الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة التاسعه

نجم عذوف

2004 / 1 / 23
الادب والفن


                                     ثمةَ ما يؤرق ارتحالاتنا الى عوالمٍ سبقت ظلها ، ترامت على ضفاف انشغالاتها ، لهاث يتبع لهاث وصمت يمسك صمت تطوقه ارتعاشاتنا المخبوءة تحت حكايانا البكائية التي افاقت على سنواتها الهرمه . محطاتنا افرغتها وساوس السفر وقطاراتنا المتوقفه في زمن متوقف ... تارة نتدثر بالشرود وتارة نتدثر باستباحة الحلم اليقظ .
يا ايمان بقاؤنا جنون الوهم ، اصرارنا الوجودي خرافةً بانتظار المغدرة ، يرمي اشتعالاته على جمرتنا المتقدة ، من ذا .. يفتح باب ذاكرتنا المنكودة ةيدخلنا لنتدفء ، تجمدت الذاكرة في بلاد الجليد فاشعَلتِ ناراً لِتُذيبي انجماد الذاكرة .. أعدتِ اليً كينونة نفسي ، فلملمتُ الشتات وجئتُ اليك منكِ محملاً بليالٍ امطرتها السنوات فأنبتت هواجسها ، قلقها ، حكاياها .
ايمان ايتها الحبيبة التي فتحت باب القلب ودخلت دون اذن مني ، زرعت بنفسجتها في داخلي وسقتها برقتها ، ساحكي لكِ .......
كان حلم الصبا ياخذنا الى اديم الفرات ومروج الحقول ونخيلٍ مازال يكبر وينمو ، كنا نحلم باللامالوف وعالم الغرائب والعبث الغير منظم ، صِبا يشاكسُ صبا ، ووعي صبياني يصارعُ وجوده من اجل ان يبقى ، ( كافكه ، رامبو ، شكسبير ، الادب العربي  ) كلها كانت هموم .
كان الهم الذي كنا نصنعه ليس هو الهم الذي ياتي محض صدفه ، همٌ يتراكم فوق هموم الهم .
يا ايمان ..... كانت تاخذنا المحطات المكتظة بذاكرة الوداع ، وترجعنا القطارات المحملة بهموم الليالي ...... شاعر يترنح على ذاكرة المتنبي وابي تمام ، ترينه يلقي همومو القصيدة المتشحة برمال الصحراء ، سعد سباهي ذلك الكائن الذي خرج من جلباب المتنبي والجواهري ، له عوالمه الخاصة وطقوسه التي يمارسها مع القصيدة وهي ترتمي في احضانه مسترخيةً ، كان يُمتَعَكِ حديثه الشيق عن عوالم الادب العباسي وطرائفه .
اما حسن الحبوبي رحمه الله الشاعر المنزوي الذي يرتمي تحت ظلال الكتب ارى فيه اكلتهُ كتبه وهو يتنقل بين طرقات القصيدة الحديثة ، شاعرٌ مات قبل ان يولد رحل حسنٌ هذا بصمت في غرفته وبين كتبه وقصيدة كانت اخر وداع مع البقاء ...
خالد المعالي الشاعر الذي حمل معه البادية وجاء بهموم الصحراء ، كان يحمل ا لصحراء داخل حقيبته التي كانت رفيق له في حله وترحاله ، تمرد ... تحدى .. ارتمى بعيدا عن العالم الذي يعيشه ، كان الخصام معه له متعة والمشاكسة كانت اكثر جمالية ، خالد هذا افترق عنا في اولى خطوات الطريق مع قصائده وتطلعاته ...
يا ايمان .. هكذا كنا مزاحنا كان له طعم ثمرة نخيل السماوة وطيبة ارضها .. كانت ليالينا هواجس ، احلامنا يقظة ، حواراتنا كانت تاخذنا الى انفسنا وترجعنا اغتراب ، جيل نشأ وتفرق وذهب بعيداً لا اعلم كيف ، كنا لا نفارق ظلنا بعد ان تركنا ظلنا وذهب .. اننا الان نعيش دون ظل كان يخاصمن ويحاورنا ويشاركنا اخزاننا وافراحنا ...
تخونني الذاكرة كثيرا لذكر من أود ذكرهم وان اسعفتني قليلا فاستجمع وجه رجاء بشفافيته ووسامة شكله وقصائده التي كانت برائحة زهرة القرنفل ... علي حميد وتكوينته الرائعه وقصائده التي تطرق ابواب التصوف .. رعد حميد الذي آل الا ان يكون فكان ورص المفردة كانه يرص احجارا لبناء مملكة جميلة .. و .. و ...
جيلنا هذا ليس له حدود وليس له جغرافية ، اسواره  مفتوحة يدخلها الوافدون بلا رقيب ....
نعمان الحميدي شاعرنا الجميل الشفاف الذي في غفلة من نفسه ومنا رحل دون ان يودع نفسه او يودعنا ....
ترى اين انتم الان ايها الاحياء ، ترى هل نجتمع مرة اخرى .. ولكن كيف وقد مضى ما مضى ..
ايمان ا ايتها الحبيبة .. تاخذني الذكريات الان الى شواطئ نهر العطشان وتعيدني محملا بالهم ، بعد هذا وذاك .. تجمد كل شي في داخلي وانا استجمع شيئا من هذه الحكايا ولكن ياله من قدر .
تصارعت مع ذاكرتي ولم تسعفني مرة اخرى ولكن ساقول لكِ يا ايمان افتحي دفترك واكتب هذه الحكايا بانتظار ان تسعفنا الذاكرة ونكتب حكايا اخرى على طلل المدينة  ...
حملونا شوق الليالي وراحوا       ليتهم مثلما استراحو اراحوا
نذرونا للريح فالتهبتنا               لتوفي بنا النذور ُ الرياحُ

ولي معك ومع المدينة موعد اخر وانت تذكرينني بما نسته الذكرة   








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل