الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة المياه في العراق

نبراس المعموري

2008 / 6 / 29
الادارة و الاقتصاد


نظرلطبيعة العلاقات التي تسود بين دول الجوار فإن العامل المائي وحاجته وندرته أصبح مرتبطا بالبعد السياسي، إذ أضحى يوظف في خدمة الأغراض والأهداف والنفوذ والسيطرة والمنافع والمصالح المختلفة.وهنا استذكر ما
تحدث به الكاتب الأمريكي جون كيلي عن حرب المياه في المنطقة قائلاً " إن الماء ليس ضرورياً للحياة .. بل هو الحياة نفسها.. هذه الملاحظة من قبل الكاتب توضح أمراً أساسياً مفاده ان الماء والنفط اشتركا بالضرورة ، فبعد نضوب النفط، من المحتمل أن يسبب الماء الحرب..
.
النزاع على مصادر المياه أصبح يشكل فتيلا يهدد بظهور صراعات محلية وإقليمية مما يستدعي إلى أن تأخذ المنطقة المسألة بجدية من خلال وجود تصور وبعد استراتيجي يستدعي وضع سياسات مائية موحدة لمواجهة تحديات الأمن المائي الذي تجلى ذلك بمقولة احد الاتراك لما يريد العرب ان نعطيهم الماء مجانا وهم يبعوننا النفط..................الصراع على المياه ورفع شعار المياه نفط المستقبل يجعل شكل الحروب المقبلة تتغير من حروب البترول والطاقة الى حروب المياه ، سدود ابتداتها تركيا وتبعتها سوريا وايران وبقي العراق بين متفرج ومترقب لكارثة توقع الفاس بالراس .

الانهار الدولية في العراق

كما هو معروف انه يوجد في العراق انهار دولية كثيرة اهمها نهرا دجلة والفرات والروافد التي تصب في دجلة هي الخابور ،الزاب الكبير،الزاب الصغير وديالى ويكون العراق المجرى الاسفل لجميع هذه الانهار التي تنبع من تركيا باستثناء الزاب الصغير وديالى اللذان ينبعان من ايران الى جانب وجود العديد من الانهار الصغيرة الحدودية ويثير الانتفاع بمياه هذه الانهار الكثير من المشاكل
في الماضي لم يثر استغلال المياه في العراق اي مشكلة بسبب وقوع نهر الفرات من منبعه الى مصبه تحت سيادة دولة واحدة وهي الامبراطورية العثمانية ولكن بعد الحرب العالمية الاولى وسقوط الامبراطورية العثمانية قسم مجرى النهر بين ثلاث دول هي تركيا وسوريا والعراق وبذلك تغيرت هوية النهر اذ اصبح بعد عام 1918 نهرا دوليا بعد ان كان نهرا وطنيا فلم يعد استغلال مياهه يخضع لاختصاص دولة واحدة وانما تنازعت المصالح الذاتية لاكثر من دولة.

الازمة المائية

تعرّف الأزمة المائية بأنها خلل في التوازن بين الموارد المائية المتجددة والمتاحة والطلب المتزايد عليها والذي يتمثل بظهور عجز في الميزان المائي يتزايد باستمرار ويؤدي إلى إعاقة التنمية وهذا العجز هو الحالة التي يفوق حجم الاحتياجات المائية فيها كمية الموارد المائية المتجددة والمتاحة .
ويطلق على هذا العجز تسمية ( الفجوة المائية ). وعندما يصل العجز المائي إلى درجة تؤدي إلى أضرار اقتصادية واجتماعية تهدد بنية الدولة فإنه يكون قد وصل إلى ما يسمى بالأزمة المائية وما يثير الانتباه هي الازمة الحاصلة حاليا في العراق و تراجع حصة العراق من المياه من خلال تفاقم مشكلة الجفاف التي تحل هذا العام في عموم المناطق العراقية وما يتميز به من وقوعه ضمن المناطق الجافة وشبة الجافة بصيفه الحار وشتائه البارد حيث تتفاوت فيه درجات الحرارة بصورة كبيرة و معدلات سقوط الأمطار مابين (100- 1270) ملم سنويا من أقصى الجنوب وحتى الشمال التي شهدت في الاونة الاخيرة تدنيا كبيرا في معدلاتها المعروفة ، اضافة الى تأثر حصة العراق من المياه التي يحصل عليها من الأنهار المشتركة بينه وبين كل من تركيا وسوريا بسبب مشاريع السدود التي تقيمها تلك الدول منذ مدة. حيث وصلت حصة العراق من نهر الفرات إلى ثلث الكميات التي كانت تصله قبل السدود والتي ستعرض البلد الى أخطار زراعية تتمثل بنقص شديد في انتاج المحاصيل وشلل في منظومات الطاقة الكهربائية، فضلا عن تبعات اجتماعية وأخرى سياسية تتمثل باستخدام المياه كعامل هيمنة على دول المنطقة، كذلك خفض مناسيب مياه نهر دجلة الداخلة الى العراق من 20,93 مليار متر مكعب في السنة الى 9,7 مليار مكعب في السنة وهذا يشكل ما نسبته 47% من الاحتياج السنوي للنهر مما سيجعل العراق يخسر جراء ذلك (40%) من أراضيه الصالحة للزراعة والتي تقدر مساحتها بـ 696 ألف هكتار. أضف الى ذلك ان نهر ديالى القادم من إيران توقف عن الجريان بشكل نهائي بسبب قيام ايران بانشاء سد على هذا النهر مما ادى الى نضوب المياه فيه ،أما بحيرة السعدية إحدى اكبر بحيرات العراق فقد جفت هي الأخرى اثر انحسار المياه عنها منذ العام 2003.

المعاهدات والاتفاقات الدولية
وافق العراق عام 1947 على عقد معاهدة صداقة وحسن جوار مع تركيا الحق بها ستة بروتو كولات تضمنت تنظيم الانتفاع بمياه نهري دجلة والفرات وتفادي اضرار الفيضانات واقامة مشروعات للمحافظة على المياه وان توافق تركيا على مبدا اقامة اي مشروعات تثبت ضرورة اقامتها وتزويد العراق بالمعلومات الخاصة بالمشاريع والاعمال التي تنوي تركيا القيام بتنفيذها على نحو يوفق بقدر الامكان بين مصالح تركيا والعراق وذلك باتفاقهما المشترك لذلك لم تظهر اي مشكلة قانونية بين الدول الثلاث حتى بدات تركيا ثم سوريا في وضع الخطط لاستغلال مياه نهر الفرات ففي عام 1966 قامت تركيا ببناء سد كيبان الذي بلغ حينها سعة الخزن فيه الى 30,5مليار متر مكعب وانشاء محطة كهربائية قوتها خمسة مليارات كيلو واط اما سورية فقد قامت ببناء سد كبير على نهر الفرات يسمح بتخزين المياه بحجم اجمالي قدره 11,9مليار متر مكعب ومحطة كهربائية بقوة 800 الف كيلو واط وهكذا بدات كل من تركيا وسوريا بتنفيذ مشاريعها باستغلال مياه الفرات دون مراعاة لحقوق العراق المكتسبة في مياه النهر والتي قدرها الخبراء حينها ب 18 مليار متر مكعب من المياه ولقد سعى العراق الى عقد مفاوضات واتفاقيات لتحديد الانتفاع بمياه النهر بين الدول الثلاث الاان جميع اللقاءات والمحاولات حينها باءت بالفشل.
يتضح مما سبق ان تركيا وسوريا قد انتهكتا حقوق العراق المكتسبة في مياه النهر وخالفتا احكام المعاهدات المعقودة بين دول الفرات الثلاث كما انتهكتا مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالانتفاع بمياه الانهار الدولية بقيامها بانشاء مشاريع استغلال مياه الفرات قبل التوصل الى اتفاق مع العراق.
وبعد تاريخ من العلاقات المائية المتأزمة بين البلدين، توصلت سورية والعراق في عام 1990 ، ، إلى اتفاقية لاقتسام مياه نهر الفرات مقدرة عند الحدود السورية التركية بنسبة 58 بالمائة للعراق و42بالمائة لسورية.. وبالرجوع إلى البيانات المتعلقة بتصريف نهر الفرات ومقارنتها مع حجم المطالب الاستهلاكية للدول الثلاث ترى تركيا انه من المستحيل تلبيتها. حيث أن (88.7)بالمائة من إجمالي إيرادات نهر الفرات المائية تأتي من تركيا، في حين تساهم سورية بنحو (11.5) بالمائة، بينما العراق لا يساهم بأية كمية وكانت هذه المبررات عامل مساعد واساسي لاستمرار الجانب التركي بحرمان العراق من المياه.


