الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سلوكية اليمين الامريكي المتطرف - سلالة بوش .. وسياسة الحرب

سلام صادق

2004 / 1 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


من بين نصف المليون اوربي شرقي الذين قدموا الى الولايات المتحدة ، في الفترة الممتدة مابين عامي 48-52 يوجد اكثر من عشرة آلاف مجرم حرب نازي . ان هذا العدد الهائل من مجرمي الحرب الذين حلوا في الولايات المتحدة لم يكن بمجرد المصادفة وبدون تخطيط مسبق . ففي عام 1943 تولى الين دوليس رئاسة وكالة المخابرات المركزية الامريكية ، وفي عنف اشتعال الحرب الثانية تمكن في سويسرا من مقابلة كارل وولف  نائب رئيس جهاز الجستابو الالماني آنذاك هينريش هملر، واتفق الاخوه الاعداء العمل على مشروع مشترك يتكون من عدد من النقاط حول استقدام هذا العدد من النازيين الى الولايات المتحدة .كانت الفقرة الاولى من المشروع تتمحور حول اعطاء ملجأ في الولايات المتحدة لهؤلاء النازيين وبالاخص من مجرمي الحرب .اما الفقرة الثانية والتي تم الاتفاق على ان تكون على درجة كبيرة من السرية فتتمحور حول ان يكون من ضمن مجرمي الحرب هؤلاء عدد معين من العلماء الالمان والاخصائيين البايولوجيين والباحثين في مجالات البحوث الكيمياوية وخبراء الذرة واليورانيوم ، واعطائهم الدعم الكافي والمحفزات للعمل في قطاع الصناعات العسكرية الامريكية . وهنالك وثيقة تعود الى 2/6/53 تفيد بانه طبقا لهذه الفقرة من المشروع فقد تم استدراج 820 عالم وخبير على الاقل ، وكان من بينهم الجنرال والتر ايمل شريبر والذي اجرى تجاربه السابقة والذائعة الصيت على السجناء في معسكرات الاعتقال في مجالي الجمرة الخبيثة والتيفوس ، وكذلك تجاربه الاخرى المتعلقة باغراق السجناء في مياه تحت درجة الانجماد ، او اغلاقهم في غرف الضغط العالي المصممة لهذا الغرض ، وقد تم تعيينه مباشرة في المدرسة الطبية للقوة الجوية في تكساس .وكذلك الجنرال كورت بلوم الاخصائي في البايولوجيا والذي طور خلال فترة الحرب اللقاحات الخاصة بالطاعون ، وقد تم تعيينه في مختبرات الجيش الامريكي الكيمياوية .وهنالك وارنر فون براون الذي اشتغل في بينيموندا على صواريخ (في2) تحت قيادة الجنرال والتر دورنبرجر والذي اصبح فيما بعد مديرا لمركز ناسا مارشال للبحوث الفضائية ، حيث لعب دورا مهما في محاولات الولايات المتحدة للنزول على سطح القمر . وهنالك اعتقاد راسخ وقوي بان هذين الاخيرين مسؤولين عن ابادة اكثر من عشرين الف سجين في معسكري الاعتقال دورا و نوردهاوزن السيئي الصيت
لقد حصل الجيش الامريكي بموجب الاتفاق الآنف الذكر على اطنان عديدة من الوثائق العلمية والفنية الخاصة بتصنيع صواريخ ( في2) واستقدم اكثر من 1200 اخصائي وخبير بهذه الصواريخ ، وكان اشهرهم دورنبرجر الذي تم استخدامه في سلاح الجو الامريكي وعمل في برنامج الصواريخ الذرية العابرة للقارات لحساب الجيش الامريكي فيما بعد
كما ان وزارة الحرب الامريكية البنتاغون احتكرت لنفسها الخبراء البايولوجيين الذين شاركوا في ادارة الحرب العالمية الثانية وفي صنع اسلحة الدمار الشامل وتطويرها في جيش هتلر، والذين كانوا مسؤولين عن ابادة وقتل الملايين من البشر ، ويمكننا التدليل على ذلك باستخدام امريكا قنابل النابالم في الحرب الاهلية اليونانية عام 1944-1949 والقنابل الجرثومية وقنابل النابالم التي استخدمت في الحرب الكوريةعام 1950-1953. وايضا النابالم ومواد تسميم النباتات ( العناصر البرتقالية) والتي تحتوي على عناصر مركزة وشديدة التسميم تتسبب في السرطانات المختلفة لاحتواءها على الديوكسين كما حصل في الحرب الفيتنامية الثانية 1961-1975 ، وكذلك في اماكن ومناسبات اخرى
وتبقى عملية ( الشمس المشرقة ) من اكثر العمليات المحببة الى قلب الين دوليس ووكالة المخابرات المركزية الامريكية ، ولقد كان الشخصية المحورية في هذه العملية  رينهارد جيلين الذي كان مديرا لاعمال التجسس الالمانية في الاتحاد السوفييتي
والذي اشتهر بوسائله الوحشية واللاانسانية في انتزاع الاعترافات من الاسرى والسجناء اثناء الحرب ، ويعتقد المرء بان جيلين هذا تقع على عاتقه مسؤولية مقتل اربعة ملايين من بين عشرين مليون انسان سوفييتي فقدوا حياتهم في هذه الحرب
 علما بان جيلين هذا وفي غضون الايام الاخيرة للحرب تطوع والشبكة التجسسية التي يقودها لخدمة الامريكان في حربهم ضد المباديء الاشتراكية ، معلنا بداية ما اصطلح على تسميته فيما بعد بالحرب الباردة . وقد تم جلبه في 22 اغسطس 1945بالطائرة الخاصة للجنرال سمث الى الولايات المتحدة وقوبل بحفاوة منقطعة النظير
وخلال العقد التالي للحرب قامت وكالة المخابرات المركزية الامريكية بصرف ما مقداره اكثر من مائتي مليون دولار كمرتبات واعانات لأكثر من اربعة آلاف مخبر وجاسوس يعملون لحساب الولايات المتحدة فيما وراء ( الستار الحديدي ) وكان من المع الخبراء في هذا المجال ضابط الجستابوالمعروف ألويس برونر والذي كانت مهامه في المانيا النازية تتلخص في تصفية وسجن وابعاد ( الارهابيين) من الشيوعيين والاشتراكيين والديمقراطيين والقادة النقابيين من اليهود وغيرهم . ان برونر هذا كان العقل الذي يدير الغيتاوات وقطارات الموت المخصصة لنقل السجناء في معسكرات الاعتقال . وقد اثبتت بعض الوثائق مسؤوليته عن ابادة 130 الف انسان ، وقد كان برونر ومن على شاكلته من الخبراء ومجرمي الحرب موضع اعتزاز وكالة المخابرات المركزية الامريكية من اجل القيام بتدريب وتأهيل اعداد هائلة ( في المعركة ضد الارهاب  ) كما تسمى
ان جورج بوش الأب ، أب الرئيس الحالي جورج دبليو بوش كان متورطا بشكل لايقبل الشك في تلك المشاريع والصفقات والتي امتدت تاثيراتها على مدى عقود لاحقة في صياغة السياسات الخارجية للولايات المتحدة
ففي عام 1981 كان يقود الخطط السرية لوكالة المخابرات المركزية فيما يسمى بعمليات ( الكونترا تيرور ) كما انه تولى ادارة الوكالة بين عامي 76-77 وكان الرئيس الاول للوكالة الين دوليس احد الاصدقاء المقربين جدا لعائلة بوش وتربطه علاقات حميمة ببوش الاب . ويعود الفضل الى الين دوليس في عدم مثول جد الرئيس الحالي ريسكوت بوش امام القضاء لمحاكمته بتهمة المساعدات الكبيرة والرشاوى التي قدمها للنازيين خلال الحرب الثانية في صفقات التجهيزات العسكرية التي زود بها النازيين الالمان
في عام 1972 قام جورج بوش الاب الذي يترأس المجلس القومي الجمهوري بتعيين لازلو باستور رئيسا للمجلس الجمهوري للقوميات ، وقد اعتبر هذا التعيين من قبل الكثيرين على انه باعث للقلق ، فباستور هذا كان خلال سنوات الحرب العالمية
  الثانية ممثلا للحكومة الفاشية الهنغارية لدى المانيا ، ومع هذا التعيين فتح باب الحزب الجمهوري واسعا للتعامل والتعاون مع مجرمي الحرب النازيين ، وكمثال على ذلك نيكولاس نازارنكو الضابط السابق في الجستابو الالماني في رومانيا ، وكذلك رادي سلافوف المتخصص في استجواب السجناء السياسيين وتعذيبهم والناطق الرسمي باسم ايفان دوتشيف مؤسس الفيلق النازي البلغاري ، وفلوريان جالداو القس في الحرس الحديدي الروماني والذي يعود له الفضل في تهريب آلآف مجرمي الحرب النازيين الى الولايات المتحدة ، وهناك ايضا والتر ميليانوفيتش الناطق باسم الجمعية البيلوروسية الامريكية والذي عمل بهمة منقطعة النظير من اجل جعل فرقة المهمات الخاصة الروسية البيضاء كوحدة عاملة ضمن الجيش الهتلري النازي
ان هؤلاء الرجال بالاضافة الى اسماء اخرى عديدة كانوا يشكلون مركز الثقل في الحملة الانتخابية لجورج بوش الاب من اجل جمع الاصوات عام 1988 وخاصة في صفوف المواطنين من ذوي الاصول الشرق والوسط اوربية ، فمثلا كان سلافوف قائدا لحملة (بلغارلاجل بوش ) و جالداو قائدا لحملة ( رومانيون لأجل بوش ) وميليانوفيتش قائدا لحملة ( اوكرانيون لأجل بوش ) وهكذا
ان مجرمي الحرب النازيين من اللذين حصلوا على مأوى وملجأ في الولايات المتحدة جندوا انفسهم للعمل السياسي وشكلوا انواع مختلفة من نوادي الصداقة ومؤسسات العلاقات العامة التي ساعدت الرئيس الامريكي في الانتخابات الرئاسية ، وكان لبعضهم صلات وثيقة بصنّاع القرار وكذلك بأرباب الصناعات الحربية ومراكز تصنيعها ، فلازلو باستور ، نيكولاس نازارنكو
و والتر ميليانوفتش كانوا نشطين وفاعلين في لوبي السلاح المسمى ( التحالف لاجل السلام بالقوة ) التابع لمجلس الامن القومي  والمدعوم من قبل عدد كبير من شركات الصناعات الحربية
ان المصطلحات السياسية التي اطلقها في الاجواء اليمين الامريكي المتطرف كالحرب ضد الارهاب والدول المارقة والحرب الاستباقية والتهديد بالضربة النووية وتجفيف منابع الارهاب وتحطيم بناه التحتية ، هذه المصطلحات التي لم تكن معروفة سابقا لدى عامة الناس وفي وسائل الاعلام الامريكية،  اصبحت هذا اليوم بفضل الرئيس ونائبه دك تشيني ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد مصطلحات معروفة ومتداولة على صعيد السياسة الخارجية الرسمية للولايات المتحدة ، ليس هذا فحسب وانما اصبحت مصطلحات داخلية متداولة ايضا ولها مساس مباشر بالامن القومي الامريكي في اذهان الكثيرين
 
ترجمة وعرض : ســـلام صـــادق
 
 
تم عرض وترجمة المقالة عن صحيفة ( انترناشيونالن) والمبنية في الاساس على مقالة ( عائلة بوش والنازية الالمانية ) للكاتبين تاربلي ج. ويبستر و انطون شاتكين ، والتي هي في الاصل عرض وتلخيص مكثف لكتابهما ( جورج بوش .. سيرة ذاتية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق لصحيفة إسرائيلية بشأن الفشل الاستخباراتي يوم السابع من


.. حريق ناجم عن سقوط صاروخ على مستوطنة شلومي بالجليل الغربي




.. قناة إسرائيلية: هناك فجوات في مفاوضات صفقة التبادل وعملية رف


.. AA + COVER.mp4




.. -يفضل انتصار حماس-..أعضاء بالكونغرس الأميركي يهاجمون الرئيس