الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار الوطني رؤية عملية

فاطمه قاسم

2008 / 7 / 4
القضية الفلسطينية


على امتداد أكثر من عام , وتحديدا منذ الرابع عشر من حزيران في العام الماضي , واجه الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية , وجميع فصائله الوطنية والإسلامية , تحديات خطيرة تتعلق بالمصير , مصير القضية الفلسطينية , ومصير المشروع الوطني برمته , وتحديدا على الأصعدة التالية
أولا : الانقسام الذي حدث على المستوى السياسي والإداري , والانفصال الذي تعمق كثيرا بين قطاع غزة والضفة الغربية , وذلك على اثر موجات الاقتتال الداخلي , وفشل جهود الحوار والمصالحة , وصول الأمور إلى حد الانقلاب المسلح الذي قامت به حركة حماس وسيطرت بموجبه على الأوضاع في قطاع غزة
ثانيا : الحصار الإسرائيلي القاتل الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ ذلك الحين , والذي باركته أو شجعته أو غضت النظر عنه القوى الدولية المؤثرة , بل وحتى القوى الإقليمية في هذه المنطقة التي حولنا , وهو حصار كلف الشعب الفلسطيني خسائر فادحة ومدمرة لم تقتصر على هياكل الاقتصاد ومشاريع البنية التحتية , بل وصل التأثير المدمر لهذا الحصار إلى النسيج الاجتماعي بل إلى النسيج النفسي
ثالثا : موجة العنف االاسرائلي , التي تجاوزت الحدود , وهي موجه
ظالمة لم تستثني البشر ولا الشجر, وطالت كل شيء بدون استثناء, لدرجة أن قطاع غزة تحول إلى ارض محروقة تقريبا.
على امتداد هذه السنة العصيبة والقاسية جدا , كانت هناك جهود فلسطينية تبذل , وكانت هذه الجهود تندفع في سباق مشتعل , أي الحلقات تبدأ بكسرها , هل حلقة الانقسام من خلال الحوار الوطني , أم حلقة الحصار والعنف الدموي من خلال التهدئة ,وكان الاتجاه الفلسطيني العام يرغب أن يبدأ الانجاز أولا على صعيد الحوار الوطني وذلك لسببين رئيسيين
السبب الأول : أن الحوار الوطني يحتاج إلى توافق إرادة فلسطينية , بينما التهدئة تحتاج إلى توافق إرادة فلسطينية وإسرائيلية على الأقل , وكان المأمول والمفروض أن ينجز أولا ما يتطلب إرادة وطنية , ولكن مع الأسف الشديد , فان الجهود التي بذلت أم تتمكن من تجاوز الحواجز والعراقيل والصعوبات .
السبب الثاني : أن الجميع يعلم أن انجاز الحوار والمصالحة قبل التهدئة كان سيمكننا من الحصول على شروط أفضل للتهدئة من الشروط المجحفة التي قبلنا بها والتي بدا سريانها اعتبارا من الساعة السادسة صباح الخميس الموافق 19 /7 الماضي وخاصة البند الذي يفصل في آليات التنفيذ بين الضفة والقطاع , ولكنا قبلنا بالتهدئة تحت ضغط الاحتياج الشديد لشعبنا لهذه التهدئة للتخفيف من المعاناة وفتح المعابر , ولفتح أفاق نحو أن تكون التهدئة تتساوق مع المفهوم الفلسطيني الذي يريدها أن تكون بوابة للحوار , والمصالحة , والوحدة الوطنية .
وبطبيعة الحال فان موافقة جميع الفصائل على التهدئة بشروطها المجحفة الحالية , والحيثيات التي اعتمدناها جميعا لقبول التهدئة , هذه الموافقة وهذه الحيثيات تسقط بشكل نهائي الذرائع السياسية والايدولوجية التي كان يتغطى بها الانقسام , حيث يقال أن أصل الخلاف الفلسطيني ناجم عن مشروعين متناقضين , مشروع مقاومة ومشروع مفاوضات وتسويات , ولكن بعد موافقة الجميع على اتفاق التهدئة الذي توسطت فيه الشقيقة مصر لمجهود كبير , فان مثل ذلك الغطاء السياسي والايدولوجي لم يعد قائما , ولم يعد أصحابه يستطيعون تكراره , لان واقع الحال يناقض ويعاكس أي ادعاء بهذا الخصوص , وتبلورت الفكرة الأساسية بهذا الخصوص التي تقول بأنه ليس من المنطقي وليس من الأخلاق في اللحظة والوقت أن نتوافق على تحقيق التهدئة وتخفيض السلاح في وجه الاحتلال بينما نبقي على تصعيد خلافاتنا ضد بعضنا , إذ ليس هناك من وسيلة أو طريق غير الحوار .
وقد ثبت أيضا :
أن الخروقات التي تواجهها التهدئة سواء جاءت من إسرائيل مباشرة أو من تعسف شروط التهدئة , لا يمكن التغلب عليها إلا بواسطة الحوار , الحوار الوطني الشامل , وهو جوهر الدعوة التي وجهها الرئيس أبو مازن في حزيران الماضي , حيث رحبت جميع الأطراف الفلسطينية بالدعوة , ولكن الترحيب لم يبلور أو يجسد آليات ود يناميات تحويل الدعوة إلى وقائع متتابعة باتجاه المصالحة ,
وهنا
نقترح في هذا المقال بعض الخطوات التمهيدية لخلق أجواء مناسبة للحوار , مثل الوقف الحاسم للسجال الإعلامي الذي وصل في السنة الأخيرة إلى مستويات خطيرة وهابطة , ومن ثم تبيض السجون من كل المعتقلين على خلفيات سياسية , وتكثيف محاولات استعادة الثقة , وخلق أجواء ايجابية .
وباتجاه الحل أيضا:
يجب أن تبدأ وتكرس خطوات عملية مباشرة مثل إعلان الجميع وخاصة حركة حماس القبول بمبدأ الحوار الوطني الشامل , وليس الثنائي مع حركة فتح , فلقد ثبت أن الحوار الثنائي يبعد ويعزل الآخرين , ويجعلهم خارج المحاصصة , وهذا يضعف الإجماع والزخم الوطني الذي يجب أن تحاط به الدعوة للحوار
كما نرى أن الأطراف الفلسطينية , يجب أن تخرج نفسها من العناوين العامة , وان تقدم خارطة مبندة ومحددة المواعيد , لأنه إذا أقدم كل طرف خارطة منفصلة وكما يراها لاستئناف الحوار , فإننا في نهاية المطاف على مشترك أوسع نبدأ به يساعدنا من الوصول إلى صيغة نهائية شاملة ,
وهذا الحوار الذي نطالب أن يبدأ بسرعة , لان كل تباطؤ في الوقت يساعد على تنامي العناصر السلبية , هذا الحوار الوطني يجب أن تصاحبه لجان وطنية متخصصة لصياغة بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية وقانونية , ولجان دستورية لصياغة الإصلاحات المطلوبة لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية , وحكومة توافق وطني تقوم بالتحضير للانتخابات , بمعنى أن الحوار الوطني المعمق يجب أن يبدأ باليات محددة ترافقه , وليس فقط تصريحات وعناوين عامة وغير محددة سرعان ما نعود ونختلف على تفاصيلها , وهذا الحوار الوطني يجب أن تبدأ ورشته الأساسية ولا تتوقف حتى اكتمال الصيغة النهائية للتوافق , مع وجود الحاضنة العربية التي تتحمل معنا المسئولية والأعباء بل وممارسة الضغط حين تكون نقاط الخلاف مستعصية ومعقدة وكبيرة الحجم ,
المأزق الفلسطيني عميق جدا , وتداعياته قد تصل إلى مستويات عالية من الخطورة , وكلما تأخر الوقت , فان الثمن الذي ندفعه يصبح اكبر , ويكون غير محتمل , وبطبيعة الحال فان شعبنا هو من يدفع الثمن , وقضيتنا هي التي تخسر , ولذلك لا بد أن نبدأ , لان أية رهانات خارج دائرة الحوار الوطني ستكون خاسرة بالمطلق , وتجربة السنة الأخيرة تؤكد هذه الحقيقة ,
إن الحوار الوطني ضرورة ملحة, وهذا الحوار الوطني يلزمه رافعة وطنية وعملية متلاحقة وليس مجرد عناوين وشعارات تتوه في الفضاء الفارغ ويتوه معها شعبنا وقضيتنا ومشروعنا الوطني بشكل كامل.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة