الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثنائيات عربية متضادة

محمد سيد رصاص

2008 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


نصَب الإنكليز الشريف فيصل بن الحسين ملكاً على العراق في شهر آب من عام1921بعد ثلاثة عشر شهراً من إخراج الفرنسيين له من حكم سوريا إثر معركة ميسلون ،وقد ظلَ الهاشميون في بغداد،ابتداءً من ذلك التاريخ ولسبعة وثلاثين عاماً،يسعون إلى استعادة حكم دمشق.
أنشأ هذا ثنائية متضادة،ومتجابهة،بين الشام والعراق،شبيهة بالوضع الذي كان في زمن الدولة الأموية،ماقاد إلى انهيار الأخيرة في عام750ميلادية بعد سبعة عقود من الإضطرابات التي تركزت في العراق ضد الحكم المركزي بدمشق بدءاً من حكم عبد الملك بن مروان:منذ عام1921رُسِمت السياسة العراقية باتجاه بوصلة الشام،وبعد عام1946ارتسمت استقطابات ومحاور السياسة العربية،عند القاهرة والرياض،باتجاه هدف منع الهاشميين في العراق من العودة إلى حكم دمشق،فيما دارت- وانقسمت- مدارات الحياة السياسية السورية بين مشروع(وحدة الهلال الخصيب)وضده،إلى أن كانت وحدة1958انتصاراً للقاهرة- ولمواليها السوريين- على بغداد،التي انهار فيها حكم الهاشميين بعد خمسة أشهر من تحقيق تلك الوحدة السورية - المصرية.
لم ينته ذلك التضاد بين دمشق وبغداد في يوم 14تموز1958،بل أخذ شكلاً جديداً من الصراع بين عبد الكريم قاسم(ومعه الشيوعيين)وبين عبد الناصر وحلفائه العراقيين،في حزب البعث وحركة القوميين العرب،الراغبون بانضمام العراق إلى دولة الوحدة،فيماكانت مخاوف عبدالناصر من"هلال خصيب بعثي"،إثروصول البعثيين إلى حكم بغداد ودمشق بين يومي8شباط و8آذار1963،بدون أساس،حيث انهار حكم البعث في العراق مع انقلاب عبد السلام عارف يوم18تشرين الثاني1963،لتدخل بغداد في مدار القاهرة ضد دمشق،وهو مااستمر حتى استيلاء حزب البعث مجدداً على حكم بغداد بين يومي17- 30تموز1968.
ظنَ الكثيرون أن عودة البعث لحكم العراق ستؤدي إلى تلاقي بغداد ودمشق،التي كان يحكمها البعث لخمس سنوات مضت قبل ذلك،وعندما خاب هذا الظن انتعشت الآمال من جديد بعد سقوط حكم اللواء صلاح جديد في دمشق يوم16تشرين الثاني 1970،انطلاقاً من الإعتقاد بأن انشقاق حزب البعث بين جناحي القيادتين القومية والقطرية في عام1966كان سبباً في ابتعاد دمشق وبغداد مع عودة البعثيين العراقيين الموالين للقيادة القومية للحكم في عام1968،الشيء الذي لم يتحقق حتى مع اشتراك الجيش العراقي في حرب1973ضد اسرائيل في الجبهة السورية،ليتصاعد التوتر الذي وصل منتصف السبعينيات إلى حدود حشد القوات والنزاع على مياه الفرات.
أيضاً،لم يتحقق ذلك حتى عبر التقاطع الذي حصل بين العاصمتين إثر توقيع اتفاقيات كامب دافيد(17أيلول1978)وخروج مصر من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي لمادخلتا في تقارب كاد يتحول إلى خطوات وحدوية،حيث انهار كل ذلك مع انفراد صدام حسين بالسلطة في بغداد إثر ابعاد الرئيس البكر يوم16تموز1979،ليعود التنافر والصدام ويصلا إلى حدود قصوى مع دعم العراق لتنظيمات المعارضة السورية المسلحة في عامي1979و1980 ثم مع تحالف دمشق وطهران في فترة الحرب العراقية الإيرانية،وصولاً إلى محطة غزو الكويت في 2آب1990لماوقفت دمشق في صف التحالف الدولي ضد صدام حسين.
لاتشكل الثنائية المتضادة بين دمشق وبغداد حالة منفردة في السياسة العربية،بل نجدها أيضاً بين الرباط والجزائر منذ حربهما القصيرة في عام1963بسبب نزاع حدودي بعد أشهر من استقلال الجزائر،وهو ماتطور إلى التأزم والتجابه مع بداية الأزمة الصحراوية منذ عام1975،هذه الأزمة التي ربط مؤخراً وزير الخارجية الجزائري بين حلها ومسألة فتح الحدود بين البلدين المغلقة منذ عام1994،فيماهناك ملامح على تشكل حالة شبيهة من قبل صنعاء تجاه الرياض إثر وحدة1990اليمنية،بينما تعطي دولة قطر،منذ منتصف التسعينيات،مؤشرات على أخذها لدور وانتهاجها سياسات،بدعم دولي،هي في مدار آخر بالقياس إلى سياسات المملكة العربية السعودية.
يعزوا الكثيرون هذه الثنائيات المتضادة،التي يعاني منها العرب،إلى مؤامرات دولية تم رسمها في دوائر تخطيط السياسات بالعواصم الكبرى،من أجل خلق نزاعات عربية بينية دائمة للحفاظ على حالة التفرقة العربية بمايؤمن مصالح الدول الكبرى،فيمايقول آخرون بأن ذلك يعود إلى تصادم الأدوار(والمصالح) وفقاً لعوامل الجغرافية السياسية:كيف يمكن مقاربة هذا الموضوع؟.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة