الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحراء بين أمنيي المغرب وجنرالات الصحراء

عبد الله الحريف

2008 / 7 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الرأي
تبنت منظمة إلى الأمام، وهي منظمة مغربية سرية تنتمي لليسار الجديد أنشئت في 1970، منذ اندلاع النزاع في الصحراء الغربية في 1974 موقف الدفاع على قضية تقرير المصير في الصحراء الغربية. وكانت أهم منظمة سياسية مغربية تتبنى هذا الموقف. من هذا المنطلق، واعتبارا لكونها منظمة معارضة جذرية للنظام الديكتاتوري للحسن الثاني، فإن مناضلي "إلى الأمام" كانوا ضحية القمع الوحشي المؤدي إلى الاستشهاد أو السَّجن لفترات طويلة، وصلت في بعض الأحيان إلى 17 سنة.
ثم ظهر فيما بعد حزب "النهج الديمقراطي"، الذي يمثل الاستمرارية السياسية والإيديولوجية لـ"إلى الأمام"، والذي أسس عام 1995 كحزب غير سري للاستفادة من الانفتاح السياسي المحدود والخاضع للحراسة المشددة. لكن الحزب لم يستطع انتزاع الاعتراف القانوني إلا في عام 2004 عند انعقاد مؤتمره الوطني الأول الذي أعاد تأكيد موقف "إلى الأمام" باختياره نهج التفاوض على أساس الشرعية الدولية لتحقيق تقرير المصير للشعب الصحراوي، وبالتالي، تفادي مخاطر الحرب ووضع الأساس لبناء المغرب العربي الكبير، مغرب الشعوب، الذي يبقى في نظرنا ضرورة تاريخية حتمية.
وقد رفض حزب النهج الديمقراطي مرتين في 2005 و2006 دعوة حضور اجتماع في الديوان الملكي حول قضية الصحراء الغربية، لكي لا يزكي موقف السلطة حول المسألة، ولهذا أجاب السلطة عبر رسائل مفتوحة لتفسير أسباب رفضه.
قبل أشهر من تبني الأمم المتحدة لقرارها الأخير حول الصحراء الغربية، بعث النهج الديمقراطي برسالة مفتوحة إلى الحكومة المغربية والبوليزاريو لحثهما على بدء مفاوضات مباشرة على أساس الشروعية الدولية، معتبرا أن الشعبين المغربي والصحراوي هما ضحية هذا الصراع الذي استنزف كثيرا من الأرواح والأموال وتسبب في منع قيام المغرب العربي الكبير. وقد استجاب البوليزاريو لهذا الطلب بينما التزمت الحكومة المغربية الصمت.
لذلك، يعتبر النهج الديمقراطي أن الحل المعقول الوحيد، والذي لن يكون مهينا لمستقبل الصراع حول الصحراء الغربية، هو الحل المتفاوض عليه. ويجب أن يحترم هذا الحل حرية اتخاذ القرار للشعب الصحراوي وحقه المشروع في تقرير مصيره. وهذا ما يشير إليه القرار الأخير للأمم المتحدة حول مسألة الصحراء الغربية.
أكيد أن مواقف الحكومة المغربية والبوليزاريو ظلت متباعدة جدا خلال المفاوضات التي جرت في منهاست وجنيف. غير أنه بإمكان الاتحاد الأوربي، لما تربطه من علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع بلدان المنطقة وأنظمتها، أن يضغط بثقله لخوض مفاوضات جادة ومبنية على رغبة حقيقية للوصول إلى حل يحترم اختيار الشعب الصحراوي، ويتوفر على الآليات الملزمة التي تضمن تحقيقه على أرض الواقع.
على هذا الأساس، فالحكومة المغربية مطالبة، في الوقت العاجل ومن أجل خلق جو ملائم للتفاوض، بإيقاف كل أشكال القمع التي تلجأ إليها ضد الشعب الصحراوي (من توقيف واختفاء قسري واعتقال)، وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين الصحراويين. وبوسع الاتحاد الأوربي أن يجعل تعاونه مع المغرب مشروطا باحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
ويعتبر النهج الديمقراطي أن الأنظمة العسكرية البوليسية في المغرب والجزائر تمنع في الوقت نفسه من إرساء الديمقراطية في بلداننا ومن الوصول إلى قرار عادل وديمقراطي للنزاع القائم في الصحراء الغربية. وما نسميه النظام العسكري البوليسي هو جماعة من الضباط السامين المتورطين في قمع الشعوب، ولا يشكلون مجموع الجيش أو الشرطة.
الواقع أن هذا النظام في المغرب يستفيد من هذا النزاع للمطالبة بـ"الإجماع الوطني" ضد "العدو الخارجي"، كلما ظهر في الأفق تقدم ديمقراطي ممكن، أو حدثَ تطور في نضال الشعب الصحراوي من أجل الحرية والعيش الكريم. كما يستفيد من ذلك بتكديس الثروات الطائلة على حساب الشعب الذي قُدر له أن يعيش حياة البؤس والتهميش المتصاعد.
ويعمل النظام العسكري البوليسي في الجزائر على استخدام هذا النزاع للإفراط في التسلح. ومن دون شك، فتفكيك هذه الأنظمة العسكرية البوليسية، أو على الأقل إضعافها، سيكون له أثر إيجابي على إرساء الديمقراطية في بلداننا وعلى حل النزاع في الصحراء الغربية.
إن هذه الزمرة العسكرية البوليسية في المغرب ارتكبت جرائم مشينة ضد الشعبين الصحراوي والمغربي. وقد اعتبر خلي هنا ولد الرشيد، أحد أعمدة النظام المغربي في الصحراء، في إحدى شهاداته للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بأن تلك الجرائم المرتكبة ضد الصحراويين في عهد الحسن الثاني بواسطة هذه الجماعة العسكرية البوليسية هي بمثابة جرائم ضد الإنسانية.
ونحن مقتنعون بأن إرساء الديمقراطية في بلداننا وتسوية النزاع في الصحراء هما أمران مرتبطان بشكل وثيق. لهذا، ينبغي على الاتحاد الأوربي أن يتحرك لدعم نضال الشعوب في المنطقة من أجل الديمقراطية. كما ينبغي عليه مساندة القوات الديمقراطية الحقيقية التي تحارب ضد الإفلات من العقاب، لأن الجرائم ضد الإنسانية لا تتقادم، وإضعاف هذه الجماعات العسكرية البوليسية يمر عبر رفع الحصانة عن المسؤولين عن التعذيب لمعاقبتهم على ذلك. وينبغي على الاتحاد الأوربي أن يساند القوى الديمقراطية في النضال اليومي لشعوب المنطقة، وليس مساندة هؤلاء الخاضعين للسلطات الأمنية تحت ذرائع مختلفة (مثل الحرب ضد الإرهاب، "الإجماع الوطني" ضد "العدو الخارجي"، الخوف من الخطر الإسلامي...)، وبالتالي يساهمون في تقليص الحريات القليلة التي انتزعت بعد صراع طويل.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب