الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وردية والدروس السبعة

زينب محمد رضا الخفاجي

2008 / 6 / 24
الادب والفن


(القرين 3)
الدرس الأول..........
حاولت جاهدة وردية الصغيرة تحريك يدها لتتخلص من قماطها... كان الشد قوياً ومحكماً .. وكأنها مومياء صغيرة داخل تابوت أبيض.. تنهدت حين تذكرت يوم كانت حرةً سعيدةً في رحم أمها ترقص كما تشاء دون قيد أو شرط .. وآه وألف آه من هذه العمامة ...تلك الخرقة البيضاء التي تغطي شعرها وتضغط بقوة على رأسها ... هذه الكريهة تخنق أفكارها وأحلامها ..و أدركت في يومها الأول أنهم بذلك القماط وتلك العمامة ... لقنوها أول درس في حياتها ...( أن ليس للأنثى حق ولا حرية ... التفكير ممنوع ... الحلم ممنوع ... الرفض ممنوع ... كل مباح للذكر حرام عليها...) وهكذا خلق الله الأنثى...
الدرس الثاني ...........
قررت أن لا تستسلم وظلت تعارك قضبان سجنها الأبيض حتى استطاعت أخيراً ... أخراج يدها اليمنى من القماط ... فرحت كثيراً... فلقد كانت مشتاقة كثيراً ليدها ... حركت أصابعها مفارقة فيما بينها ...محاولة أبعاد التشنج عنها ... ثم ألتفتت يمنة ويسرة وبعد أن تأكدت من خلو المكان رفعت يدها بخوف لتزيل عمامتها التي حرمتها الحلم والهواء.. لكن دخول أمها المفاجئ للغرفة أوقفها فأرجعت يدها تاركة عمامتها كما هي ... تقترب أمها من سريرها وتشهق بفزع واضعةً يدها على فمها وتقول ( شوف الملعونة بعدها يومين وطلعت أيدها من تكبر شتسوي) ... ثم رفعتها من سريرها وفتحت القماط ببطيء شديد وهي مبتسمة ..فارتاحت وردية وظنت أن أمها ... استسلمت أخيراً لأرادتها وستطلق سراحها بعفو غير مشروط ،ما دامت لم تلطخ يدها بدماء الأبرياء ... ولكن ما حدث فعلاً ... هو أنها أعادت ربط القماط مرة أخرى وبقوة أكثر حتى لا تستطيع بعدها أخراج يدها وهنا كان درسها الثاني...( يجب على الأنثى الطاعة وإخفاء ما تحب.. وكل الثورات ومحاولات التحرر نتيجتها السجون البيضاء والمعتقلات..) ودمتم سالمين.
الدرس الثالث ..............
في يومها الثالث سقطت سرتها ...فرح الجميع وقامت جدتها بتعقيم مكان السرة ولفتها بالقماط مرة أخرى بقوة فاقت قوة أمها بكثير... أمسكت الأم بالسرة وقالت سنرميها في المدرسة حتى تكون ذكية وشاطرة... وتطلع دكتورة أو مهندسة... لكن هذا الكلام لم يعجب جدتها فقطبت حاجبيها وقالت ... لا الجامع أحسن حتى تكون دينه وخيرة ... حتى جارتهم التي ليس لها في الأمر لا ناقة ولا جمل صارت تلوح برأيها وقالت... لا عيني أحسن مكان اتدفنوها بالبيت حتى تطلع امعدلة وأم بيت ممتازة ...تناقشوا كثيراً حتى كاد أن يتحول الأمر إلى معركة كلامية حادة... لكن والدها حسم الموضوع وقال بعد أن أنتزع السرة من يدهم سآخذها وأرميها في نهر دجلة عند مقام سيدنا الخضر عليه السلام حتى تكون بركة وتجلب الخير لنا ولها... وهنا تعلمت درسها الثالث( يحق للأنثى أبداء الرأي وسينفذ الذكر ما يريد).
الدرس الرابع............
حضـر الكثيـر من الأقارب مهنئيـن قـدوم ورديـة لعالمهـم متمنيـن أن يأتي على كصتها كل الخيـر...كان كل من يأتي يضع هدية تحت رأسها ويقولون هذا للصغيرة ... أعداد كبيرة من الهدايا صارت تحت وسادتها ... كلنا يحب الهدايا حتى وأن أظهر عكس ذلك ..يخرج الضيوف ... فتأتي الأم وتأخذ ما تحت الوسادة ... وتذهب ... وهنا أيضاً تعلمت درسها الرابع ... (أنها لا تملك شيئاً لا في جسمها ولا نفسها ولا فيما يقدم لها..)
الدرس الخامس............
بعد فترة أقترب صبي من الضيوف منها ... وكان يكبرها بقليل ... نظر إليها بحب ... وصار يمد يده خلسةً محاولا لمس وجنتها.. اقتربت أمه مسرعة وصرخت به فما كان منه إلا أن رفع يده وهوى على وجنتيها بصفعة أبكتها...هرب هذا الهر الصغير نحو والده وأختبئ خلفه .. فربت ذلك المقدام على كتف ولده وقال ( عفية سباع .. هيج الزلم .. )وصفق له وأعطاه نقوداً ليشتري الحلوى لأنه أثبت رجولته بإيلامها وهدر كرامتها...أدمى قلبها درسها الخامس ... (حين أحست بالظلم وتعلمت كره الآخر والحذر منه..ومع أنه ليس مذنباً ولكن هذا ما تربى عليه...تقتل الأنثى ويحمى الذكرُ)
الدرس السادس.............
كانت ذكية جداً.. وكأنها أسطورة ... تستلقي في سريرها وتراقب كل شيء كفتاة كبيرة... لا تغمض عينها إلا أذا نام الجميع.. أدركت بفطرتها أن خير حماية لها عدم تفويت حركة للآخر.. ومنذ يومها الأول لمح الجميع ذلك في عينيها ولأن الصفعة آلمتها ... بكت وبكت طويلاً... وصرخت بأعلى صوتها... تلك الصفعة حركت في نفسها ملكة الانتقام .. أقترب والدها منها وقال ما بها ؟ .. لم يجبه أحد ولم يخبروه بأمر هذا الصغير الذي ضربها .. صمت أمها علمها درسها السادس ...( وهو كتمان كل شيء على الرجل والابتعاد عن تكدير صفوه بأي شيء)
الدرس السابع............
.. ظلت تبكي ... فحملها والدها بين ذراعيه... نظر لعينيها متسائلاً ...من ترى أبكى عيون صغيرته... ومن أهل دمعها ... وكيف يجرؤ.. لمس وجنتها الناعمة بظهر سبابته وقال (الهاينج والله أهينة وبالسيف اقطع لك ونينة)... نظرت إليه بفرح وهدأت .. وتعلمت أفضل دروسها في هذا اليوم .... درسـها السابـع كـان ..( أن والدها خير من يحميها ودموعها اقوي سلاح لديها... وهو أحلى درس تلقته في أسبوعها الأول)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في