ويمكن ايجاز الازمة المائية بالنقاط التالية :

* عدم السيطرة الكاملة على منابع المياه حيث ان العراق بلد مصب وليس بلد المنبع لنهري دجلة والفرات .

* إرتفاع معدلات النمو السكانية وتدني الوعي الصحي الاجتماعي مما يشكل فجوة بين التطور السكاني وكميات المياه المتوفرة.

* تشعب الاستخدامات المختلفة للمصادر المائية والإفراط في ضخ الآبار الجوفية وعدم الاستخدام الأمثل للموارد المائية ونظم إدارة المياه العادمة وفقدان الاستخدام الأفضل للري والسقاية.

*عبأ التلوث المائي وأخطاره على التوازن البيئي.

* وقوع البلد في منطقة شبه جافة.

*النظام السياسي السابق وما اتبعه من اهتمامات عسكرية وحروب متتالية جعلت من الجانب المائي جانبا مهمولا.

*تخلف الأساليب الإدارية وغياب السياسات المائية.

*التوتر السياسي وغياب التعاون الإقليمي.

الماء عنصر استراتيجي قد يوظف أو وظف لخدمة السياسة، ومن يملك مصادر المياه يملك مصادر التأثير في ظل غياب منظمات وتشريعات وقوانين ومعاهدات دولية تحكم الدول النهرية وتوضح حقها في المياه.

وفيما يتعلق بالأبعاد الجيو سياسية للأزمة المائيةفي العراق هناك البعد الجغرافي، حيث تتحكم دول الجوار متمثلة بتركيا وسوريا وحتى ايران بنحو 85% من الموارد المائية التي تدخل العراق. أما البعد السياسي فيمكن
غياب المعاهدات والاتفاقيات الدولية الناظمة لاستغلال واستخدام المياه بشكل قانون يراعي حقوق الدول المائية وبسبب ضعف إلزامية القانون الدولي.

أعضاء في مجلس النواب العراقي ومختصين وأكاديميين حذروا من أن العراق مقبل على أزمة كبيرة نتيجة نقص كمية المياه الواردة إلى العراق بسبب السياسات المائية التي تتخذها الدول المجاورة والتي تؤثر سلبا على كمية المياه الواصلة إلى العراق عبر نهري دجلة والفرات وروافدهما ،وطالبوا المختصين الجهات الحكومية المختصة باتخاذ الإجراءات الضرورية واللازمة لتفادي "كارثة" بيئية توشك أن تحل بالعراق.

وقد بدأت فعلا بوادر أزمة الحصص المائية بين العراق وتركيا وسوريا منذ الآن ،حيث توقع بعض الخبراء العراقيين أن مناسيب المياه لنهري دجلة والفرات ستشهد بحلول شهر أيلول القادم إلى مستويات مخيفة قد تصل لدون ال50% .



الية علاج المشكلة المائية:

علاج مشكلة المياه من وجهة نظر مختصيين في مجال الموارد المائية تكمن بعدة أمور من أهمها : الاول يكمن في سعى العراق مع الدول المتشاطئة للدخول في مفاوضات ثلاثية بغية التوصل إلى اتفاق يضمن الحصص المائية للدول المتشاطئة طبقا لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية حيث أن الاتصالات والمباحثات الجارية مع الجانب السوري جيدة وتنشط كل يوم أما الجانب التركي فإنها مستمرة بغية إفهام الجانب التركي أن قلة المياه في نهري دجلة والفرات سوف يسبب إلى تحويل ملايين من الدونمات الزراعية إلى أراضي قاحلة لاسيما وان تركيبة الأرض العراقية تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء ويضيف أما فيما يتعلق بالجانب الإيراني فان التعاون محصور في تبادل الزيارات ولم نلمس أي تطور مهم وتم الاتفاق مع الجانب التركي أن تكون حصة العراق المائية من نهر الفرات بحدود 51% أما حصة سوريا42 % أما الأمر الثاني فهو السياسة المائية لاستغلال هذه الموارد وضمن خطط مستقبلية واعطاء أهمية بالغة للمياه الجوفية لإغراض الاستثمار طويل الأمد ومن خلال استعمال مقدار الاستثمار الأمين الذي يضمن ثبات ضغط أو منسوب الطبقة المائية للفترة طويلة وذلك من خلال حفر الآبار وفق أسس عملية تعتمد على حجم الإنتاج والنوعية ومنع الاستثمار الجائر في المناطق البعيدة عن مصادر المياه السطحية ، فضلا عن زيادة أحكام السيطرة على الموارد المائية من خلال أكمال منظومة السدود الكبيرة كسد (بخمة ,سد منداوة ,.سد بادوش , سد طق طق و تنفيذ خطط لحفر الآبار للأعوام القادمة علما أن وزارة الموارد المائية انجزت حفر (461)بئرا في عام 2006 و(156) بئرا لغاية شهر نيسان 2007 .


معالجة ومواجهة نقص الموارد المائية في العراق كما جاء على لسان المدير العام في الوزارة السيد عون ذياب ....... تاتي من خلال ترشيد استهلاك المياه من خلال التوعية وطرق أدارة الموارد المائية منها أتباع أساليب للري مثل التنقيط وتطبيق نظام المراشنة ضمن المشاريع الاروائية وإزالة المخالفات والتجاوزات ضمن المشاريع الاروائية فضلا عن وضع الخطط الدقيقة لتشغيل منظومة السدود والخزانات للاستفادة القصوى من الخزين والوارد المتوقع في أشهر الصيف لضمان اجتياز الموسم بأقل الأضرار وتقليص بعض المساحات المروية للمواقع غير المجدية وتكثيف الحملات الإعلامية عن طريق وسائل الأعلام المختلفة من اجل ترشيد الاستهلاك والاستثمار العقلاني للمياه والحد من الهدر . كل هذه تساعد على تجنب العراق أن يكون ضمن مناطق التصحر والجفاف الذي من الممكن أن يتعرض له العراق في السنين القادمة.اضف الى ذلك اشراك المجتمع الدولي والمنظمان الدولية المعنية لغرض ايجاد صيغة قانونية تلزم الدول المجاورة بالالتزام بالا عراف الدولية التي تعتمد اسلوب المشاركة والاستفادة من المياه بالنسبة لدول المصب .

ان الواقع الجغرافي العراقي يضعنا أمام حقيقة واحدة وهي أن العراق مرتبط من ناحية الموارد المائية بدول عدة ،ومصادر المياه الرئيسية التي تزود نهري دجلة والفرات وبالدرجة الأساس هي من تركيا ،وهناك عدد من روافد دجلة هي من إيران ،وأي عملية أو تصرف أو مشروع يقام كالسدود والبحيرات وتوسيع أراضي زراعية في تركيا أو سوريا أو على روافد في إيران لها تأثير مباشر على الحصص المائية فالابضافة لما طرحه المختصون في مجال المياه وجب ان يفعل دور المفاوض العراقي الذي حاليا بدا يتحرك بين تركيا وسوريا وايران رغم ان التحرك الحاصل لم ينجم غير الوعود،وبكل الاحوال فان تركيا دولة فقيرة في الطاقة غنية بالماء وهذه معادلة تقبل النقاش والتباحث خصوصا اذا ما عرفنا ان 70 % من الغاز والنفط تحصل عليه تركيا من العراق والتساؤل المطروح هل مقولة احد الاتراك لما يريد العرب منا الماء مجانا ويبعوننا النفط قد تكون هي وسيلة النقاش واحجية المستقبل وبكل الاحوال الحوار في ظل التغيرات الحاصلة سياسيا وجغرافيا قد تفعل صيغة النقاش وتحقيق نتائج ترضي و تفعل التعاون بين الدول المتشاطئة لضمان تلافي الاضرار الناجمة التي تحرق الاخضر واليابس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة




.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال