الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الأفضل: -مرود- في المعارضة أم قرود في الحكومة؟؟

أحمد الخمسي

2008 / 6 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


عندما تصبح الحقائب الحكومية موضوع ارتباك تنظيمي ومحل (بالمعنى القانوني حيث تلتقي السببية والمسؤولية) تسابق شخصي وسببا في الكبوة، يصل الجسد إلى لحظة السقوط غير المضمون العواقب.

فتراكم عوامل التسابق والارتباك يجعل الجسد الحزبي متعبا بل ومصابا بزوائد ونواقص مزمنة، تفعل في التوازنات الحيوية للجسد مثل ارتفاع وانخفاض نسب الضغط والملح والسكر.

مما يجعل لحظة الكبوة الانتخابية (2007)، لحظة الإصابة بنزيف دموي داخلي، يستمر بكيفية مفرطة، تنقل الجسد من حالة انعدام مزمن في التوازنات إلى عجز حاد في المناعة. مثل عجز الجسد عن تفعيل تخثر الدم، مما ينقل الجسد من النزيف إلى الكوما.....

إن دفاع الحزب عن الغلط (المشاركة الكاملة في حكومة جطو مباشرة بعد انتقاد منهجية تكليف الوزير الأول بتشكيل الحكومة = خلافا للمنهجية الديمقراطية)، أبقى الحزب عاريا أمام التناقضات الموضوعية للحالة السياسية في البلاد. أي لا هو يستطيع انتقاد الممارسات التنفيذية للحكومة وللدولة، ولا هو فاعل في صياغة تلك الممارسات.

وهذه الحالة التي تميز الأحزاب الإدارية عادة(عدم القدرة على الفعل السياسي الرسمي وعدم القدرة على نقد أخطاء الممارسات الرسمية) لم تكن لتليق بطبيعة الأصول الاجتماعية والفكرية والسياسية للاتحاد. مما أفرز حالة مقاومة داخلية خامة، حتى مع التبني الكامل للسلوك القيادي، أصبح المنطق الداخلي للسلوك القيادي نفسه، من داخل الدفاع عن الحكومة، يحفر أسافين دائرية من حوله، من تحت حول الفوق.

وهذه الخنادق المحفورة ضمن حرب المواقع، الحكومية، فالقيادية، فالجغرافية، الجهوية فالإقليمية فالمحلية، تصل لأول مرة لتضع الكاتب الأول نفسه، رهينة داخل دائرة المحاسبة، على الأقل على أساس التنافي بين الدفاع عن المقاعد الحكومية وبين المسؤولية القيادية عن المآل الانتخابي للحزب.

إن التوازي بين لحظة النقد الذاتي الاتحادي، اللائق بتاريخية ونضالية ومحورية الاتحاد الاشتراكي ضمن الحركة الديمقراطية، وبين لحظة الالتفاف المتصاعد حولها من طرف لوائح من ضمن أبرز شخصيات المكتب السياسي المسؤول عن الغلط، بل والمسؤول عن الاستوزار من صلبه، سابقا (اليازغي، ولعلو والمالكي) ولاحقا (الراضي، لغماني)، هذا التوازي هو الذي يفسر تشمع لحمة المؤتمر، رغم تماسك الخطاب الذي قدمه اليازغي مستقويا بدياليكتيك الصياغة وخبرة الحبيب طالب في التوليف الجيد بين متواليات المشهد السياسي. إن الصياغة الجيدة للخطاب كما دأب اليازغي على فعله، لم تنفع أمام تراكم الضعف ودوائر التخندق وتعقد التناقضات.

ليس من باب الصدفة أن يعجز مؤتمر الاتحاد الإشتراكي عن معالجة كل نقط جدول أعماله لأول مرة. بل استكمال نصف قرن من عمر اليسار الشعبي الديمقراطي الوطني القومي الأممي، يضع بناة الحركة الديمقراطية المغربية أمام لحظة الانتقال البيولوجي. مقرونة بلحظة البحث عن مفاعل الديمقراطية الداخلية.

ولقد كان الاتحاد الإشتراكي دائما حقل التجربة الغني، لفائدة الشعب المغربي، وضمنها الصراع بين المطالب الديمقراطية الداخلية وبين صيغ الالتفاف عليها من طرف الجناح القريب من الدولة والمستفيد من ريع المواقع. وقد توفر نسيجه التنظيمي على القياديين الوسطيين الذي مكنوه من تجميع مقومات التناقض قصد توليفها نحو مخرج الوحدة.

إن اندماج الحزب الاشتراكي الديمقراطي وبعض الأطر اليساريين، لم يكن كافيا، ليلقح الاتحاد الاشتراكي بلواقح المناعة الوحدوية. فقد انفصل عن الاتحاد، كل من المؤتمر الوطني والحزب الاشتراكي والحزب العمالي وجمعية الوفاء. وانكسرت الحركة النقابية تبعا لذلك. فأصبحت لدينا من صلب ال (ك د ش)، ال (ف د ش) و ال (م د ش). دون الحديث عن انبثاق منظمات نقابية أخرى....مما بث حقنا إضافية من اليأس، انعكست في تقلص الكتلة الناخبة المصوتة على الاتحاد الاشتراكي في شتنبر 2007.

إن تشمع الأجهزة المكونة للمؤتمر، أرسل دماغ القرار السياسي الاتحادي إلى غرفة الإنعاش، في انتظار عودة الوعي، ومعالجة مفاصل الداء بدواء الصبر وحمية التبصر. غير أن اللحظة الاتحادية ليست سوى تكثيف للحالة اليسارية جميعا.

إن الاتحاد الاشتراكي مثل ذلك الجسد الجسور بعقل متيقظ. يمارس نزواته لكنه يحتفظ بكمية كافية من الكريات البييضاء لمحاربة مظاهر الضعف. لكن قدرة اليسار برمته على استعادة حالة الوعي، تتلخص في مؤشرين اثنين:

مؤشر العلاقة مع الجذور الاجتماعية، باعتبارها التربة التي نبت من صلبها اليسار. وإذا ما استمر في الانكفاء عنها، فسيصبح الجناح المحافظ في السياسة المغربية، أي الجناح المسيس للدين، جناحا ممثلا وحيدا لأوسع الطبقات الاجتماعية وهي الحالة التي تعرف في العلوم السياسية كونها ظرفية منعشة لدكتاتورية الدولة وغلبة ضغطها على ظهر المجتمع.

ومؤشر الانعزال القيادي عن القاعدة التنظيمية، مما يصل بالقدرة الإستقطابية لليسار إلى حالة الصفر، أي حالة العقم الكلي. وهو ما لاحظه الدارسون في أوراش المعهد الديمقراطي الأمريكي في الأيام القليلة الماضية.

أما الاستنتاج السياسي الذي أعلنه العقل السياسي الاتحادي من داخل المؤتمر الثامن، فهو الإعلان عن الموت السريري للشريان المعارض في الجسد الاتحادي. لقد أكد ذلك محمد اليازغي، من زاوية الدفاع عن البقاء في الحكومة. فكأنه يحفر لنفسه حفرة نهائية ما دام نائبه السابق قد استقال من الحكومة.

وأما نقل خبر مبيت برلمانيي العدالة والتنمية مع سكان سيدي افني، فقد يعد من باب التأكيد الإيجابي للنبوءة المأساوية لليازغي كون خروج الاتحاد للمعارضة سيحول الاتحاد إلى شبكوني بجوار العدالة والتنمية. لكن من يحول أن يتحول قوم من الأقوام من أسد ونمور إلى مجرد قرود في الحكومة؟؟؟؟

لم أكن أرد أن أنزل إلى هذا المستوى من التشبيه، لكن البادئ أظلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة