الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة الرئيس إلى الحوار فتحت باب الأمل، فهل يدخلنا سيادته إلى بوابة العمل؟!

أيوب عثمان

2008 / 7 / 4
القضية الفلسطينية


ما الذي نفعله في شأن الحوار؟! ما الذي يشغلنا عنه؟! وماذا ينبغي لنا أن نفعل من أجله؟ هل نملك الجرأة لنعلن أننا لا نفعل شيئاً على مستوى تحقيقه كهدف وأمل ووسيلة؟! نعترف أننا نتحرق شوقاً من أجل أن يكون الحوار لإنهاء الانقسام.. نعترف أننا عقدنا مؤتمرات وورش عمل وندوات... نعترف أننا سيّرنا مسيرات وشاركنا في مظاهرات... نعترف أننا غرقنا في التحليلات وأنشأنا القصائد والمطولات وأطلقنا المبادرات وجمعنا آلاف التوقيعات واستضفنا في فضائياتنا وإذاعاتنا من الصحفيين والكتاب والباحثين العشرات والعشرات... وأشبعنا ما لدينا من غرور وعشق للنجومية وحب للظهور... ولكن، علينا أن نعترف أننا لم نحقق حتى اللحظة من الحوار حرفاً ولم نقترب من المصالحة شبراً.
ولأننا عقدنا مؤتمرات وندوات وورش عمل ولقاءات انتهينا جميعنا فيها إلى أن الحوار ضرورة ملحة وعاجلة لابد أن تتحقق اليوم قبل الغد، فإننا نتساءل لماذا لم يبدأ الحوار بالأمس قبل اليوم؟! لماذا لا يبدأ الحوار الآن؟! لماذا لا يكون الحوار، على سبيل المثال، غداً أو بعد غد، وبموجب جدول أعمال واضح ومتفق عليه؟! هل نحن معنيون بالحديث عن الحوار دون ممارسته أو حتى مجرد الاقتراب منه؟! هل مسموح لنا أن نتحدث عن الحوار وحسناته، كما يحلو لنا، دون أن نخطو خطوة عملية واحدة في اتجاهه؟!
كثيرون منا يعجبون بأنفسهم وهم يوجهون الدعوة إلى مؤتمر أو ندوة أو لقاء، وكأن الدعوة في حد ذاتها هي غاية القصد والمراد.. كثيرون منا يتبارزون في تعبيراتهم التي تحيّي الحوار وتمجد المصالحة، ولكن الحوار لم يبدأ والمصالحة بالتالي لم تتحقق!!
لقد حضرت واستمعت إلى عشرات المؤتمرات والندوات واللقاءات التي رحبت جميعها بدعوة الأخ الرئيس إلى الحوار، كما رحبت بالاستجابة السريعة لحركة حماس في الخارج والداخل ولرئيس وزرائها (المقال!)، لكن الحوار لم يبدأ بعد!!!
لقد انقضى على دعوة سيادة الرئيس إلى الحوار تسعة وعشرون يوماً حتى الساعة لكن شيئاً واحداً حتى اللحظة لم يتحقق!! إذاً، ما الأمر؟! فبالرغم من انقضاء تسعة وعشرين يوماً، حتى الآن، على دعوة سيادة الرئيس إلى الحوار في خطاب وجهه إلى الشعب يوم الأربعاء 4/6/2008، إلا أن شيئاً عملياً واحداً حتى اللحظة في اتجاه الحوار لم يحدث بعد. لقد دعا سيادة الرئيس إلى حوار وطني شامل بغية إنهاء حالة الانقسام الوطني وتحقيق المصالحة الوطنية المنشودة، معلناً أنه سيتحرك على المستويين العربي والدولي لضمان الدعم والتأييد لهذا التوجه، بما يعيد لشعبنا وحدته الوطنية التي تشكل – والكلام للرئيس – ضمانتنا الأقوى لاستعادة حقوقنا الثابتة في تقرير المصير والعودة وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس، مضيفاً أنه نتيجة لهذه الجهود وتتويجاً لها سيدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، مطالباً الأسرة الدولية في الوقت نفسه بالتدخل لوقف الحصار الظالم عن قطاع غزة، داعياً الأمة العربية إلى التحرك على الصعيد الدولي، لرفع الحصار الذي يشكل جريمة حرب ضد الشعب الفلسطيني.
