الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوائز أسوأ الشركات تأثيرا على البيئة لعام 2003

باتر محمد علي وردم

2004 / 1 / 24
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


لا شك في أن النظام الصناعي التقليدي للإنتاج يحدث تدميرا كبيرا للبيئة والموارد الطبيعية، وبات من الثابت أن استمرار هذا النمط لا يمكن أن يعود بالخير على البشرية على المدى الطويل. واثبتت مئات الحالات المأساوية في العالم والتي تسبب فيها فشل أنظمة التصنيع في حماية البيئة والإنسان قيام  النظام الاقتصادي الصناعي العالمي بتدمير الموارد الطبيعية وحياة الإنسان المعتمدة على هذه الموارد.
وتقف الشركات الكبرى الدولية في قفص الاتهام الرئيسي وهي تواجه حملات منظمة ومؤثرة من المنظمات البيئية تتسم بالمواجهة وأهمها حملات مساءلة الشركات  Corporate Accountability التي تقودها منظمتا السلام الأخضر وأصدقاء الأرض. وقد كثفت المنظمات حملتها المتعلقة بالمطالبة بإخضاع الشركات الكبرى للمساءلة البيئية والاجتماعية وجعلتها محور نشاطاتها في منذ أكثر من ثلاث سنوات.
 وقد طورت المنظمات مجموعة من مبادئ مساْلة الشركات أسمتها " مبادئ بوبال لمساءلة الشركات" وذلك تذكيرا بكارثة تدفق الغازات السامة من مصنع شركة يونيون كاربايد الأميركية في مدينة بوبال في الهند عام 1984 والذي أودى بحياة الآلاف بدون أن تقوم الشركة بدفع مستحقات وتعويضات للضحايا أو تنظيف منطقة الكارثة.   وقد نشرت السلام الأخضر تقريرا موثقا يفضح الكثير من "الجرائم البيئية" التي ارتكبتها صناعات كبيرة حول العالم وتسببت بمشاكل مباشرة للإنسان والطبيعة. وتوضح هذه الحالات كيف أن الصناعات تنجو دائما بفعلتها دون أن تتمكن السلطات المحلية أو الدولية من مقاضاتها وإجبارها على تنظيف المنطقة الملوثة أو دفع تعويضات تتناسب مع الأضرار.
وعلى سبيل المثال، فإن كارثة انشطار وغرق سفينة النفط "برستيج" قبالة السواحل الإسبانية في العام 2002 شكلت واحدة من أكبر الكوارث البيئية في التاريخ، فقد وصلت كمية بقعة الزيت التي هاجمت السواحل الإسبانية إلى 11 ألف طن من أصل 70 ألف طن وهي حمولة السفينة المنكوبة. المسؤولية عن هذا الحادث بقيت ضائعة لعدة أسباب أهمها التعقيدات الإجرائية والتركيبة المتشعبة لملكية السفينة. في البداية تعود ملكية السفينة إلى شركة ليبيرية لا تملك إلا هذه السفينة، ولكن الملكية الحقيقية لها تعود إلى شركة يونانية ضخمة. وكانت السفينة أثناء أبحارها ترفع علم جمهورية جزر الباهاماس بما أنها مسجلة في هذه الدولة الصغيرة التي تطمح كما تشير الملصقات الدعائية الصادرة عنها إلى أن تكون أكبر موقع لتسجيل السفن التجارية في العالم. ولكن الغريب هو أن شركة الباهاماس للتسجيل البحري لا يقع مقرها الرئيسي في جزر الباهاماس بل في قلب لندن.
 أما النفط نفسه الذي لوث المياه الإسبانية فتعود ملكيته إلى شركة نفط مسجلة في جبل طارق وهي التي نظمت حركة السفينة الأخيرة. أما هذه الشركة المالكة للنفط فتعود ملكيتها الرئيسية بدورها إلى شركة روسية تمثل اندماجا بين ثلاثة شركات تعمل في كل أشكال النقل والتصدير بدءا من الإلكترونيات وانتهاء بالنفط  وتملك أيضا حوالي 40% من حصص تصدير اللحوم من منغوليا!! أما رئيس هذه الشركة الروسية فهو تاسع أثرى رجل في العالم وتبلغ ثروته 20 بليون دولار وهو من أهم رموز طبقة الرأسمالية الروسية التي انتجتها سياسات الإصلاح الاقتصادي. وبالتالي فإن عملية الوصول للجهة التي يمكن أن تتحمل المسؤولية المباشرة وتتعرض للمساءلة كانت في منتهى التعقيد.

