الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران المدنية

عمار السواد

2008 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ما الذي سيحصل في العراق لو كانت ايران بنظام حكم علماني، او بنظام حكم اسلامي معتدل لا يؤمن بتصدير التجربة او ادلجة الجوار؟ هل ستمارس ايران الدور نفسه الذي تمارسه في العراق؟ وهل سيعاني العراق المعاناة الحاضرة اليوم؟ وهل سيفتز الاخر الغربي والعربي من حجم التأثير الايراني؟
التأثير الايراني في العراق ليس جديدا، انما هو نفوذ متبادل موجود منذ وقت طويل ابعد حتى من تاريخ الاسلام نفسه.. فايران لديها تأثيرها في العراق قبل قيام الدولة الايرانية بعقود او قرون واحقاب... والتأثير العراقي في ايران كان موجودا ايضا في الفترات الماضية بسبب الوصاية الدينية التي تمارسها النجف في الكثير من الاحيان على المتدينين الشيعة في ايران وايضا بسبب التداخل السكاني بين العراق والمناطق الايرانية التي يقطنها العرب، وهي مناطق غنية بالنفط.
وهناك مستوى من التأثير يمكن ان يعتبر طبيعيا في ظل واقع جغرافي ديموغرافي متداخل... لكن عندما يتحول التأثير الى ارادة للهيمنة السياسية او مساع للنفوذ الايدلوجي فإنه يأخذ منحى غير طبيعي والتصدي له يكون مهمة وطنية ملحة.
فعندما كان لدى العراق ايديولوجيا قومية يعمل عليها وسعى الى بثها في الجنوب الايراني اصبح النفوذ في تلك الحقبة امرا خارج الاعراف والقوانين الدولية، وايضا عندما سعت ايران بعد الثورة الاسلامية الى مد نفوذها الديني في العراق مستغلة التركيبة السكانية العراقية فان عملها كان وما يزال انتهاكا واعتداء لا يمكن القبول به.
ورغم ان الاحزاب العراقية ما زالت تعاني من المتبنيات الايديولوجية ذات الطابع الشمولي الا ان العراق بعد التغيير تمكن من التحرر عن الاهداف الايديولوجية الاممية والعابرة للقطرية، حتى وان وجدت احزاب عراقية تتمسك ببعض التصورات الايدلوجية "فوق المحلية". فالسياسة الخارجية غير مبنية على ستراتيجيات عقائدية او افكار مؤدلجة، وهذا ما يخلص جيرانه من أي تهديد عبر ممرات ومنافذ مؤدلجة.
الا ان ايران ما زالت تمتلك الايديولوجيا التي تسعى لبثها في العراق، وهذا ما تتضح معالمه في طبيعة الاحداث الجارية في البلاد، فمساع التأثير المندفعة طائفيا من قبل بعض الدول العربية تواجهها جهود ايرانية حثيثة لنشر نمط الاسلام السياسي الذي تتبناه بل واكثر تشويها من الصورة السائدة في ايران، وقد قامت فعلا في الفترة الماضية بحزمة من التصرفات لضرب عصفورين بحجر واحد، التصدي للولايات المتحدة الاميركية في العراق للتخلص من التهديد بضرب ايران، وايضا نشر ثقافة الاسلام السياسي الثوري وفق الرؤية الايرانية.
ولست اسعى هنا الى القول بان ايران هي الدولة الوحيدة التي تمارس تأثيرها ونفوذها، لأن هذا ليس صحيحا. الدول الاقليمية المهمة الاخرى كالسعودية وسوريا قامت بجهود للنفوذ غير المشروع، فسوريا اوهمت نفسها بالتصدي للولايات المتحدة داخل العراق الا ان تصديها بات قتلا للعراقيين بالجملة عندما سهلت المهمة لتنظيم القاعدة والبعثيين ليمارسوا القتل، والسعودية والى جانبها الامارات اتخذتا موقفا طائفيا صريحا ترجم فيما الى تدخل بطرق متعددة كلها ذات اهداف طائفية.
غير ان تدخلات ايران تؤدي الى تحجيم الواجهة المدنية الضرورية لدى الاكثرية التي يعول عليها لصناعة مجتمع الدولة المدنية ومن ثم تحقيق نظام سياسي وفق منظور مدني لا يتبنى اطروحات دينية او ايديولوجية شمولية.
وعليه فان نجاح المحافظين في ايران يخيفنا وفوز الاصلاحيين يقلل من المخاوف، وظهور واجهات اكثر مدنية يجعلنا مسرورين لان اكبر جيراننا واكثرهم قدرة على التأثير يصبح نظامها السياسي يؤمن بدولة مدنية، لهذا التطورات الداخلية في ايران تهم العراق ايضا، باعتبارها تطورات ايجابية او سلبية تؤثر في الداخل العراقي.
نحن لا نخاف من ايران الفارسية، لان فرصها في النفوذ على شعب باغلبية عربية قليلة، ومخاوف البعض من ايران ذات الاغلبية الشيعية ليست مبررة لأن هذه الجيرة الى جانب الجيرة مع دول سنية يمكن ان تجعل من العراق ذي التعددية الطائفية منطقة حوار وتواصل اقليمي... لكننا نخاف من ايران المحملة بايديولوجيا ثورية شمولية لأن العراق سيبقى يعاني ان تمكنت منه هذه الايديولوجيا. انما يجب ان يحكم برؤية مدنية تحترم الخصوصيات والحريات المدنية والشعائر الدينية، وهذه الدولة لن تقوم بأي حال من الاحوال ان استمرت ايران تغذي الواقع العراقي بتصوراتها عن الدولة والمجتمع.
وكي نصنع الفرص، حتى وان ندرت خيارات صناعتها، فانا لا يمكن ان ننتظر قيام دولة مدنية او حكومة معتدلة في ايران، على العراق، وتحديدا النخب المعتدلة، التواصل مع الوجه المعتدل لأيران حتى لا يكون الوجه المتشدد هو صاحب خيار التواصل والاستمرار. ان في ايران مدارس فكرية وتيارات ثقافية يمكن الحوار والتثاقف معها كي تهيمن العلاقة مع الليبرالية اوالمدنية او الاصلاحية الدينية الايرانية على العلاقة مع الراديكالية الايرانية. فان هناك حاجة ماسة لان يقوم المثقفون والسياسيون المدنيون العراقيون بالتواصل مع الثقافة الايرانية المدنية للتصدي لمنافذ الثقافة المتشددة.
عمار السواد (الكعبي)










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل