الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة هادئة لشارع صاخب

حسين علي الحمداني

2008 / 6 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كثر الحديث عن الاتفاقية العراقية الأمريكية المزمع توقيعها قريبا ومن خلال المتابعات الإعلامية وجدنا إن الجميع يحاول إفهام الجميع انه يرفض الاتفاقية ويقف ضدها ولكن القراءة الصحيحة للواقع العراقي بعد خمسة أعوام من سقوط النظام الدكتاتوري في العراق يقول إن كل الإطراف العراقية تقف بمسافة متساوية من هذه الاتفاقية خاصة إذا ما عرفنا إن مكونات الشعب العراقي الرئيسية والمتمثلة بالكتل الرئيسية الثلاث (( الائتلاف العراقي الموحد - التحالف الكردستاني - جبهة التوافق)) هذه الكتل جميعها لها مصالح حيوية مع الولايات المتحدة الأمريكية بغض النظر عما يقال في الفضائيات أو يسطر على صفحات الصحف ويمكننا تحليل ذلك من حيث حاجة كل كتلة وفئة وشريحة للتواجد الأمريكي ويتمثل بما يلي:-
01 الائتلاف العراقي الموحد باعتبار ممثل شرعي ووحيد في الساحة السياسية العراقية للشيعة الذين يشكلون غالبية عظمى من سكان العراق نجد إنهم لم ينالوا حقوقهم السياسية والثقافية في زمن أية حكومة عراقية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 ووجدوا هذه الحقوق كاملة في ظل الدولة الديمقراطية وصناديق الاقتراع التي أوصلت الغالبية إلى السلطة ووضعت الكثير من النقاط على الحروف وأنهت سياسة التهميش التي كانت تمارس ضدهم وبالتالي فان السياسي الشيعي ليست له أية خلافات مع أمريكا التي ربما يصفها البعض بأنها(( حامية الديمقراطية)) في العراق , أو على الأقل إنها ساهمت بشكل كبير في بذر الديمقراطية في العراق تمهيدا لانتشارها في عموم الشرق الأوسط هذا من جهة ومن جهة ثانية فان الحكومة العراقية سعت وبشكل كبير لمد الجسور مع الحكومات العربية في محاولة إفهام العرب إن العراق جزء لا يتجزأ من محيطة العربي ولكن هذه الجهود هذه تصطدم (( بالعقلية العربية)) التي ظلت تردد إن ((الشيعة)) تابعين لإيران خاصة في العراق وبالتالي فان العرب فشلوا في احتضان العراق لحظة حاجته لمن يحتضنه ولم يكتفوا بذلك بل سعوا ومن خلال الكثير من (( وعاظ السلاطين)) إلى إصدار الفتاوي التي وصلت إلى حد تكفير الشعب العراقي بكامله. من هنا نجد إن المعاهدة العراقية الأمريكية المقبلة التي لا تختلف كثيرا من حيث البنود عن أية معاهدة وقعتها أمريكا مع الدول العربية حتى وان كانت معاهدات سرية مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذه المعاهدة لن تأخذ شرعيتها إلا من خلال مجلس النواب العراقي وبالتالي لن تكون معاهدة سرية أو فيها من اللبس والغموض ما يثير شكوك الآخرين ويجعلهم يرتابون من العراق خاصة وان العراق وحكومته حريصة كل الحرص على أن لا يكون العراق الجديد مصدر إزعاج لجيرانه. ومع هذا نجد ثمة أصوات عديدة من داخل الائتلاف العراقي الموحد تطالب بعدم توقيع الاتفاقية التي ربما تسلب من العراق إرادته وسيادته وهؤلاء ينطلقون في رفضهم من دواعي مخلصة خشية عدم وجود الخبرة السياسية الكافية لتوقيع هكذا معاهدة مع دولة عظمى كأمريكا وهذا ما دفع الحكومة إلى إرسال وفود لدول لها اتفاقيات مماثلة مع واشنطن بغية الاستفادة والتمعن والاستئناس وهذا دليل صحة التوجهات العراقية.
02 الكتلة الأخرى التي تشكل المكون الثاني من حيث عدد المقاعد في البرلمان وهي (التحالف الكردستناني) فإنها تسعى بقوة لتوقيع هذه المعاهدة التي تضمن لها الكثير من الحقوق المضمونة أصلا حتى من غير المعاهدة فلا يمكن لأية حكومة عراقية أن تتنكر للكورد العراقيين دورهم النضالي ولا يمكن أن نجد في يوم ما حكومة عراقية تسلب من الكورد الحقوق المنصوص عليها في الدستور ولكن القادة الكورد في العراق لهم مخاوف تاريخية خاصة وإنهم عاشوا عقود من الزمن تعصف بهم إرادات الآخرين وتتحكم بهم علاقة العراق بالدول المجاورة والجميع يعرف الظروف التي أجبرت النظام العراقي المقبور في إصدار قانون الحكم الذاتي الذي بمجرد أن زالت الظروف حتى تنصل منهم بندا بعد بند واحالة إلى مجرد يوم يتبجح به ليس إلا . وهذا ما يجعل الكورد يسعون لبناء علاقة إستراتيجية قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية , وهم بهذا يتفقون مع (الشيعة) من حيث حجم التضحيات والمظلومية التي لحقت بهم من النظام المقبور وحتى الأنظمة التي سبقته ولم تنصف هاتين الفئتين رغم ثقلهم السكاني الكبير جدا".
03 الكتلة الثالثة والتي يمكن ~أن نطلق عليها (( العرب السنة)) كما تقول الفضائيات العربية رغم إنني شخصيا ضد المصطلحات التي تسعى لتقسيم المقسم ولكن واقع الحال يفرض هذا , فإنها بالتأكيد لن تعمل ضد مصلحتها أو مصلحة من تمثله خاصة وان عام 2008 شهد من تقارب وجهات النظر بين أطياف وكتل البرلمان والحكومة ما يشجع على فتح أبواب الحوار والمداولة بين الجميع بالاتجاه الصحيح والسليم.
حاولنا في الأسطر السابقة استقراء العقلية العراقية الجديدة بعد خمسة أعوام من زوال الدكتاتورية وبالتأكيد بزوالها زالت الكثير من الشعارات والمسميات والطروحات ((القومية)) التي كبلت العراق عقود من الزمن وكأنها كانت ((مانع تفكير)) دون أن تسمح للتفكير المنطقي السليم والصحيح وظلت متمسكة بشعارات وهمية بالية قادت العراق إلى الحالة التي وصل إليها وبالتالي نجد اليوم إن قادة البلاد من مختلف الاحزاب والكتل والتنظيمات عليهم أن يفكروا بعقلية أكثر انفتاحا وانسجاما مع متطلبات مرحلة ما بعد الدكتاتورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المناظرة بين بايدن وترامب.. ما أبرز الادعاءات المضللة بعد أد


.. العمال يحسمون الانتخابات قبل أن تبدأ، ونايجل فاراج يعود من ج




.. لماذا صوت الفرنسيون لحزب مارين لوبان -التجمع الوطني-؟


.. ما نسبة المشاركة المتوقعة في عموم أسكتلندا بالانتخابات المبك




.. لجنة أممية تتهم سلطات باكستان باحتجاز عمران خان -تعسفا-