الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من كولومنا إلى جبل بوعلام بإفني أيت بعمران 20 ألف متظاهرة و متظاهر في 22 يونيو 2008

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2008 / 6 / 26
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


و تتناسل الأحداث في جبال أيت بعمران كأن التاريخ يعيد نفسه في ظل شروط الحياة المادية الاجتماعية الحديثة التي تأبى إلا أن منطلقا للحركات الاجتماعية الاحتجاجية ببلادنا ، و تتناغم هذه الأحداث تحت إيقاع الاحتجاج الصارخ للجماهير الشعبية من تماسينت مرورا بصفرو فبومال ن دادس وصولا إلى إفني أيت بعمران ، إنها لمعادلة صعبة أن يقف النظام القائم عاجزا أمام تصاعد حركة الجماهير الشعبية التي لم تعرف هدوءا منذ حركة إيملشيل في 2005 ضد التهميش ، إن الحركة الاحتجاجية المنظمة لإفني أيت بعمران لخير جواب أمام هرولة المهرولين في سباق إلى كراسي الهوان الذين اختيارا لأسهل طريق يطفو فيه نجم الانتهازية على سطح مياهه العكرة ، و قد أبى إلا أن يطفو في اليوم التضامني مع المقاومات الصامدات و المقاومين الصامدين بإفني أيت بعمران ، الذين أبوا إلا أن يستقبلوا المتضامنات و المتضامنين الذين عانوا مشقة الطريق إلى معقل المقاومة من جميع جهات الصمود بهذا الوطن ، لقد أبى البعمرانيون إلا أن يقدموا بأيدي بناتهن الطاهرات طبقا من صلب الثقافة الأمازيغية و الذي يحمل دلالات و معاني لا حصر لها ، طبق "تاكلا" المستخلصة من شعير حصاد حبال الصمود بأيدي الفلاحين الفقراء في جبل أيت بعمران و المكلل بالسمن المستخلص من حليب البقر بأيدي الفلاحات الفقيرات اللواتي لم يتركن لحظة واحدة مسافة بينهن و بين المواشي في علاقتها بالأرض ، إنها دلالة عظيم أن تقدم الفلاحات الفقيرات أطهى طبق من شعير و سمن كلاهما من صنع أيديهن تعبيرا عن الفوارق الطبقية و الاجتماعية بين المسيطرين و المسيطر عليهم في صراع دائم.
و أية دلالة هذه عبر التشبث بالثقافة الأمازيغية الخالصة التي رسخها الأجداد البعمرانيين الأبطال الذي هبوا يوما لمقاومة أعتا قوة إمبريالية مدججة بأحدث الأسلحة و بأبسط الأسلحة و أطباق "تاكلا" الشعير و السمن المقرونة بأقوى العزائم ، و قد تم هزم المستعمر و فرض الحوار و الاعتراف بالحقوق الطبيعية و التاريخية لإفني أيت بعمران أعتا قلعة من قلاع أسستها مقاومة الفلاحين الفقراء ، إقتداء ببطولات معركة أنوال التي أبى لها بطل الجمهورية الريفية سي محند بن عبد الكريم الخطابي إلا أن تكون نبراسا لكل المقاومين عبر العالم ، و كيف لا و قد اقتدى بها الثوار في الصين و الفيتنام و أمريكا اللاتينية و ما زالت اليوم تنير طريق كل الثوار المغاور ، إنها معادلة صعبة أن ينسحب النظام القائم مهزوما أمام مقاومة الفلاحين الفقراء في جبال أيت بعمران و كأن التاريخ يعيد نفسه في ظل شروط الحياة المادية لمجتمع اليوم و بأيدي أحفاد الأمس ، و أية دلالة هذه عبر التناقض الأساسي بين البورجوازية و البروليتاريا و كيف لا و قد أصبح من المعتاد في طقوس البورجوازيين تقديم التمر و الحليب في حفلاتها الرسمية و الذي انتزعوه من الثقافة الصحراوية الخالصة حتى أصبح رمزا للطقس البورجوازي ، هذه المعادلة التي لم يستطع نزع دلالة الشعير و السمن باعتبارهما رمز الفقر و الفقراء من الفلاحات و الفلاحين في جبال الأطلس و الريف.
لقد أبت انتفاضة إفني أيت بعمران إلا أن تسقط الأقنعة و" الشعب يسقط الأقنعة عن الانتهازية" كما قال أحد المناضلين من تامسينت إلى إفني و قد سقطت الأقنعة ، كيف لا و قد عبر كلمة اللجنة الوطنية للتضامن يوم 24 يونيو 2008 عن هذا السقوط ، إنها كلمة مرتجلة عبرت عن خلفيات قيادات الأحزاب التي تحدثت باسمها في محاولة فاشلة لاحتواء الأوضاع لفتح هامش علاها تجعل خيط دخان مسلكا للنظام القائم لولوج أغوار جبال أيت بعمران في مستقبل لن يتحقق ، كيف لا و مجمل الكلمة الارتجالية لممثل اللجنة الوطنية التي حاول من خلالها اللعب على العواطف في الوقت الذي نسي فيه أن عواطف البعمرانيات و البعمرانيين قد استحالت إلى لهب لا يطيق خيط دخان ، كيف لا و قد حملت الكلمة أوهام مشاريع التنمية بدل التعبير عن التضامن موضوع القافلة في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن "اليسار" و "اليساريين" في ارتجالية بلغت حد نسيان ذكر بعض مكونات اللجنة التي استدركها المسير ، و قد بلغت الخطابة بصاحبنا ممثل اللجنة الوطنية حد اقتحام نفسه في الكلمة في محاولة لربط أبطال المنطقة بسيرته الذاتية و كان صاحبنا على غفلة من أمره حيث يجهل أن البعمرانيات و البعمرانيين قد تجاوزوا حدود السكك الحمراء التي وضعت فيها قاطرات الأحزاب منذ 07 شتنبر 2007 و أن انتفاضتهم درس ليس من السهل استيعاب من طرف من يسميهم يسارا ، و هو في جهل من أمره بأن انتفاضتهم عبرة لمن كان على غفلة من أمره في صروح الهوان التي تجاوزتها جبال أيت بعمران.
لقد حان الأوان لكل من سولت له نفسن أن يعتقد أنه ما زال باستطاعته أن يحتوي غضب هذا الشعب ببناء أحلام موردة تستطيع تنويمه دقيقة واحدة أن يعي أن عهد الاحتواء قد ولى ، و حان الأوان لكل من يريد تزيين وجهه في صباح كل انتفاضة من انتفاضات الشعب أن لا ينسى أن الصبح قد انجلى ما دامت الدجى حدا فاصلا بين الانتهازية و الثورة ، لقد كانت كلمة سكان إفني أيت بعمران التي ألقاها طفل فصيح بكل المقاييس رسالة واضحة لكل من سولت له نفسه أية محاولة لاحتواء انتفاضة البعمرانيات و البعمرانيين و هي تحمل في طياتها رسائل الحذر لكل الغافلين :
ـ و هي تضع على رأس القائمة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين أبطال الانتفاضة قبل الحديث عن أية تنمية موهومة من طرف هذه الأحزاب و أن الانتفاضة من صنع كل البعمرانيات و البعمرانيين دون استثناء .
ـ و هي تضع في المرتبة الثانية الكشف عن المفقودين الذين من المحتمل أنهم سقطوا برصاص القمع في السبت الأسود .
ـ و هي تضع في المرتبة الثالثة إسقاط كل المتابعات بدون استثناء في حق البعمرانيات و البعمرانيين و رفع الحصار عن جبال أيت بعمران.
ـ و هي تضع في المرتبة الرابعة محاسبة المجرمين المغتصبين لبنات اليعمرانيات و البعمرانيين اللواتي صنعن بطولات انتفاضة السبت الأسود .
إنها رسائل واضحة لكل من له خلفية الرجوع مرة أخرى إلى إفني أيت بعمران حتى لا يعتقد أنها ستكون مسرحا للبهرجة في 06 يوليوز 2008 كما جاء في كلمة اللجنة الوطنية.
و هكذا من كولومنا إلى جبل بوعلام انتفض البعمرانيات و البعمرانيون يوما تحت حصار شتى أنواع قوات القمع في السبت الأسود من شهر يونيو 2008 و استطاعوا خلق إجماع شعبي في أوساط كل المناضلات و المناضلين قل نظيره ، و هي انتفاضة مليئة بالدلالات و المعاني لكل الأحرار الذين يسعون إلى دك قيود الإمبريالية و أذنابها من البورجوازية و الانتهازية ، و تأتي مسيرة 22 يونيو 2008 التي شارك فيها البعمرانيات و البعمرانيون من الجبال و المدينة بمؤازرة المناضلات و المناضلين من شتى المناطق الساخنة في هذا الوطن ، و هي كلها دلالات لا حصر لها و لسان حالها يقول لكل زوار إفني أيت بعمران لنتضامن مع البعمرانيات و البعمرانيين استعدادا ليتضامنوا معنا في يوم قريب مع انتفاضات جديدة ، و هي كلها معاني لا حصر لها و هي تقول للغافلين أن المرأة المغربية تلد باستمرار صانعات و صناع البطولات و الفداء عبر كل العصور ، و قد حان الأوان للأحزاب المهزومة أن تراجع نفسها و تأخذ العبر من هذا الحدث العظيم الذي أبى إلا أن يصحح مقولة موازين القوى التي يراد لها أن تكون أداة حرب نفسية لتعطل دينامية المناضلات و المناضلين ، و هي يقول لهم إن الشعب قادر على صنع الأحداث بأرواح بناته و أبنائه لبناء صرح المقاومة و التحرر .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. الناخبون يدلون بأصواتهم لاختيار الحكومة الجديدة و


.. هز عرش المحافظين.. معلومات عن زعيم حزب العمال كير ستارمر




.. الغارديان: حزب العمال أمام انتصار كاسح في وجه المحافظين


.. فرنسا.. بين قبضة اليمين المتطرف وتحالف -شبه مستحيل- للمعتدلي




.. فرنسا: هل تراجعت فرص اليمين المتطرف بالوصول إلى السلطة؟