الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوّل مرّة/4

خالد درويش

2008 / 7 / 2
الادب والفن



الوادي

عميق
وفي ثغره التين والماء
خذني معك
إلى القاع يا والدي
لن أواصل نحيبي
إذا ما لمست يدك.
عميق
وفي قاعه تسكن جنيّة
توزع حلوى على الشاطرين
وتأكل كل الصغار الذين
لا يسمعون الكلام
ولا يشربون حليب الصباح.


جمال عبد الناصر

1
مذياع صغير ببطاريات جديدة
وجيران لا يزوروننا عادة/
الكبار على حصيرة
والصغار عند الباب.
أبي عاقد الحاجبين يصغي
وأمي تسكتنا بسبابة على الشفتين
وتدور بالشاي على الحاضرين.

2
محمد أبو صلاح يرسم بروفيل عبد الناصر
دون أن يرفع قلمه عن الورق:
الشعر والجبين،
الحاجب الكثّ فوق العين،
الأنف والشفتين...
ويكسب الرهان.

3
انطلقت الجمهرات من المخيم بعد صلاة الفجر إلى المطار
برايات الوحدة وصور صانعيها،
لاستقبال موكب الرئيس.
اجتازوا البساتين
التهموا في طريقهم الكثير من القثاء والطماطم والمشمش الأخضر
وانتهوا عند الأسلاك الشائكة المحيطة بالمطار
حيث منعهم جنود بخوذات رصاصية وبنادق بولونية من متابعة المسير.
أشرقت الشمس
فتضوّع الهواء بعبير ورد الجوري
الذي يتفتح في مثل هذا الوقت كل عام.
زغردت امرأة
تبعتها زغاريد....
ظن الناس أن الرئيس وصل
فتدافع الحشد،
ورفرفت الرايات،
واشرأبت الأعناق
وتأهب الجنود المرابطون خلف السياج.
انزاح منديل أمي عن شعرها
أعادته وأبقت غرتها الكستنائية حاسرة.
تغضّن وجه أم عادل، رفيقة أمي
وانحنت قليلا وتأوهت من ألم أسنانها.
حلّقت طائرة في سماء الظهيرة
ثم حطّت على المدرج البعيد
كانت تبدو عبر المساحات الشاسعة من الأرض البور
مثل طائرة صغيرة من بلاستيك،
كالتي يلهو بها حسن السعدي، ابن مدير المدرسة.
تدافع الناس،
صفقوا بحرارة،
هتف البعض
وبكى البعض
ورقص آخرون
ثم انصرفوا.


دمشق

1
موكب عرس أختي يمضي إلى الشام
ترافقه الزغاريد والدموع/
دموع أهل العروس
ودموع أخي محمد
الذي راح يرجم الباص المتجه جنوبا
لأنهم استبعدوه من قائمة المسافرين .
نمت في الطريق
ولم يوقظوني.
نمت طويلا
ونمت عميقا
وحين أفقت
تسللت إلى غرفة النوم
حيث كانت أختي تتناول مع عريسها في السرير
أول وجبة إفطار في حياتهما الزوجية.
آه، ما أجمل الشام،
آه، ما أجمل العرس...
لقد كان على مائدتهما الكثير من الكعك والحليب.

2
اشتهيت عرنوس ذرة
من الحقل المحاذي للطريق
قطفت لي هيفاء واحدا
فصرخ صاحب الحقل وتبعنا هائجا
غضبت أمي وأنّبته بعد أن دفعت له ثمن العرنوس
قروشا حمراء تناولتها من جزدانها الجلدي الصغير.

3
في دمشق
نلت أول هدية في حياتي؛
هرمونيكا بلون الفضة
كسرها أخي توفيق،
الذي يكبرني بأربعة أعوام
ليكتشف منبع الألحان.

حرب حزيران

على زجاج الشبابيك ورق ازرق
والخنادق بين الأزقة يلهو في حناياها الصغار.
علي باكير يدعو الأهالي عبر سماعة المسجد العتيق
إلى حزم أمتعتهم استعدادا للعودة إلى الديار
فيحزم البعض أمتعته،
ولكنه يذهب بها شمالا
نحو قرى الحدود السورية التركية الآمنة
خوفا من غارات وشيكة.
في المساءات الستة لأيام الحرب
كان الناس يخرجون إلى الحقول المجاورة
كي لا تباغتهم طائرات الأعداء
فتقبض أرواحهم في الغرف الموصدة
يخرجون في سيران اضطراري في الهواء الطلق
مع المكسرات والشاي والعصائر
وراديوهات تصدح ببيانات صاخبة
عن انتصاراتنا وهزائمهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ا


.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ا




.. دوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ال


.. أرملة جورج سيدهم تتبرع بقميصه في مسرحية المتزوجون بمزاد خيري




.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة