الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء احادي

جواد الحسون

2008 / 7 / 4
الادب والفن



تدحرجت خطاه مسافة بشوق لم يألفه من قبل ولم يستطع بكل ما تبقى لديه من صبر ان يكبح جماع ذلك الشوق الذي حاكته في قلبه سنوات الفراق الذي حكمت به افرازات زمن صعب سحقت ايامه عجلات الخوف والضعف والضياع لترتديه النفوس النقية التي طالما حكت باللقاء .
امتطى زمن فرحة القصير ... ورافق مااستطاع من ذكريات ذلك الزمن الذي اريد له ان يموت مبكرا .
كان عليه ان يجتاز الهضبة التي ترات له قريبة وانه سيبلغها قبل ان تستقيم الشمس فوق راسه ...تواردت اما عينيه صور اللقاء ولحظات الفرح المقبور الذي سيحيط بعالمه الذي اغتصبه الحزن بلا عناء .
توسط المسافة بين الفراغ الممتد على ضفاف مخيلته وبين الارض المشحونة بالموت , ليس امامه من خيار سوى السعي لكسر حاجز البعد بينه وبين مناه .... شعر ان الطريق تنحدر به مما دفعه الان يعجل بنقل خطاه للحفاظ على توازنه والا فستنزلق اقدامه ويسقط متدحرجا حتى نهاية المنحدر.
لم تمضي سوى لحظات قصيرة ليجد نفسه محاطا بعالم غريب من الهياكل الحجرية التي تباينت اشكالها واحجامها , تناثرت بشكل يعجز البصر من احتوائها .
وقف مندهشا وهو يقلب نظره بكل اتجاه .... فلم تشهد الارض حشدا بهذا الكم الهائل وبهذا السكون الرهيب المفعم بالخوف والهدوء حيث كل شيء يدعو الى التأمل العميق .
لم يكن يحسب حسابا للوقوف قبل ان يلمح ظله الذي تضاعف طوله باتجاه الشرق , حينها ادرك انه اخفق في تقدير الوقت .
تبعثرت خطاه كمن يسير في ارض ملغومة واستحاله عليه السير باستقامه واحدة وسط الهياكل الحجرية التي رصفت بعبث بما دعاه الى القفز فوقها ليختزل المسافة ويكسب بعض الوقت ليضمن عودته قبل غروب الشمس .
شيء ما يشده الى قراءة كل ما يقع عليه نظره , اسماء وكنى وصفات , لحياة ازدل ستار مسرحها ولم تعد تشكل شيء .
اقوال وحكم واشعار كلها كانت تقول بان النهاية واقعة لامحال ذيلت جميعها بتواريخ بعضها موغل بالقدم واخرى حديثة لاتزال ندية , انها النهاية الحتمية التي تحقق فيها الارض اخر امنياتها بان تستريح من عبث الاقدام وتزرع الصمت الابدي في الافواه التي استبعدت يوم صمتها وسكون اجسادها التي ملأت الارض حراكا قلما كان ذا فائدة ونفع .
صار في حيز ضيق ويمعن النظر في واجهات الهياكل المحيطة به حيث الانتظار الذي لايضجر منه ولايعرف مداه ابدا .
فجأة توقف عن الحراك وهو يشير بسبابته الى كومة انقاض , تفحص واجهات الهياكل مرة اخرى وهو يقترب من الحطام المنثور على الارض وقد اختلطت فيه حروف الاسماء وانصاف الارقام وتداخلت بقايا الحكم والاشعار بشكل يصعب فرزها وفهم معانيها , انهمرت دموعه بصمت وهو غارق في بحر متلاطم من التساؤلات التي لم يجد لها جوابا شافيا يعلل به الروح التي اوشكت ان تفيض من جسده .
قطعا لم يكن المكان مؤهلا لان يكون ساحة حرب !! هذا ماتوصل اليه .. ادركه الوقت وليس بوسعه فعل شيء غير انه غرس فوق مكان القبر شمعه صغيره .. تركها تحترق ببطىء ..... ورحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد


.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد




.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام