع بقدر ما يكون الغرض منه استنباط العِبر والدروس للحاضر والمستقبل .
لقد كلفت سياسة الحزب الشيوعي العراقي في سياسته المتمثلة في دعم عبد الكريم قاسم حتى آخر يوم من حياته الشيء الكثير فقد أدى هذا الدعم إلى انسحاب العديد من أعضاء الحزب منه ، وانفضاض العديد من الجماهير المساندة للحزب بسبب إحساسها بأنه لا يقدم لها شيء . في حين كانت القوى المناوئة لقاسم والشيوعيين تواصل سعيها الحثيث لإسقاطه وتصفية حساباتهم مع الشيوعيين . بينما كان قاسم يتخبط في تعامله مع مَنْ يتآمرون عليه . فهو لم يقدم على عمل يوقفهم عند حدودهم فهو كان يكتفي بإحالة الضباط الذين ترد أسماءهم في التقارير الاستخباراتية بأنهم يتآمرون عليه على التقاعد كأنه استسلم للقدر أو أنه غير مصدق إنَّ الضباط ممكن أنْ يتغلبوا عليه لنرجسيته التي جعلته يظن أنَّه محبوب الجيش ولا يمكن لأحد أن تسولَ له نفسه في الانقلاب عليه ، وهذا بالفعل ما حصل لنوري سعيد الذي كان يظن أنَّ مّنْ يفكر في الانقلاب عليه لم تلده أمه . إلاَّ أنَّ الانقلاب حصلَ ، وأعدمَ قاسم ورفاقه المقربين إليه من عسكريين ومدنيين ، ومن ثم قام الانقلابيون بمجازر غي طبيعية للشيوعيين .
إنَّ هذه المجازر إنما تدل على طبيعة العراقيين الاقصائية التي لا تقبل الآخر ، فقد أرادوا اجتثاث الشيوعية من على أرض العراق ولكنهم فشلوا لأنَّ الفكر أن يُشتث وحقائق ما جرى بعد الانقلاب أثبتت ذلك .
اليوم يحاول سياسيو العراق الحاليين القيام بذات الإجراءات التي حصلت في الماضي ، عن طريق تطبيق قانون اجتثاث البعث ، وغيره من القرارات التي أصبحت سيفاً مسلطاً على رقاب ملايين العراقيين . لم يستطع الانقلابيون الصمود ، فقد نشأ ضغط عالمي شديد عليهم من الرأي العام العالمي ،وكل القوى المحبة للديمقراطية ،والرافضة لاستخدام العنف في حل المشاكل بين الرفاق .
كما دب الخلاف بين صفوف الانقلابيون ،بسب هذه الجازر أولا وبسب التجاوزات التي حصلت بينهم ،بسبب رغبة كل طرف للاستحواذ على السلطة . مما دفع بعبد السلام عارف وحلفاءه من القومين إلى الانقلاب على البعث وتحميله ما جرى .ثم إن جرى في الانقلاب 8شباط ،يثبت إن القمع والاستبداد مهما قوى وطال ،لايمكن
إن يحمي من يمارس من السقوط .بل إن الإفراط بالعنف في تعامل الدولة مع معارضيها ،سيعطي نتائج عكسية وسيؤدي إلى مزيد من الأحقاد التي سرعان ماتنفجر ولا يمكن إيقافها بسهولة . ولنا في ما جرى بعد الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 من اقتتال داخلي إلا نتيجة للممارسات النظام البائد وممارسات القوى التي جاءت مع الاحتلال .لا سبيل كل مشاكل العراق إلا عن طريق قيام دولة ديمقراطية حقيقة ،يتم تداول السلطة فيها بشكل سلمي على أساس التنافس عن طريق البرامج السياسية ،والابتعاد عن كل إشكال الإرهاب الجسدي والنفسي في التعامل مع الناخب مع احترام الحريات الفردية وأهمها حرية المعتقد .
كما إن الاستقداء بالأجنبي في التعامل من تختلف معه من القوى السياسية لن يكون بصالحهم هم أولا ، لان الأجنبي عندما يساند قوة ما ،إنما ينطلق من أجندته الساعية إلى حماية مصالحه في العراق .
كيف تعامل الحزب مع الحكم الجديد :
ما إن قام عارف بانقلابه ،حتى اجتمعت الكوادر الشيوعية الموجودة في الخارج لتدارس نهج الحزب القادم .وكان المجتمعون كل من بهاء الدين نوري وثمينة ناجي وعامر عبد الله ونوري عبد الرزاق وآخرون.
قاد الاجتماع سلام الناصري الذي أراد أن يتبنى الاجتماع خط يميني ذيلي ،على حد قول بهاء الدين نوري وكان هذا التوجه بتأثير القيادة السوفيتية بسب علاقتها المتميزة مع نظام عبد الناصر ،وما لاح في الأفق من تقارب سيحصل مع نظام عارف .
وكان اجتماع الكوادر هذا تمهيدا لاجتماع اللجنة المركزية الذي عقد بعد شهرين ،أي في آب ،وقد جرى نقاش حيوي حد له عارض البعض وأيد البعض الآخر ، لكن الاجتماع أخرَّ التوجه في النهاية بالأغلبية الساحقة بواقع ( 112 ) صوت فيما عارض عزيز الحاج المرشح للجنة المركزية تحفظ آخر .
ملخص هذا التوجه يتمثل في كون الحركتين الشيوعية والقومية العربية تمثلان الطليعيتان في ذلك الوقت مما يتطلب التعاون بينهما ، على اعتبار أنَّ أنظمة برجوازية صغيرة على غرار نظام عبد الناصر وغيره من بعض الأنظمة العربية يمكن أن تتحول ، تحت ضغط المعسكر الاشتراكي إلى أنظمة اشتراكية وقد سُميَ هذا النهج فيما بعد بالتطور الرأسمالي .
قبل إعطاء أي رأي حول هذا التوجه ، لا بد من التنويه إلى أن نظام عارف كان يعاني من جملة مشاكل ، فهو من جهة لا يمتلك رصيد شعبي واسع كونه يتألف من مجموعة من الضباط القوميين المتناحرين ، والدليل على ذلك ما حصل من انشقاقات في الاتحاد الاشتراكي دون إغفال الانقلابات الفاشلة التي قام بها بعضهم كانقلاب عارف عبد الرزاق هذا بالإضافة إلى أنَّ حزب البعث لم ينسَ بعد الضربة التي وجهت له من قبل هذا النظام ، وقد ظلَّ يتحين الفرص للانقلاب عليه . هذا بالإضافة إلى سعي المرجعية الدينية لمحاصرة النظام عن طريق نعته بالطائفية من جهة و الاستقداء بشاه إيران فشرطي الشرق يومها ضده . وقد جلب التقارب الذي حصل بينه وبين الاتحاد السوفيتي ضد الإدارة الأمريكية يومها مما دفعها للسعي لتشجيع ودعم القوى الساعية لإسقاطه . وهو ما تم فعلا في 17 تموز 1968 .
لقد كان النظام إذاً محاصراً ويحتاج إلى أي قوى لكي يتحالف معها كان يمكن للحزب الشيوعي العراقي بقاعدته الجماهيرية الواسعة أن يكون هذا الحليف . وقد اعترف بذلك السيد هارون محمد السياسي العراقي في برنامج على قناة المستقلة بهذه الحقيقة ، كما أنَّ التحالف الذي حصل بين الحركة الاشتراكية العربية والقيادة المركزية بعد انقلاب تموز 1968 يؤكد هذه الحقيقة . إلا أنَّ القاعدة ، قاعدة الحزب الشيوعي العراقي كانت قد فقدت الثقة بتحالفات الحزب مع الأنظمة الحاكمة . وقد دفعها هذا إلى معارضتها الشديدة لمعارضة هذا التوجه وضغطت على القيادة لتدفعها إلى التخلي عن موقفها هذا وتتبنى نهج إسقاط النظام عن طريق انقلاب عسكري وهو ما سُميَ يومها ( العمل الحاسم ) تسنده الجماهير المسلمة وهو ما عرف يومها بـ ( خط حسين ) لكن العناصر اليمينية في اللجنة المركزية ، المتمثل بالثالوث ، عزيز محمد وعامر عبد الله وبهاء الدين نوري ، على حد قول حكمت خازن دار لم تكن جادة في مسعاها هذا . على الرغم من قيامها بتطعيم اللجنة المركزية ببعض العناصر ذات التوجه اليساري . وإيغالا في نهجها هذا ، فقد قرر في أحد اجتماعات المكتب السياسي عام 1966 تقرير عودة عزيز الحاج . وفي أواخر نفس العام عقدت اللجنة المركزية اجتماعها الكامل بتوافق على عودة الحاج إلى أرض الوطن ، لأنَّ أكثرية الكوادر والقاعدة كانوا ينظرون إلى الحاج على أنه رمز اليسار في الحزب . وعند عودة الحاج إلى الوطن ، عقدت اللجنة المركزية اجتماعاً بكامل أعضاءه ، لتنتخب عزيز الحاج عضواً أصيلاً في اللجنة المركزية ومكتبها السياسي بعد أن أعطوه مناصب حزبية

شي هذا مهمة ،كقيادة تنظيم بغداد ومسوؤل العلاقات الوطنية وما إلى ذلك .
لقد كان اليمين يشعرون بجراحة موقفهم ،فالقاعدة تطالب بعقد المؤتمر ليعملوا على انتخاب قيادة جديدة تمثل توجهها
بينما تريد القيادة انتقاء المندوبين إلى المؤتمر بما يلائم توجهاتهم .
كان مسعى القيادة في دعمها لعزيز الحاج لكي يدفعوه إلى الانشقاق على حد قول حكمت خزن دار .
وهو ما حصل فعلا فقد قام عزيز الحاج وبعض الرفاق في اللجنة المركزية باعتقال كل من بهاء الدين نوري وزكي خيري في عملية بوليسية ،لكنهما استطاعا الآفلات من قبضة مختطفيهم .
ثم تحولت بغداد وشوارعها ،حسب قول حكمت خزن دار إلى الساحة حرب بين اللجنة المركزية والقيادة المركزية ،والأوكار الحزبية
لكلا الطرفين تهاجم ،والسماء الحزبية الصريحة تتردد إمام مرأى ومسمع أجهزه الأمن










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة