الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توظيف المثل الشعبي في الفساد الإداري-القسم الرابع

كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)

2008 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بعد إن تنفس العراقيون الصعداء و تطلعوا إلى عهد جديد يكون فيه العراق دولة عصرية حديثة تحتل مرتبة مرموقة بين الدول التي كانت نامية وأصبحت نمورا و(اسودا) وإذا بنا نفاجئ بالمرتبة الثالثة ولكن من آخر الطابور وأي طابور ؟ طابور( بنات آوى ) في الفساد الإداري وحسب منظمة الشفافية الدولية التي تراقب الفساد الإداري في قائمة تضمنت (163) دولة لم يقف خلفنا في ذلك الطابور المهين إلاّ هايتي ودولة أخرى اسمها ميانمار ( بورما ).
لقد امتصت هذه الظاهرة كلما في نسغ المشروع الديمقراطي من عصارة الحياة وأفرزت الآثار المدمرة لتفشي الدمار الذي طال كل مقومات الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، فأهدرت الأموال والثروات الوطنية المعول عليها في بناء العراق وإعادة أعماره وأضاعت الجهود وعطلت الطاقات وتعرقل إنجاز الخدمات وتأزم الوضع الأمني إلى المستوى الذي يديم الفساد الإداري فقد كشفت الأحداث المتلاحقة ذلك الترابط بين الفساد الإداري والإرهاب وأنهما صنوان لا يمكن القضاء عليهما إلا بحزمة من الحلول المشتركة تتناولهما معا وبدون رحمة .
وهنا تبرز الحاجة إلى إيقاظ الأنساق القيمية البناءة وتحديد تلك التي تساهم باستفحال المرض وتفشي العدوى ولا حياء من الاعتراف بان تراثنا الشعبي كان وسطا حاملا لتلك العدوى وان الأمثال الشعبية العراقية تضم بين طياتها الكثير من ذلك ، لأن دراستها وتحليلها ممكن أن تدلنا على طريقة تفكير شعبنا فهي جزءا مهما من الذاكرة الشعبية و من أكثر الطرق التي يستخدمها الناس للتعبير عن وجهة نظرهم بصورة مركزة وإنها قد صُبّت في قالب محكم البناء قوامه الإيجاز والظرف والفكاهة والسخرية اللاذعة وتلك بحق مدعاة لانتشار المثل وذيوعه وتأثيره في توجيه سلوك سامعيه وقد أوجز ذلك الماوردي (ت450هـ) في كتابه أدب الدين والدنيا فيقول :"للأمثال من الكلام موقع الإسماع، والتأثير في القلوب، فلا يكاد المرسل يبلغ مبلغها، ولا يؤثر تأثيرها، لأن المعاني بها لائحة، والشواهد بها واضحة، والنفوس بها وامقة، والقلوب بها واثقة، والعقول لها موافقة، فلذلك ضرب الله الأمثال في كتابه العزيز وجعلها من دلائل رسله، وأوضح بها الحجة على خلقه، لأنها في العقول معقولة، وفي القلوب مقبولة."
فأغلب الأمثال لها حكاية من الواقع اختزلت بها نمط من حياة معينة وانعكاس لتجربة خاصة جرت لمن ضُرب به المثل والذي قد يكون إنسان من عامة الناس أطلق كلامه بتفكير مطابق للواقع بشكل ملفت أو من مفكر أطلق المثل بعد تأمل وتفكير عميقين وفي كلتا الحالتين لا بد للأمثال إن تحمل عنصر التطابق والتماثل على الآخرين وان تكون (مفصلة ) على مقاس مجتمعاتهم وقيمها التي ترسخت بحكم عوامل متعددة وتحولت إلى أدوات للسباحة ضد تيار الحضارة والدولة المدنية تظهر عندما يلوّح بها الأفراد من خلال سلوكهم اليومي والذي بأغلبه صنيعة للموروث الثقافي الشعبي ومنه الأمثال الشعبية التي تنوعت في تهيئة (المدد) الفوري لمختلف ضروب الفساد سواء للتبرير أو المحاججة، وقد نقبّت هذه الورقة في أكثر من عشرة آلاف مثل شعبي لتجد أن الكثير منها يتضمن التشجيع على تعاطي الفساد الإداري بكافة أشكاله والتي يمكن تبويبها وفق تلك الأشكال :

1-الرشوة
يتربع سلوك الرشوة على أعلى درجات سلم الإمراض الاجتماعية للمال فمن خلاله يتاجر الفرد بمركزه العام او الوظيفي وبذلك يعتدي على القيم الاجتماعية وينتهكها بسلوكية شاذة ومنحرفة والرشوة سلوك مكتسب له أسباب اقتصادية ونفسية واجتماعي والخطر في الرشوة عندما تتحول إلى تشويه للوعي القيمي وقد وجدنا الكثير من الأمثال الشعبية التي تغري بالرشوة وتبرر تعاطيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة :(البراطيل تروج الأباطيل ) او ( البرطيل يسهل الحاجات) والبرطيل هو الرشوة ، أو يستعمل المثل ( إدْهِِن السير وهو لين ) والسير هو الحزام الذي يستخدم لنقل الحركة بين العجلات ، وفيه دعوة صريحة للارتشاء، أما الأمثال (رزق البزازين على المعثرات ) و (كلمن يجيب نقش عوافي)و ( جان قضيتها بحنيني ) و(لا تسويها بيضة الديج )و(ما يرد الكريم الا البخيل)و (الحجي ما يخش بالخرج) فيها تلميح واضح لطلب الرشوة ، والخطر في ذلك امتطاء الأمثال ذات المداليل الدينية (للضرورة أحكام )و(رزق ناس على ناس والكل على الله) و(رزق الناس بيد الله مو بيد الناس)و(رزق واحد ما ياكله واحد)و((إجت وجابها الله) ترينا هذه الأمثال إمكانية المرتشي على قلب اتجاه المثل بما يناسب مآربه والإيحاء بان الرشوة ما هي إلاّ رزق مقدر من السماء ولا راد لهذا الأمر .

2- - تبادل المصالح الخاصة
من أساليب الفساد الإداري أن يتبادل الموظفون الكبار فيما بينهم شتى المنافع الشخصية ، فيقدم احدهم منفعة مقابل منفعة من ا لآخر وهذه يجسدها المثل (حكلي واحكلك) وهو مأخوذ من المثل العربي الفصيح (اضئ لي اقدح لك) وهذا الاقتباس يرد كثيرا في الامثال الشعبية كما تطرق البحث إلى ذلك في موضع سابق، ويشبه ذلك المثل القائل (شيلني واشيلك) وهو معروف في بلدان عربية أخرى .
3 - الوساطة والمحسوبية
الواسطة من القيم الاجتماعية ذات المنشأ لبدوي الموروث ونتاج لطبيعة العلاقات التي تنشأ بين أفراد المجتمع، وهي وجاهة لأصحاب النفوذ ودليل على مكانتهم الاجتماعية. والواسطة ترتبط بالشفاعة وقد تكون في مساعدة شخص ما في الحصول على حقه من المماطلة والتسويف أو إعفائه من التزام لا يجب الوفاء به، بدون ان يلحق الضرر بالآخرين، او تهدف إلى الحصول على حق غير مشروع أو رفع الواجب عن شخص ومن امثال الواسطة (خالتي وبت خالتي وللغريبة فضالتي) او(الخال وابن الخالة والغريب عل الفضاله) أو (مركتنا على زياكنا ) وهو كذلك اقتباس من المثل الفصيح (سمنكم أريق في أديمكم) أما إذا كانت الوساطة (للنسيب) فذلك شأن آخر(خش ويّه نسابتك بالرضا لا يخرب عليك الشغل)
(يليه القسم الخامس)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون