الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإتفاقية الأميريكية العراقية بين الوطنية واللاوطنية

هفال زاخويي

2008 / 6 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يصاحب كل جديد يطرأ على الساحة السياسية العراقية كم هائل من مقالات الرأي والمساهمات من قبل الكتاب والصحفيين وحتى السياسيين وتتخم الصحف والمواقع الألكترونية بمختلف الآراء المتباينة اذ ترى التطرف وترى الاعتدال ولربما ترى الجنون أيضاً في بعض الطروحات... انها حالة صحية ان تستجيب الأقلام العراقية وبسرعة البرق مع كل مستجد على الساحة السياسية وان دل هذا على شيء انما يدل على المتابعة الدقيقة واليقظة والشعور بالمسؤولية أيضاً تجاه قضايا تمس مستقبل البلد .
أحدثت الإتفاقية الأميريكية العراقية التي هي محل البحث والتفاوض سيلاً جارفاً من مقالات الرأي وبعض هذه المقالات كما اطلعت عليها ومع الأسف لاتخلو من التطرف في الطرح الشعاراتي التقليدي القديم تذكرنا بأيام جبهة الصمود والتصدي ( التي لاصمدت ولا صدقت في التصدي)، ولا ندري بالضبط كيفية أنماط التفكير عند بعض الأخوة الأعزاء الذين يرفضون في طروحاتهم هذه الإتفاقية جملة وتفصيلاً ... لقد كان هذا البلد يرتبط باتفاقية اسمها ( مجلس التعاون العربي) التي لم تتعد نتائجها بناء قصور في مناطق جبلية رائعة في بلادنا لملوك ورؤساء عرب ومن أموالنا وعلى أرضنا مقابل حرمان أهل البلد من التمتع بمناظر طبيعتهم ناهيك عن الإتفاقيات التي ربطتنا بالمعسكر الاتحاد السوفيتي سابقاً والتي اغرقتنا باسلحتها التي لم تحصد الا أرواح العراقيين أنفسهم ، نحن في هرج ومرج من أمرنا ويبدو انه تقطعت بنا السبل في خضم لعبة دولية كبيرة لا نستوعبها تماماً لكننا نخوض فيها كما الذي يخوض في بحر هائج تنقصه خبرة السباحة .
ما زلنا عند لائحة المباديء ولا نعرف ما هي تفاصيل الإتفاقية وما زالت التصريحات متناقضة بين من يقول ان المفاوضات وصلت الى طريق مسدود وبين من يقول عكس ذلك ... وأرى انه من السابق لأوانه أن نحكم على هذه الإتفاقية ونحن اما لانعرف او لانفهم تفاصيلها ... الغريب ان قادة الأحزاب الاسلامية في بلدنا وكذلك تلك القومية الراديكالية يرفضون الإتفاقية في حين هم الذين يحلون على واشنطن ضيوفاً كراماً بين الفينة والأخرى وعلاجهم في واشنطن وليس من الغريب ان تكون كل مستلزماتهم الحياتية وسياراتهم الفارهة والأسلحة التي تحميهم كلها صناعة أميريكية وعوائلهم تنعم بالإقامة في الغرب الأوربي والأميريكي ، فما هذا التناقض بين ماهو معلن من قبلهم وما هو مخفي وهل لازلنا نحن شعب الاستهلاك الاعلامي ... ومشاعرنا وجدت للتلاعب بها...؟!
لايخلو أي طرح من الطروحات من قبل اصحاب الرأي من الكتاب الكرام من النبرة الوطنية الصادقة ، لكن هل تتطلب الوطنية منا ان نتقوقع الى الأبد ونظل نسلك درب النضال ضد (الامبريالية والاستعمار ) وفي نهاية كل معركة نخرج منهكي القوى فنضطر للتوقيع على معاهدات واتفاقيات تطيح بكل أحلامنا كما فعلها صدام مع ايران (اتفاقية الجزائر 1975) وكما فعلها أيضاً تحت (خيمة صفوان شباط 1991)...!
سنكون سذجاً عندما نقول ان أميريكا تبحث وراء مصلحتها ونقول للجمهور ها اننا اكتشفنا لكم هذا الشيء ... بل انها الحقيقة فأميريكا ان لم تبحث عن مصلحتها وان لم تؤمن مستقبل أجيالها ولم تضمن أمنها فلماذا كل هذه المعمعة ... أميريكا لم تدع انها حمل وديع بل هي صاحبة ( لا عدو دائم ولا صديق دائم ) ولكن ان التقت مصالح بلدنا بمصالح أميريكا او الاتحاد الأوربي أو مجلس التعاون الخليجي فلماذا ننطلق دائما من نظرية المؤامرة ونكون مفرطين في الطرح ...؟!
قد لاأكون مخطئاً عندما اقول بأن قمة الوطنية تتجلى عند الشعب الياباني وعند الألمان ... هم أكثر وطنية منا وهذه حقيقة وان اختلف أحد معي فليأت لي ببرهان ... المواطن الياباني والألماني والفرنسي ووو لايرمون بزبالتهم في الشوارع ولا يقطفون الزهور من الحدائق ولا يقتلعون الأشجار من جذورها ولا يدمرون الاشارات المرورية على الطرق الخارجية ولم ينهبوا مؤسساتهم اثناء واعقاب الحرب بل شرعوا في البناء بتفان لامثيل له... لكن أيضاً كان لهم قادة حملوا الأعباء وذابوا في عشق بلدانهم ... هذه الدول ارتبطت باتفاقيات مع أميريكا ولم تزل وهاهي الآن تستعمر اميريكا بتكنولوجيتها وصناعاتها وهي بالطبع لاتنتج الأسلحة ... فماذا لو كانت مصلحة بلدنا تلتقي بمصلحة اميريكا ...؟
العراق يتعرض لتهديد اقليمي فجارتنا ايران لاتتورع عن قصف قرانا الحدودية وجارتنا تركيا لاتتردد في قطع دجلة والفرات عنا ... نحن بلد منهك القوى يلعق جراحه وكما الفريسة الجريحة تنقض علينا الجوارح وكل ينهش منا ... لقد أفقدتنا انظمة الحكم المتعاقبة كل شيء ، وما زلنا نعاني من عقدة الحكم ولا زلنا نعاني من قادة احزاب وتيارات وطوائف يفكرون بأنفسهم قبل التفكير ببلد وشعب ... فأي سبيل نسلك.
قد يخشى القادة الرافضون للإتفاقية من ( بدعة الديمقراطية) ولهذا نرى التردد والرفض لان مع هذه الاتفاقية هناك آفة الديمقراطية وآفة القانون التي تطيح بالمناصب والكراسي ويكون انذاك بمقدور مركز شرطة فتح ملف تحقيق مع ابرز شخصية سياسية يكون مضطراً للمثول أمام القضاء .
يفترض بالمفاوضين من الجانب العراقي ان يتبنوا الشفافية مع الشعب فالاتفاقية ليست مخابراتية بل هي اتفاقية شاملة وعليهم ان لايختزلونا في شخوصهم وذواتهم ويقنعوننا بابتسامات عريضة تعودنا عليها فإبتساماتهم أبداً لن تكون بلسماً لتطييب جرح ارملة فقدت زوجها او ام ثكلى فقدت ابنها او طفل يتيم فقد اباه ...
* أخشى ما أخشاه ان تذهب كل الطروحات التي تخص الاتفاقية أدراج الرياح ولا يطلع عليها مسؤولونا الكرام الذين يعيشون في أبراج عاجية ويفكرون بطريقة أفلاطونية .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث إسرائيلي عن استمرار علمية رفح لمدة شهرين.. ما دلالات هذ


.. مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه إزاء التقارير بشأن اكتشاف مقا




.. سلسلة غارات عنيفة تستهدف عدة منازل في شمال غزة


.. الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مناطق جديدة في رفح وشمال غزة