الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقتلوا حزب الله فقد كشف خزينا

محمد جمول

2008 / 7 / 4
كتابات ساخرة


يحكى أن قسا بريطانيا كان جالسا مع زوجته وهو يقرأ في إحدى الصحف خبرا عن نظرية داروين أول ظهورها. وحين فرغ من قراءة الخبر طوى الصحيفة وتوجه إلى زوجته قائلا: أرجو أن لا يكون ما يقال في هذه النظرية صحيحا، وإذا كان صحيحا أرجو أن لا يطلع عليه الناس.
عشنا أجيالا متعاقبة ونحن نشعر بالاعتزاز والفخر. كنا على يقين أن الدنيا بخير وأننا نملك المجد من أطرافه. وفي أسوأ الأحوال كنا على يقين أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان.
ولكن لسوء الحظ أن عصر الإنترنت وثورة المعلومات والاتصالات جاء ليكشف عرينا ويبين لنا بطريقة لا يمكن الالتفاف عليها أننا على مسافة بعيدة من آخر ركب الحضارة والتقدم، وانكشف الوهم وزيف كل الذين عملوا على تربيتنا بشكل اقتنعنا معه أننا في الطليعة وأننا بألف خير.
واكتشفنا أن فراش الحرير الذي ننام عليه منسوج من خيوط الكذب. وأن خطب زعمائنا الطويلة العصماء لم تهزم غيرنا وأن دعوات رجال الدين لم ترسل أحدا إلى الجحيم غيرنا.
لو استطعنا هزيمة ثورة المعلومات أو إقناع أنفسنا بعدم وجودها أو عدم جدواها لما كان عندنا الآن مشكلة. كل ما استطعنا فعله هو أننا أقنعنا أنفسنا أننا كنا دائما نفعل أفضل ما يمكن فعله، وأننا قاتلنا، على سبيل المثال، في "نكسة" الخامس من حزيران العام 1967 وفي كل النكسات التي سبقتها وأعقبتها أحسن قتال، لكن الحصول على أحسن مما حصل كان مستحيلا. إذن كنا منتصرين دائما، و لم يكن هناك خطأ فينا. أو أن كل ما كان يجري قدر مكتوب وما علينا إلا تقبله بكل الرضا والامتنان، بل والاعتزاز به.
هكذا كان الحال حتى يوليو/ تموز 2006 حين قاتل حزب الله بطريقة مختلفة كشفت عرينا وخزينا،وبينت أن النصر لم يكن مستحيلا وأن ثمن الهزيمة دائما أعلى بكثير من ثمن النصر، وتبين أن هناك أخطاء وأشياء أخرى يفضل عدم تسميتها. ولئلا تسمى باسمها الحقيقي، وتبدأ الأسئلة بالانهمار، وتفتح الصفحات، التي رُشت بالعطر وطويت، وتفوح روائحها الحقيقية، التي لا تدعو للفخر، كان لابد من تسمية ما جرى في ذاك الشهر بغير اسمه. يجب تسميته بأي اسم إلا أن يكون نصرا. فمن عاش واقتنع، أو أُقنع، أنه لا يصلح إلا للهزائم، لا يجوز أن تتاح له فرصة تذوق طعم النصر ولو مرة واحدة، لأنه يصبح مخيفا وسيطالب بأشياء كثيرة ومنها إعادة كل المعارك التي خاضها حين كان مؤمنا بالهزيمة قبل أن يبدأ القتال، ومنها أيضا أن يطلب من الآخرين التعامل معه من جديد على أنه صاحب كرامة وحقوق مثل سائر شعوب الأرض التي ترفض الذل والمهانة والتنازل عن حقوقها بحجة حاجة الآخرين إليها أو نزولا عند رغبة الشرعية الدولية المحترمة التي كانت كل حلولها على حساب الضعفاء.
لذلك كان من الضروري إعادة صاحب ذاك النصر إلى عقلية القطيع وتفكيره وتأديبه أو معاقبته على ما اقترفه من خروج على ما بات عرفا وعقيدة . وتبرع العقلاء الأخيار بشده من الخلف وجره إلى مزابلهم وأزقتهم واستهلاك قواه في صراعاتهم والجدل حول ما فعله : هل هو اعتداء على التاريخ والقيم والشرف، أم هو عمل طائش بريء؟ وهل يستحق العقاب أم الاستتابة والصفح؟
وكان الحكم: بما أنه اعتدى على قيمنا وتراثنا وأمجادنا، وبما أنه أراد تكذيب كل ما قلناه ونسف كل ما بنيناه عامدا متعمدا، فقد تقرر تسفيهه و إذلاله وقتله من دون أن تقبل توبته حتى لو أعلن التوبة. فما من شيء يبرر الصبر عليه. وما من أحد قادر على تحمل صفاقة ذاك الصبي الذي صرخ أمام الجميع: الأمير يسير عاريا.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب