الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسد والذبابة وديك الجيران

جميل محسن

2008 / 6 / 23
الادب والفن



أحلام الأسد
غفوة صغيرة , بانتظار الوليمة , مل التطلع نحو الأفق , ومراقبة تجمع الطيور الجارحة , ماعاد شم ماتحمله الريح يحفزه وينعشه , اللبوات من يقوم بالعمل , وألا مافائدة الإناث ؟ , دفعهن لأداء المهمة , سيتوالى منه اللهاث والقضم فوق جسد حمار الوحش , فور صيده , يكثر في هذه الأنحاء قرب مجرى الماء , يبدأ بالتمزيق , البطن المنتفخة أولا , يغوص برأسه في لجة من اللحم الطري والدماء الدافئة , يحمر الفم والأسنان , ولن يسمع من حوله غير همهمة المفترسين , أطربت غروره همسات الضباع وتحركاتهم الحيرى , لازالوا يستوطنون قربه , بانتظار مايتركه واللبوات والأشبال , تعلم الضباع أن الأفواه الواسعة والقواطع الكبيرة , لاتجرد العظام من لقمة يتكالبون عليها , هذه المخلوقات الغادرة الحقيرة التي يود أحيانا تقطيعها اربآ لولا سرعتها في الهرب والاختفاء , قدر الأسود الريادة والبطش والتهام طري اللحم مهما طال الانتظار , لولا هذه البطن الخاوية التي تفرض الصحو وتمنع الغفو, والأحلام , أمامه البراري الشاسعة دالة على سطوته , هي ملكه إلى حيث قدرة قدماه على حمله , والأبعد , مايسمعه الأعداء والمتطفلون من صوت زئيره يطلقه عاليا مرهوبا , ذهبت الأيام الخوالي , امتلك الجاه والهيبة والإناث والأشبال , وسكن وهدأ وافترش العشب ككل ليث قائد تأتيه الفرائس لذيذة طرية , فتح عينيه لم يعد ير غير الأفق المعتاد , وتكاثر الضباع وهمهماتهم المتزايدة , ود لو يسحقهم هذه المرة ويخيب مبتغاهم , فجوعه الشديد وانتظاره سيجعله يلتهم الطريدة كاملة مهما كبرت , ولتبق للضباع الحسرات , مالهم يقتربون ! ولماذا تأخرت العشيرة ؟ علمتهم القنص والإقدام , هل عادوا كسالى أغبياء , وتفرق جمعهم ؟ كل يبحث عن حصة وان صغرت , واستوقفته الفكرة , سينسونه لحظتها , ربما فعلوها ! سيعاقب الهاربين , سينهض ويبطش بكل من حوله , وأولهم أولاد أل ... الضباع , مابال جسده لايتحرك ورجليه لاتحملانه ؟ حتى رقبته عجزت عن رفع رأسه , وتهدل شعر الملوك الكثيف حتى غطى منه العينين , لاحركة يبديها ولا إحساس غير سماع تنفس مزعج , واحتكاك , وكأن فأر يقضم ذيله , يجره , يسحبه , يحاول قطعه , كفعل الضباع مع الجيف !؟ , لا لا يمكن , ليس هو والضباع , سرت رجفة وتمددت في جسده , سينتفض, ولكن من أين يبدأ ! , والألم يتصاعد , والأنياب تطبق على إنحاء جلده السميك المتغضن , فتح فكيه ليصرخ , تدلى لسانه باهت اللون , بانتظاره وجد فك آخر يلتقطه , ماتبقى بعد حين عضامه وتاج الشعر الكثيف , النابت فوق جلدة رأسه , تركتها الضباع , تحكي أسطورة أحلام الأسود والملوك .

ذبابة في قدح

لو عرفتم حالي الآن , لعذرتموني جدا , فلا استطيع حتى الطنطنة , فما بالكم بشرح مفصل ! , وبصراحة أنا اغرق , أحاول جاهدة وبيأس أن أطيل بقاء رأسي على الأقل , خارج هذا السائل الدبق اللذيذ القبيح الذي سيسلبني روحي , فرشت جناحاي على سعتهما , حل مؤقت لعل وعسى , ستجبيون بأنه ذنبي , فما الذي حشرني في هذا القدح المملوء لنصفه بسائل اصفر دعته المرأة ب (الشربت ) , وأصرت أن يكون هو كأسها الأخير , واستجاب الرجل كأي ذكر تتلاعب بعواطفه عاهرة !, نعم ولن اخجل من قولها , مصيبتي ونهاية حياتي تتعلق بمزاج عاهرة وداعر , وربما ضعف شخصي غريزي انسبه لقلة التجربة , ولكنها مع الأسف تبدو الأخيرة , مادام هذا القدح لم يكسر , ولن يتحرك , والنهار بعيد , وأنا مبتلة يتسرب الماء إلى جسدي ويثقل أعضائي ويسحبني نحو الأسفل , ولعل آخر ماسأرويه يتحول إلى عبرة لا اهتم بمن ولمن سيعتبر , بقدر حزني على مافي أحشائي من حياة لن ترى النور بعد أن فقدت الأب, وووو.... .
أبو دينا وأنا , قصة ساحرة , مليئة بالأفراح والسعادة والليالي الملاح , والغناء والشراب والطعام اللذيذ , وبالمناسبة سأعرفكم بنفسي , أنا ذبابة فتية يافعة , سريعة الحركة , استوطنت عالم أبو دينا السكير , الثمل الدائم ليلا , تنتصب الأقداح , ويتصاعد مجونه والانشراح , وحده في غرفته , أمام جهاز التلفاز وزميله الستلايت وبجانبه الموبايل , ماتبقى يخصه في الدار زوجة وابنة , يفقد الاتصال معها حال بدء الحفلة , الزوجة تقوم بالتحضير والخدمة , وأنا وسط هذه الأجواء أطير , أواصل الطنطنة والتنقل بين الصحون والأقداح , يحاول إبعادي أولا ثم ينسى ويدخل عالمه السحري المليء بالمفاجآت , ثم بعض الهدوء , وحتى غناء يجيده ولا يحب الإطالة , وقبل انتهاء الشراب تأتي صحون الطعام , يأكل وينوع قليلا ثم يترك لي الباقي , بعدها تخفت الأضواء , ويقل ثم ينعدم الضجيج , وتأتي المرأة تحمل زوجها صوب الفراش , ثم تتحول لتنظيف الصحون , واذهب أنا إلى ركن مظلم قصي , أتكوم هادئة , لايزعجني بعدها إلا طنين أمثالي يوقضهن ضياء الشمس , ولا أشاركهن الدوران ولا البحث والعناء , فصداقة أبي دينا تكفيني , وتصيبني بخدر لذيذ أحيانا , حين يرفض مصاحبة زوجته , ويصر على أقداح إضافية , ويفترش الأريكة ذاتها التي يجلس عليها نائما حتى الصباح , وأتحول طائرة إلى وجهه أو رقبته , أرسل خرطومي عميقا في مسامات جلده , لتأتيني حموضة وملوحة وخدر ونوم عميق , استفيق منه بعد الفجر وأشعة الشمس تتسرب نحوي من الشباك , ولكن مابال كينونة الحي تستهويها لغة المشاكل بشرا كان أو ذبابة ؟
تورط ابودينا في المحذور وفعلت مثله وحتى قبله , كنت بصراحة لا أود صحبة أمثالي كما أوضحت , وحتى ترتيب حياتي يختلف عنهم , إلى أن هزني القدر وجاءني الذكر , قويا مقتحما هدم معبدي , وجعلني ملك بنانه , نتقافز معا بين صحون أبي دينا , يعيد على مسامعي تكرار الحديث عن جنس الذباب , وصراع البقاء , وواجباتي التي أهملتها تجاه بنو جلدتي ! , حدثتنا أمي عن أمثاله , ولم افهم أو استمع جيدا فخطابها جماعي وعددنا كبير , ثم رحلت , مابقي في ذاكرتي هو توخي الحذر , ولكن كيف وقد استوطن ظهري , هذا واجبي كما شرحه لي وهو يتمسح بإذني , وقد أحاطت أرجله الستة بجسدي , احمله وأطير , وأتوقف وأواصل من الصباح حتى المساء , ويتركني مرهقة عند حلول الظلام , لأسرع منهكة نحو مائدة أبو دينا , جائعة , راغبة بالطعام , أكثر من ذي قبل , أتذكر أحيانا صنفا معينا وأنام في طبقه , وتركني الذكر , لم اعد أراه , ربما ارتاح ظهري , ولكن أحشائي تتمزق وتتمدد وتكبر بطني , وتثقل حركتي , لابأس فهمت , حملني الذكر استمرار جنس الذباب , وانتقل ليستقر على ضهر ساذجة أخرى , ولكن ماعلاقة ما ارويه بما أنا عليه الآن ؟ ممدة فوق سطح السائل الأصفر , وأكثر من نصف جسدي غاطس في اللزوجة! , هل أعيد بدء الحديث ؟ عرفتم الآن ولا شك من هو الداعر وقضيه حملي منه , وأعود بكم لحديث العاهرة , وما ورطني به أبو دينا بأفعاله الشائنة عند سفر عائلته , أخذت الزوجة ابنتها وارتحلت لبضعة أيام تزور ابنها المتزوج , ليبرز الوجه الآخر لهذا الثمل الحمل الوديع ! , داعر هو الآخر ! , تبدو الخيانة وكأنها تسري لديهم مع الدماء ! , سرعان ماجلب أنثى صغيرة مثيرة تتوهج في ثوبها الأحمر , وتتراقص أردافها وتتغنج , وأتعجب أنا من أفعال دلالها وكأنها قد خرجت من كورس فتيات التلفاز, شرب أبو دينا يومها أكثر من العادة , وضحك وطرب وغنى أكثر من المألوف , ثم تعالى صراخه بعد تزايد طلباتها , وكأنها تود اعتصاره , ثملت هي الأخرى ! , وتحولت إلى المطبخ , وقعت عيناها على قنينة شراب موضوعة على الرف , طلبت من أبو دينا إنزالها فامتنع وابتدأ الصياح .
هو – هي لام دينا لا تدخليني المتاهة .
هي – سأشرب منه اليوم وفي هذه الليلة .
هو- انه شراب برتقال عادي , لا يستحق كل هذه الضجة , جلبت لك كل ماتشائين .
هي – ألا هذه , سأمتنع أتفهم ؟ , ستصيبني الكآبة , وأنام مبكرة .
عدنا إلى غرفة أبو دينا مع القنينة , فتح سدادتها , وملأ لها كأسا وعاد بالباقي , ودخت أنا ,غطت رائحة عصير البرتقال المعتق على كل ماعداها , وملأت خياشيمي , وكل مساحات جسدي , وكأن بيضة اثر بيضة في أحشائي تنفست وانتعشت من رحيق قداح ماقبل الثمر , سأهبط حتما في القدح لأرتوي , ولكن بعد أن تنتهي هذه العاهرة من الارتشاف , لايهم مقدار ماستشربه , يبقى هنالك دوما خيطا من ثمالة تلتصق بالزجاج , اهوي بجسدي نحوها , ولم يطول انتظاري , تشاجرا لسبب آخر , وتكسرت عدة صحون وأقداح , وهربت وذهب يركض ورائها , وسلم قدح العصير , لازال ممتلئ لنصفه , وفي عالم الذباب نتداول بعض القواعد والقوانين ولا نخرقها , ومنها الحذر وعدم الانزلاق , والهبوط عند الحافات , ولكن المحاذير تزول ساعة الرغبة العمياء , والشهوة المجنونة لامتصاص حتى قدح كامل , هو ما أحاول السباحة فيه الآن , ولكني وبصراحة الصحو والواقع , عالقة واغرق , رميت بنفسي وجسدي نحو قدح العصير , وتلقفني الدبق واللزوجة , غاصت الرجل أولا , وها أنا أتجول بناظري لضوء النجوم من فوقي تارة وبحسرة , وأتطلع بألم لاستكشف قعر القدح حيث سيستقر جسدي , حاملة بيوض لن تفقس , ولن ترى الحياة , غطس كل جسدي ولم يعد لي غير رأس يتنفس , ويناجي مايراه من سماء , وينطلق مني الدعاء واللعنة لأجل مصيبتي أنا وذريتي على من كان السبب .
الذبابة – أيتها العاهرة أتمنى لك أن تحملي بسفاح , لتذوقي مر العذاب .

ديك الجيران
نعم أنا هو , رمز الفحولة والقوة والكبرياء , وذاك اللعين غريمي , ومانعي من الاقتحام , وتحريم ماحلله الله لي , هو وحده من تجرأ على الإمساك بي , اعتصار جسدي بين ذراعيه , يلف أصابع يده اليسرى حول رقبتي ويضغط , أحيانا بقوة , ليذكرني بسطوته في داره , أنا الذي يسميه هو ديك الجيران .
أعيش في قفص مفتوح مع دجاجتين , لاتصلحان قطرة في بحر فحولتي , في بيت الجيران قفص كبير , تحشر فيه أكثر من عشر دجاجات سمان بياضات زاهيات الألوان , لا يبدو على جارنا انه في وارد إحضار ديك , يطفئ الظمأ , هو يبحث عن البيض للأكل , لا للتلقيح والتفقيس وعوائل سعيدة تصوص وتجري , عشر من دجاجات الشركة الضخمة المليئة بالحياة ! , مغلقة عليها الأبواب , وعندما أتطلع إلى عائلتي الصغيرة من دجاج العرب , تدفعني الغريزة , بل قل نداء الواجب للعبور واجتياز السياج والحواجز , والاقتراب من القفص المشبك المغلق , ويبدأ الصراخ المشترك , نداء البقاء والاستمرار والتواصل , ولكن الباب الخشبي لايفتح , وتكاد الدجاجات أن يدوس بعضها بعضا , من هول الاضطراب , واللهفة لي , ويأتي هو , اللعين , إن كان في الدار , وانسحب غاضبا , لافائدة , لن يتركني أحقق نداء ناموس الحياة , لا يرحم ولا يترك رحمة الرب لتفعل ماتريد ! , بدأت لا اهتم لقدومه وأواصل الصراخ , امسكني مرة , رفع إلى الأعلى كل هيبتي وثقلي , قادني محمولا إلى (أبو أسو ) جارهم , ومالكي وحبيبي , واشتكى من فعلتي وإقدامي , ابتسم صاحبي وأثنى على جرأتي , وطلب منه تركي , ورحل , كان الجاران غير منسجمين , أهلي يحبون التزاور والمرح والطبخ والأكل , حتى تحول الجميع وأنا منهم , إلى براميل منفوخة متحركة وساكنة , من اللحم والعظم والشحم , , بينما هذا الجار اللعين يلفه وأرضه بشرا ومكان الصمت والهدوء والتوحد , سمعت مرة أن أصحابي يودون لو زوجوا إحدى بناتهم له , لو اظهر تجاوبا , مادام يعيش في هذا المنزل الكبير مع أمه وأخاه الأصغر , ويبدو أن الفكرة لم ترق له أو جعلها معلقة هذا اللعين الذي يتحدى ويحارب ماحلله الخالق ويمارسه بشغف كل الحيوان والبشر , سأنتقم منه مرتين , لي ولأهلي , وثالثة لحرمان إناث جنسي مما عندي من قدرة وقوة وتفجر , يوفر له جيل رائع من الأفراخ الجميلة , سيتواصل اقتحامي ويجدني دوما جنب القفص , ودجاجاته تتقافز , وتتلاطم حتى ينهار المعبد , وتفتح باب السجن ,و احتضن بنات جنسي , امسك بي مرة أخرى , أتى بحركة غريبة , شعرت وكأنه يعاين ثقلي , مندهش هو ولا شك , حملني ثانية إلى أبو أسو , لم الحظ نبرة المجاملة في كلماته هذه المرة بل اختصر بعد إن رماني .
- زادها ديك الجيران .
هذا اللعين الذي يتصور إن زعله سيردعني , وموعدنا الجمعة ضهرا , تطلعت إلى دجاجتي تنقر الأرض بخمول , وهنالك عشر محرومات , سأدمر معهن القفص هذه المرة , وسأهاجمه وانقره وادمي جسده لو تطاول , طاقتي تتصاعد وأكاد اكبر وانتفخ , قفزت السياج والحواجز , وأصبحت ثانية أمام القفص وجها لوجه , قاقت الدجاجات حتى قبل أن ابدأ , انفجرت فجأة , كأني أود أن يسمع ويشهد الجار القريب والبعيد , على حرمان جنس الدجاج من حقه الطبيعي , ولكن لماذا تأخر اللعين ! , رايته قبل حين على سطحهم , التفت للخلف , جاءني مسرع كالإعصار , بانت له عينان حمراوان , اهتز لهما بدني , أصابتني رجفة بلا توقف , وكأني افقد السيطرة لأول مرة في صراعنا , ساقاي لاتحملاني وهو يقترب , لا , لن ادعه يمسكني هذه المرة , سأهرب من مواجهة وحش رهيب منتقم , وددت لو أطير , يعيقني ثقل وزني , ولكني احلق فعلا ! أتسلق الجدران وهو يركض ورائي , ما ابعد المسافات في بيتهم لحركاتي وما أضيقها له , حاصرني لا استطيع إلا الصعود نحو الأعالي من هناك سأقفز , لن تكبر المسافة بين سياجهم العالي وسطح دارنا , لن يجرؤ حتما على اللحاق بي هناك , ماله يلاحقني بهذا الإصرار يتحول إلى قرد يجيد التسلق , لاتهمه أبدا صرخات الاستنجاد التي أطلقها , من أعطاه هذه الشجاعة ؟ أخيرا أصبحت فوق سياج سطحهم , قفزة أطلقها طائرا , واجد نفسي على سطح دارنا , ولكن أين هو , نظرت إلى الأسفل , كان في ارض الحديقة يتكأ على الجدار الفاصل بين البيتين , فهم مقصدي , إذا لم أصل سطحنا , فسأتزحلق حتما نحو أحضانه , ياللهول , جدار بيتنا يلتصق بسياج حديقته , لعبها جيدا , سأقفز بكل قوتي ليست المرة الأولى ستسعفني وتعينني جناحاي , ولكن مالذي يحمله ويلمع في يده , ياالهي إنها , سك ... سكين , ماذا يريد ؟ هل يجرؤ !؟ , سأقفز حتما خانني أصحابي ولم يسمعوا صرخاتي ! وكأنهم تخلوا عني , هل شاهدوا هم أيضا شرر عيناه ؟ أنها قفزة العمر والقدر هياااااا , لا إني ارتطم بالجدار ,أتمسك بجناحي وساقاي بالحائط الأملس , لافائدة إني أتزحلق , يسحبني ثقلي نحو الأسفل , هب , امسك بي وأنا مرهق , احتضنني بحنان أدهشني ! شممت رائحة مقيتة تصدر منه لم أحسها من قبل , سار بي إلى الداخل , كانت هنالك طاولة وأقداح , جلس على كرسي ليرتاح واعتصرني أكثر وكأنه يريد التوحد معي , سكن قليلا ثم تحركت يده نحو قنينة وكأس , سكب قليلا من سائل القنينة في الكأس , ازدادت الرائحة الكريهة حتى أصابني الدوار , سكب قليلا من الماء فوق السائل الأول تحول لونه للأبيض! هي خمره ولا شك , ثم جاء بقطعة من الثلج وانزلها المزيج ليطفح الكأس , قربه من رأسي ومنقاري ليزيد دوختي , ويصدم إذني بضحكة صفراء لئيمة ! أبعدت راسي , امسك بالكأس وشربه متمهلا حتى الثمالة كنت اسمع حركات بلعومه ويحس جسدي بالسائل البارد ينزل نحو معدته , فرقعتها أصابتني برجفة وغثيان , آه من هذا الماجن السكير متى يتركني ؟ مسح شفتيه بكم قميصه , ثم نهض وطرد بعض التراب من جوانب سرواله وكأنه ينهي آثار المعركة , ثم انتقل إلى المطبخ , وظهرت السكين مرة أخرى ! , رعب لاينتهي , حملها وتحرك نحو حنفية الماء , فتحها وغسل السكين قرب راسي , فتح منقاري وكأنه يريد إدخال إصبعه في جوفي حيث تساقطت قطرات الماء , انه يسقيني ! لعله سيرحمني ؟ تمشى نحو الحديقة الخلفية , توقف واخرج لساني , وهو يتمتم بكلمات كالبسملة , نعم سمعت ذكر الله ! من أين له معرفة هذه الطقوس ؟ هذا العلماني الكافر كما نعته حبيبي الغائب أبو أسو مرة وكأنه يحرضني عليه ! , لا , لا , انه يفعلها ليكمل الجريمة , مدد جسدي على الأرض وهو يتطلع نحو الأفق وكأنه يوجه راسي نحو شيء ما , فتح جناحاي وحكمها تحت قدمه اليسرى , وداس باليمنى على رجلي , آه ستزيد شهادتي من صفاته المخفية يوم الحساب , اليوم هو سكير وسارق وقاتل وإذا اجتمعت مع نعوت أبو أسو فسيكون لهذا اللعين جملة متعددة المساوئ ( علماني , كافر , سكير , سارق , قاتل ) , وضع أصابعه على رقبتي اقترب من حنجرتي , وكأنه يبحث عن نقطة الحلال لتغوص السكين فيها , ويتفجر دمي أنا , وينقطع راسي , ومنقاري يضغط بقوة على لساني , لا أفكر الآن إلا بلحمي الطازج الحر , وقد اختلط بمعدة هذا المنتقم مع ذلك السائل الأبيض البارد المقيت , ولا يتبقى من ذكراي غير صفات الرعونة , والرغبة في الاعتداء , ودجاجتا عرب تيتمت من فحل , قتلته رغبة تعدد الزوجات .

جميل محسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها


.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-




.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