أسوأ الشركات في العالم
وقد وزعت منظمة أصدقاء الأرض العام الماضي ما سمته جوائز الأكاديمية الدولية "للغسيل الأخضر Greenwash " والذي يعني قيام الشركات والمؤسسات الملوثة للبيئة بتزوير سجلاتها البيئية والإدعاء بحسن الإدارة البيئية لديها من خلال وسائل الإعلام أو التقارير المفبركة لإعطاء صورة عامة ايجابية حول أداء هذه الشركات.
وقد تم اختيار الشركة الفائزة بجائزة الغسيل الأخضر لعام 32 وهي بريتيش بتروليوم أحدى أكبر شركات النفط والطاقة في العالم، وقالت منظمة أصدقاء الأرض أنها اختارت هذه الشركة لأنها رفعت شعار "ما بعد النفط" في كل حملاتها الدعائية العالمية لإعطاء تصور عن أنها تقوم بالتخطيط والعمل على استبدال النفط بموارد الطاقة المتجددة ولكنها في الواقع لا تفعل ذلك بل تحول إنتاجها من النفط إلى الغاز وكلا المصدرين ملوث للبيئة. ومع أن الشركة تضع في كل حملاتها الإعلامية حقيقة أنها تستثمر 200 مليون دولار في الطاقة الشمسية، فأن منظمة أصدقاء الأرض تقول بأن هذا المبلغ أقل من حملة الدعاية العالمية للشركة في العام 2002 كما أنه سينفق على مدار ست سنوات وليس سنة واحدة.
أما جائزة المركز الثاني فقد حازت عليها مناصفة  مجموعة شركات التعدين العالمية بالإضافة إلى مبادرة "معايير منظمة الأمن والتعاون الاقتصادي حول الشركات متعدية الجنسيات". والسبب في هذا الاختيار يعود إلى أن هذه المعايير التي طورتها منظمة التعاون الاقتصادي لا تلتزم بها أية شركة تعدين في العالم بالرغم من أن الدعايات والحملات الإعلامية المشتركة تشير إلى أن هذه الشركات هي أعضاء في المبادرة الدولية ولكنها في الواقع لا تقوم بتنفيذ أي من تعهداتها على أرض الواقع، وقد ذكرت منظمة أصدقاء الأرض الكثير من الأمثلة حول عدم فعالية هذه المعايير.
وطورت المنظمة أيضا جائزة خاصة للخداع الإعلامي فيما يتعلق بالتأثيرات الاجتماعية لعمل الشركات، وفازت شركة "نستلة" السويسرية بجائزة العام على قاعدة أنها خدعت المستهلكين في العالم بالقول أنها عضو في إئتلاف الأمم المتحدة العالمي "جلوبال كومباكت" الذي أعلن عنه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عام 2000 ويضع معايير خاصة للمسؤوليات الاجتماعية والبيئية والثقافية للشركات  الملتزمة بهذا العهد. والمعروف أن نستلة من أكثر الشركات العالمية المعرضة للمقاطعة، لأسباب تتراوح بين تقديم الدعم لإسرائيل وطرح منتجات بديلة للرضاعة الطبيعية بما يخالف المعاهدة الدولية لتنظيم المنتجات البديلة للرضاعة الطبيعية والتي أقرتها 190 دولة في العالم.
أما مركز الوصيف في هذه الجائرة فتقاسمته عملاقتا الهندسة الوراثية "نوفارتيس" و" أفنتيس" والتين إنضمتا لمبادرة "جلوبال كومباكت" لتحسين صورتها العالمية بدون أن تغير أيا من سياساتها في إنتاج وتسويق الأغذية المعدبة وراثيا التي تثير الكثير من الرفض في العالم.
وكانت هناك جائزة لأفضل حكومة تؤيد الغسيل البيئي وحازت عليها الولايات المتحدة، وجائزة أفضل مبادرة دولية تشجع الخداع البيئي وحازت عليها "جلوبال كومباكت" والتي استقبلت العديد من الشركات الملوثة للبيئة الهادفة إلى تحسين صورتها دون أن تغير سياساتها أو أهدافها أو تساهم فعليا في تحسين الوضع البيئي. بينما حازت شركة إكسون موبيل على جائزة التلاعب والتأثير على المعاهدات الدولية بسبب دورها الكبير في التأثير على سياسات الإدارة الأميركية تجاه معاهدة كيوتو والتي أدت إلى الانسحاب من المعاهدة بالإضافة إلى تشكيك الشركة الدائم بالأسس العلمية لظاهرة التغير المناخي ودعمهها لأبحاث مأجورة تناقض نظرية التغير المناخي وتأثير انبعاثات الكربون في هذه الظاهرة.
أما جائزة الشراكة العالمية فنالتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) بالاشتراك مع مطاعم ماكدونالدز الأميركية والتي بدأت بحملة عام 2002 يتم فيها التبرع لليونسيف لجهودها في حماية الطفولة من خلال شراء منتجات ماكدونالدز من الشطائر التي ثبت علميا مدى تأثيرها السلبي على صحة الأطفال بالإضافة إلى مساهمتها في ترويج الثقافة الاستهلاكية السطحية في العالم.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة