الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسباب الحقيقية للحرب المعلنة ضد الصحافة المستقلة

امحمد عزيز

2008 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



يعتبر وجود صحافة مستقلة في أي بلد من الركائز الأساسية التي يقوم عليها مجتمع ديمقراطي، وأحد صمامات الأمان لضمان تمتع هذا المجتمع بحقوقه والمحافظة على حرياته، وذلك لما للصحافة من دور مهم في نشر الوعي ونقد الواقع والدفاع عن قضايا المواطن الأساسية، والصحافة المستقلة و الحرة هي مرآة المجتمع التي تعكس حيويته ونفسه الفكري والثقافي وإبداعه الحضاري، وكلما كانت الصحافة مزدهرة لا تخضع لسلطان الرقيب والحاكم، وإنما لسلطان الضمير الوطني والمصلحة العامة، كلما كان المجتمع أكثر تقدما ورقيا.
و لقد ساهمت الصحافة المستقلة بالمغرب في تطوير المشهد الإعلامي ، حيث لعبت دورا أساسيا في احتضان النقاش السياسي من خلال النبش في مجموعة من المحطات السياسية المظلمة، وكذا الخوض في ملفات كانت تحسب في خانة "المحرمات السياسية"، وذلك بفعل مهنيتـها العالية واحترافيتها التي لا يجادل فيها أحد وأسلوب اشتغالها المتطور من خلال بحثها عن الخبر من مصادره القوية سواء داخل المغرب أو خارجه وقيامها بالتحريات المطلوبة للوصول إلى بعض الحقائق..، كما شكلت هذه الصحافة مدرسة حقيقية في إنتاج مجموعة من الأقلام الوازنة، حيث استطاعت بعض منابرها في الآونة الأخيرة أن تتحول إلى ما يشبه "المعارض" الفعلي للنظام السياسي نظرا للفراغ الذي تركته الأحزاب السياسية المحسوبة على الصف الديمقراطي إثر مشاركتها في الحكومات السابقة.
أكيد أن الدوائر التي لازالت تتخوف من الدمقرطة ببلادنا هي من أعلنت وتعلن بين الفينة والأخرى الحرب ضد الصحافة المستقلة والأقلام الحرة، إذ أضحى رجال هذا النوع من الصحافة بمثابة الأعداء الحقيقيين لهذه الدوائر التي نجد أطرافها ممثلة في مختلف مؤسسات البلاد خاصة بعدما نجحت في ضرب الحركة النقابية والتضييق على الحركة الحقوقية واحتواء قطاع هام داخل المجتمع المدني وتسخير بعض وسائل الإعلام لخدمة مخططاتها، فهذه الدوائر لا زالت، اليوم، تحن إلى عهد سابق وتعتبر نفسها فوق القانون والمؤسسات وتخشى الأضواء لكونها ستكشف المستور.
ولهذه الأسباب التي أشرنا إليها وأخرى لا يتسع المجال لذكرها، فضلت هذه القوى المحافظة داخل مؤسسات البلاد إعلان الحرب ضد كل الأقلام التي رفضت التحول إلى أبواق أو الانخراط في مخططات أو التسخير لخدمة بعض الأهداف، و كذا تضييق الخناق على كل من يغرد خارج سرب الإعلام الرسمي .
وهكذا تجاوز الأمر مجرد التضييق و الخنق إلى تفعيل قرارات الإبادة و المنع التي لم تعد الظروف المحلية و الدولية تسمح بها بشكل مباشر، فكان أن عادت هذه القوى المحافظة لممارسة اللعبة القديمة في ثوب جديد تتحدد معالمها في توجيه الأحكام القاسية التي تعرضت لها أغلب مؤسسات الصحافة المستقلة في السنوات الأخيرة و التي تعد سوابق لا مثيل لها في علاقة القضاء بالمشهد الصحافي في المغرب،إذ أن الاستنزاف المالي الكبير لهذه المؤسسات تحت غطاء القضاء ، مقارنة قيمة هذه الغرامات برأسمال هذه المؤسسات في شموليته، يؤشر على أن الأمر يتعلق بدفع هذه المؤسسات والمنابر الإعلامية إلى إشهار إفلاسها في أقرب فرصة.
وتفيد هذه الوقائع، الخطر الذي أضحت تشكله الصحافة المستقلة الرافضة شعار "گولـو العام زين" في ظل واقع سياسي هش، يعيش مفارقة واضحة، إذ أن الخطاب السياسي الرسمي يؤكد انخراط المغرب في الانتقال الديمقراطي وتحول التجربة الديمقراطية ببلادنا المدعمة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي إلى نموذج بالنسبة لباقي بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، في حين نجد واقع الممارسة السياسية يكذب هذا التحول جمـلة وتفصيلا. ولعل الرتبة المتدنية التي يحتلها "المغرب الحقوقي" في تصنيفات بعض المنظمات الدولية تؤكد أن الطريق إلى الديمقراطية لا زال بعيدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب