الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار الفلسطيني ماذا ينتظر؟

فاطمه قاسم

2008 / 6 / 29
القضية الفلسطينية


كاد الوقت يحترق ويضيع بع الدعوة الهامة والشجاعة التي أطلقها الرئيس الفلسطيني أبو مازن لانطلاق حوار فلسطيني شامل لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية , وهي الدعوة التي جاءت في وقتها الحاسم , ورحب بها جميع الفرقاء في الساحة الفلسطينية , وهي دعوة نظرت إليها الحكومة الإسرائيلية المرتبكة بحذر شديد , وبروح عدائية أيضا ,ولذلك قامت إسرائيل بالاستجابة أكثر للجهود المصرية لتحقيق التهدئة وفعلا فان اتفاق التهدئة الذي عقدته إسرائيل مع حماس وبقية الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة قد دخل حيز التنفيذ , حتى لو بطريقة متعثرة , حيث اخترقته إسرائيل والفصائل عدة مرات سواء عن طريق اغتيال مواطنين فلسطينيين ونشطاء مقاومين بدم بارد , أو عبر إطلاق صواريخ ضد مستوطنات النقب الغربي, ولكن اتفاق التهدئة الذي رحب به الرئيس أبو مازن , ودعا الجميع إلى حمايته , القي فعلا بظلال سلبية على الدعوة التي أطلقها الرئيس في الرابع من هذا الشهر , وتبدو هذه المسالة على تعقيداتها الكثيرة مفهومة تماما , حيث إسرائيل استغلت الانقسام في فرض شروط جائرة نوعا ما بخصوص التهدئة , وخاصة النية الذي أكد على سريانها في قطاع غزة أولا ولمدة ستة شهور , حتى إذا نجحت خطواتها المتعاقبة , عن طريق تدفق البضائع بنسب اعلي من المعابر الإسرائيلية , ثم انجاز صفقة الجندي جلعاد شاليط , ثم التوصل لاتفاق بشكل وتشغيل معبر رفح , الذي هو المعبر الرئيسي , يصار إلى توسيع نطاق التهدئة إلى الضفة الغربية , الفصائل تحت ضغوط كثيرة وافقت على هذا الشرط مع أنها تعلم تماما أن اتفاق التهدئة لن يمر بسلاسة , وان كل اختراق سوف تستغله إسرائيل للبقاء في مربع البند رقم واحد , كما هي عادتها دائما , وكما تعاملت أصلا مع خارطة الطريق , ولكن الفصائل لضرورات متعددة وافقت على اتفاق التهدئة رغم هذا الشرط الظالم جدا , وجرى توافق وطني كبير حول التهدئة عموما , ولكن إسرائيل تحاول أيضا استغلال التهدئة في تعطيل اللحمة الفلسطينية باتجاه الحوار , خاصة وان إسرائيل تسعى عبر مفهومها الذي أفصحت عنه بأشكال متعددة إلى توظيف التهدئة في تكريس الانقسام والانفصال في مواجهة بعض الضغوط والدعوات الدولية إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي قبل نهاية العام , وكان أخر الدعوات الصريحة ما تحدث به الرئيس الفرنسي "ساركوزي خلال زيارته قبل أيام للمنطقة , وخطابه الشجاع الذي ألقاه في الكنيست , وتحدث فيه بصراحة عن القضايا العويصة وهي قضايا القدس واللاجئين , والاستيطان , هذا بالإضافة إلى أن الوفد الفلسطيني الإسرائيلي الذات يقومان بالمفاوضات مدعوان إلى واشنطن , ليكونا تحت ضغط وإلحاح الإدارة الأمريكية مباشرة , الإدارة التي يضيق أمامها هامش الوقت , وهي بحاجة إلى هذا الانجاز على الصعيد الفلسطيني الإسرائيلي للتهيئة لمرشح الحزب الجمهوري جون ماكين الذي بدأت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة تتحدث عن تراجع لصالح المرشح الديمقراطي باراك اوباما.
إسرائيل إذا, تحاول أن تفرض مفهومها من وراء هذه التهدئة, فهي كما استغلت الانقسام لفرض شروط مجحفة للتهدئة, تستغل التهدئة لفرض معوقات أمام الحوار الوطني والمصالحة الوطنية,
الشارع الفلسطيني الذي يشعر بالصدمة نتيجة جمود الخطوات العملية التي تجعل دعوة الحوار تتحول إلى وقائع متلاحقة, الناس في الشارع الفلسطيني يتساءلون, مادام الجميع يرحبون, وما دام الجميع يعلنون الموافقة, فلماذا لا يبدأ الحوار, وماذا ينتظر هذا الحوار ؟
هذا القلق في الشارع الفلسطيني , هذه الأسئلة التي لا تجد الإجابات الشافية , وحالة عدم الاقتناع التي تسيطر على الوعي الشعبي , تتجسد هذه الأيام في كثره المبادرات الشعبية التي تدعوا إلى الحوار والوحدة , وهذه المبادرات الشعبية تشمل مؤسسات المجتمع المدني ,وجماعات الشباب , وفئات المواطنين الأكثر تضررا وانسحاقا بسبب استمرار الانقسام , والمتخوفين من المثقفين الذين يرون أن التباطؤ المقصود , ومحاولات تجميد خطوات الحوار قد تقود في النهاية إلى مأساة اكبر , وهي انسلاخ قطاع غزة بشكل نهائي , وذهابه باتجاه المخططات الإسرائيلية القديمة الجديدة التي تريده أن يكون جزءا من دولة فلسطينية واحدة .
وكل هذه الجداول من الإحباط والقلق ومستويات الخوف والشك التي تنتشر في أوساط الفلسطينيين تقودهم بالتدريج ولكن حتما إلى تشكيل مجموعات ضغط , مجموعات تضغط باتجاه فرض الحوار والمصالحة , والتشهير بالأطراف الذي تعيق ذلك ,بل وقد يتطور الأمر إلى ثورات برتقالية ترابط في الشوارع والساحات وصولا إلى الخلاص الوطني , هناك قلق يعتري الشارع الفلسطيني من أن تؤدي الأجندات الصغيرة لبعض الأطراف الفلسطينية إلى ركوب قاطرة التهدئة باتجاه الوهم واللا شيء , أو باتجاه الانفصال , أو باتجاه تحسين الشروط في اللعبة الداخلية الفلسطينية , ومعروف أن إسرائيل ترى وتراقب وهي في كامل الاستعداد أن تشجع مثل هذه الأجندات الصغيرة وهي أيضا مستعدة لتبني وتغذي الاستغراق بالوهم المؤدي إلى اللا شيء , ولذلك فان الوعي الشعبي برغم أجواء الإرهاب النفسي , والإعلام الديماغوجي الذي يحاول أن يعرض التهدئة بشروطها الراهنة وكأنها انتصار كبير , هناك قلق حقيقي , وخوف حقيقي وهذا كله يدفع باتجاه تشكيل مجموعات ضغط تتمكن من قيادة الشارع وتحريكه بقوة ضد الاتجاهات المغامرة تماما مثل ما حدث في منتصف الخمسينات من القرن الماضي حين هبت الجماهير الفلسطينية في انتفاضات شعبية جارفة وأسقطت مشاريع الإسكان والتوطين التي اعتقد أصحابها آنذاك أن الظروف الصعبة قد تدفع الفلسطينيين للموافقة عليها .
وهكذا فان اضاءات الوعي مهمة جدا في هذه المرحلة , وان المثقفين مدعوون في هذه المرحلة للعب دورهم الطليعي في إثارة الرأي العام الفلسطيني بما ببيته الأعداء في الخفاء , وبما تقع فيه بعض القوى بعيون مفتوحة , إن شعبنا خط الدفاع الأخير عن مشروعه الوطني وحلم استقلاله ومعروف أن المثقفين والنشاء في هيئات المجتمع المدني , والعقول الأكثر استقلالية في كل الفصائل , والشخصيات الاجتماعية والثقافية والأهلية , ورغم الضعف الظاهري أمام غابة السلاح في الحالة المليشياوية المؤسفة التي وصلنا إليها في فلسطين , إلا أن هذا النسيج هو الأقوى بحكم انتمائه إلى روح الشعب بصفة عامة , والدفاع عن المصير الوطني الذي يحتشد فيه الجميع في انتظار تحقيق الأهداف ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يقدمان التعازي -للشعب الإيراني-


.. كيف ستنعكسُ جهودُ الجنائية الدولية على الحرب في غزة؟ وما تأث




.. حماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد


.. 50 يوما طوارئ تنتظر إيران.. هل تتأثر علاقات إيران الخارجية ب




.. مقتل طبيب أمريكي في معتقلات الأسد