حينما وجه سيادة الرئيس دعوته إلى حوار وطني شامل فإنما يكون قد فعل ذلك انطلاقاً من شعوره بالمسؤولية الوطنية، بصفته رئيساً شرعياً منتخباً ورئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبصفته مسؤولاً أول لنظامنا السياسي الفلسطيني. لقد أعلن سيادة الرئيس عن إطلاق دعوة الحوار انطلاقاً من إيمانه اليقيني الراسخ أن الممكن القوي والضامن الوحيد لأي نجاح فلسطيني هو الانطلاق من تحت سقف البيت الوطني الفلسطيني لترميم أعمدته وإعادة رفع بنيانه بغية انتشاله من الأخطاء التي هددته ومن تلك المتوقع هجومها عليه.
صحيح أن دعوة الرئيس إلى الحوار لا يجوز تأجيل تنفيذها، لاسيما وإن الجميع قد رحبوا بها ترحيباً مثالياً، ولكن توجيه الدعوة والترحيب بها ليسا كافيين على الإطلاق. إذاً، ما الذي ينبغي عمله كي يبدأ الحوار، وفوراً، كما دعا سيادته؟!
الجواب هو: حيث إن الذي وجه الدعوة للحوار هو سيادة الرئيس/ محمود عباس، وحيث إن سيادته هو الرئيس الشرعي المنتخب للشعب الفلسطيني كله بفتحه وحماسه وجميع فصائله ومؤسساته وقواه، فإن سيادة الرئيس هو الذي يحدد تاريخ بدء الحوار دون الاكتفاء بتشكيل لجنة من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وممثلين عن الفصائل والقوى لمتابعة تنفيذ الدعوة. وعليه، فإنني أرى ضرورة للخطوات الآتية، على سبيل المثال لا الحصر:
• أن يحدد سيادة الرئيس تاريخ بدء الحوار.
• أن يقوم أعضاء اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ الدعوة بالاتصال بكل من فتح وحماس، ومن ثم ببقية الفصائل والقوى ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية وقادة الفكر والرأي.
• أن تقدم كل من الحركتين المتنازعتين وباقي الفصائل والقوى ما لديها من أفكار ورؤى لإنهاء الانقسام.

هذا، وإن هناك مبادئ لابد لحركتي فتح وحماس أن تعترفا بها، وهي:
1) لا إمكانية لأي أحد أن يشطب رفيق دربه، بل عليه أن يتكامل معه إما بالتوحد، أو بالاتفاق أو بالتوافق.
2) لا مكان ولا احترام لأي كلام وحدوي أو اتفاقي أو توافقي ما لم يؤكده النهج العملي الميداني.
3) إن المرجعية الوطنية التي يجب الاحتكام إليها عند الاختلاف هي القانون الأساسي الفلسطيني المعدل واتفاقية القاهرة 2005 ووثيقة الوفاق الوطني 2006.
4) التأكيد على شرعية مقاومة الاحتلال والشرعية الرئاسية والشرعية النيابية.
5) التأكيد على أن معركة الشعب الفلسطيني الرئيسية هي ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأن الحوار هو الطريق الوحيد لحل الخلافات والصراعات الفلسطينية الداخلية مهما كبر حجمها ومهما كان استعصاؤها.
6) الاتفاق أو التوافق على أن "الالتزام بالاتفاقيات السابقة" ليس أمراً مقدساً، ذلك أن الاتفاقات السابقة قد سقطت جميعها من الناحية القانونية منذ انتهاء مفاوضات المرحلة الانتقالية في مايو 1998، وليس أدل على ذلك من أن إسرائيل قد أعادت احتلالها لجميع مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية. والسؤال الذي يجب أن ينتصب في وجه كل من يطالب الشعب الفلسطيني بالالتزام بتلك الاتفاقيات هو: إذا كانت إسرائيل لا تحترم تلك الاتفاقيات فلماذا ينبغي للشعب الفلسطيني أن يحترمها حد الإجلال والقداسة ويلتزم بتنفيذها حد التصارع والاقتتال الدامي فيما بين أبنائه وحد تضمينها في برامجه السياسية؟!
7) إدراك الجميع حقيقة أن مسؤولية السلطة الوطنية الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي لا تزيد عن حدود المسؤولية البلدية، وهي المسؤولية التي ينبغي للشعب الفلسطيني أن يحرص على عدم توسيعها، ذلك أن توسيعها تحت الاحتلال سوف يكون بلا جدوى وبلا ثمن أيضاً، فضلاً عن ما يرتبط بتوسيعها من أضرار.

في مقال بعنوان "ما بعد الغضب!" نشرته صحيفة القدس صباح الثلاثاء 4/3/2008، طالب كاتبه الفلسطيني (المقدسي) الأخ/ عزام توفيق أبو السعود سيادة الرئيس أبو مازن بالذهاب إلى غزة، قائلاً: "إذا ما توجه الرئيس أبو مازن إلى غزة، في رحلة محدد موعدها، فانه سيجد مليون شخص يستقبلونه بين بيت حانون وغزة ، وربما يحملونه على الأعناق بكل ود، لا شيء يخشى على حياته ، وسيكون بين مستقبليه رجال حماس وغيرها من الفئات السياسية التي نقول عنها أنها تعارضه، ذلك أن جميع الناس هناك يعترفون ويقرون، بأنه رئيس كل الشعب الفلسطيني ، حماس تقر بذلك، ولم يصدر عنها أي حديث عكس ذلك .نعم سيوصله الناس ويحمونه حتى يصل إلى المنتدى ، أو إلى بيته هناك في غزة، ولن يكون بحاجة إلى حرس واجراءات أمنية مشددة لحمايته ، سيحميه الشعب هناك، فتحاويون وحمساويون وجبهاويون .. ولا أعتقد أن هناك أية خشية على حياته ، لكن وجوده هناك ، سيجعله أقرب إلى حل القضايا المعلقة ، أقرب إلى الالتقاء مع من خالفوه الرأي السياسي... فرصة للمصالحة الوطنية الحقيقية ، وفرصة حقيقية لقفل باب التنابذ بالألقاب ، والعودة للعمل الموحد نحو البناء ونحو التنمية ، ونحو رؤيا وطنية شاملة يمكن الاتفاق عليها لتكون البلد أكثر قوة ، وأكثر قدرة على تحقيق أهدافها ، وإنهاء حقيقيا لموضوع الانفصال ، وإعادة لملمة هذا الوطن الممزق المشرذم المتناحر..."
وفي مقال آخر بعنوان" "متى يعود الرئيس عباس إلى غزة؟" نشرته صحيفة القدس صباح الاثنين 7/4/2008، عبر كاتبه الفلسطيني (الغزي) المتخصص في علم السياسة الأخ الأستاذ الدكتور/ ناجي شراب عن توقه المتنامي لتحقيق أمنية غالية لديه، وهي انتقال الرئيس إلى غزة، قائلاً: "إن مجرد وصوله إلى غزة سيكون فعلاً سياسياً له ما بعده"، حيث تطوى صفحة مر الانقسام ومرارته ويفتح أفق أمل الوحدة وبشارته.
أما أنا فقد عبرت في مقالين منفصلين، الأول بتاريخ 5/3/2008 بعنوان: "أبو مازن: لماذا لا يأتي؟ لماذا لا يذهب؟ أسئلة بلا أجوبة!"، والثاني بتاريخ 10/4/2008 بعنوان "تارة من غزة وأخرى من القدس والضفة: متى يعود أبو مازن إلى غزة؟!" عن عظيم سعادتي بما كتبه الأخوان الوطنيان/ عزام (المقدسي) و ناجي (الغزي)، واللذان طالبا سيادة الرئيس بالانتقال إلى غزة، وهو ما كنت قد طالبته به في أكثر من موقف، وفي أكثر من مقال. فقد نشرت في 24/12/2007 مقالاً بعنوان: "بعد أنابوليس وتصعيد الاستيطان اليهودي أبو مازن في غزة!!" طالبت فيه سيادة الرئيس بالتحرك الفوري إلى غزة، قائلاً لسيادته: إن فاتك ذلك في الماضي وحتى اليوم، فلعله لا يفوتك اليوم أو غداً. فلتأت يا سيادة الرئيس إلى غزة، لتعمل على إنهاء حصارها مع أهلها وكل قواها... فلتأت إلى غزة وتتصرف مسؤولاً عنها، بصفتها جزءاً لا يتجزأ من الوطن الذي ترئسه أنت بشرعيتك الدستورية والقانونية... فلتأت إلى مقر إدارتك للسلطة من غزة... من المنتدى. فالذين نفذوا الحسم العسكري لا ينبغي لك أن تنظر إليهم خصوماً أو أنداداً، بل إنهم مرؤوسون إليك، فأنت الرئيس المنتخب. إذاً، فلتأت يا سيادة الرئيس، لتصيد مليون عصفور في ضربة واحدة: لترفض عملياً الانقسام الفلسطيني، ولتثبت عكس ما يقال عنك في أنك بالانقسام سعيد، وعكس ما يشاع عن قرار أمريكي إسرائيلي يقضي بمنعك من التحاور مع حماس، ولتدير الشأن الفلسطيني – كما كنت – من غزة، ولترى الناس في غزة المحاصرة ويروك، ولتتحدث معهم ويتحدثوا إليك في الشأن الفلسطيني والوحدة وإعادة اللحمة، ولتوحد بقدومك إلى غزة جغرافيتنا الفلسطينية ونظامنا السياسي الفلسطيني، ولتثبت عملياً وسياسياً أنك رئيس كل الشعب الفلسطيني، وليس للضفة فقط أو لفتح فقط، وأنه ما من فلسطيني واحد ينكر عليك شرعيتك، رئيساً منتخباً للشعب الفلسطيني بكل فصائله وأحزابه وانتماءاته وقواه، ولتثبت – قبل كل شيء وبعده – أنك أنت أبو الطفل وأم الطفل... أنت الذي يصد عن (الطفل- الوطن) غوائل القسمة وأخطار التشظي والانقسام. إذاً، فلتأت يا سيادة الرئيس إلى غزة... فلتأت اليوم قبل الغد، وإن فضلت عدم الحديث مع حماس في البداية، فاعلم أنك أنت الرئيس الشرعي المنتخب الذي لا يفتح بابه أو يوصد إلا بإذنه".
إضافة إلى كل ما سبق، فإنه تجدر الإشارة – ونحن في سياق الحديث عن انتقال سيادة الرئيس إلى غزة كخطوة عملية ميدانية ضرورية وواجبة لمتابعة دعوة سيادته للحوار – إلى أننا نحن في "مجموعة الحوار الوطني من الأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين" كنا قد تنبهنا ثم نبهنا إلى خطورة الانقسام منذ أول أيامه، فملكنا الجرأة والمبادرة، حيث عقدنا صباح الأول من يوليو 2007 مؤتمراً صحافياً في رامتان-غزة، طالبنا فيه سيادة الرئيس بسرعة التوجه إلى غزة لاحتواء الأزمة وإنهاء الانقسام في مهده، وذلك إيماناً منا بأن الواجب الوطني يدعوه إلى غزة للإقامة فيها، بصفته رئيساً ليس للضفة فقط وليس لفتح فقط، وإنما للسلطة كلها في الضفة وغزة والقدس ورئيساً للشعب الفلسطيني كله بفتحه وحماسه وباقي فصائله وقواه ومؤسساته.
وآخر الكلام، إذا كان الشعب الفلسطيني في غزة يتساءل مندهشاً: "لماذا لا يأتي الرئيس الشرعي المنتخب أبو مازن إلى غزة؟!"، وإذا كان الشعب الفلسطيني في القدس والضفة هو الآخر يتساءل مستهجناً: "لماذا لا يذهب أبو مازن إلى غزة؟!"، وإذا كان الرئيس أبو مازن هو الذي أطلق الدعوة إلى الحوار الوطني الشامل والفوري، وإذا كانت الدعوة التي أطلقها سيادته لم تترجم – حتى اللحظة – على نحو عملي وميداني، بالرغم من انقضاء نحو شهر على إطلاقها، فهل يفاجئ الجميع أبو مازن بانتقاله السريع إلى غزة، في سياق أجندة وطنية يعلنها سيادته مسبقاً، محدداً فيها تاريخ الشروع في الحوار الوطني الشامل، ومرتباً من خلالها أبجدياته ومقتضياته؟!












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و