الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الوطن مذبح وُلْد الخايبة
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
2004 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية
سدنة الأصنام و الأوثان قبل الإسلام كانوا يعون جيدا أنها ليست بآلهة مثلما كانوا يروجون لها و يخدعون بسطاء الناس فيدفعونهم لعبادتها و تقديم القرابين لها و الذود عنها حينما تتعرض إلى مخاطر مما ينعتنونهم بالأجنبي و الصهيوني . و مثلما كانوا يخلقون آلهتهم ، كانوا يخلقون في الوقت ذاته الكفار بها . القرابين بلا شك كانت تعود للسدنة و قد كان أعداء الآلهة اناسا يزاحمونهم هؤلاءالسدنة في تجارتهم و مصادر الرزق و النهب و استغلال الرعية.
و الأوثان لا تلبث على شكل واحد في كل العصور ، بل تتغير لتطلع باشكال تناسب كل عصر و العقلية السائدة فيه. و لا يمكن خداع الناس و استغلالهم باسلوب واحد و بنفس الخديعة لأمد طويل . و إن الأوثان يمكن أن تتحول إلى شرف أو إلى وطن أو قبيلة أو قومية ، بحيث تخدم مصالح الطبقات التي تستغل جهود رعاياها و تنهب انتاج تعبهم و كدحهم.
ترى ما هو السبب الذي يدفع الإنسان ليقتل إنسانا آخر لا يعرفه قط ، ولم يسئ له أبدا و بذريعة الدفاع عن أرض لا تعنيه أبدا و على الأغلب يعيش عليها مضطهدا و ذليلا . و لماذا هرع العديد من ضحايا النظام البعثي للدفاع عنه و المشاركة في قادسيته بأشكال مختلفة ، سواء بحمل السلاح ، أو باسهالات شعرية مقززة ، أو بصقات غنائية ؟ " الوطن في خطر" ، الشماعة الأبدية التي يستخدمها الطغاة لسحق مخالفيهم و الهاء المضطهدين عن قضاياهم الشريفة ، و تخديرهم عن المطالبة بحقوقهم. و حبذا لو سأل هؤلاء أنفسهم متى لم يكن ( وطنهم – آلهتهم) في خطر في ظل المستبدين؟ إني أرى سر بقاء النظام البعثي لعشرات السنين ، و قوته في وطنيته و قوميته ، فلم يكن هناك من يباريه في هذا الميدان ، الوطنية و القومية – دين أنظمة الاستبداد و معارضيها في العصر الحديث. هذه الوطنية بهرت أحد فطائس الوطنية بحيث دعا كل ضحايا النظام أن ينسوا كل ما يزعلهم من النظام القومي البعثي و التجحفل مع جيشه" البطل" الذي يخوض حربا شريفة ضد" العدوان الفارسي المجوسي" ، مهما كانت عواقب هذا التجحفل مع القوات البعثية .
لقد سحب النظام البعثي بقوميته الصادقة و وطنيته التي ليست سوى و طنية ما كان يسمي بالمعارضة الوطنية القومية ، لكن ( غير تقدمية) البساط من تحت أرجل القوميين و الوطنيين ، و حصرهم في زاوية الدفاع عنه ، طالما يدعون بنفس الوطنية و القومية و العراقة و الأصالة و الأمجاد.
الوطنية و القومية تبرر أكبر الجرائم بحق البشرية. فالوطنيون الأمريكيون لا يعتبرون قصف مدينتي هيروشيما و ناكازاكي بالقنبلة الذرية و قتل عشرات الألاف من اليابانيين جريمة بحق الإنسانية ، بل عملا وطنيا شريفا للدفاع عن الوطن الأمريكي و الأمة الأمريكية . و إن القوميين العرب و و طنييهم يضيفون قادسية صدام إلى أمجادهم الخالدة ، و يرون فيها حربا شريفة لحماية البوابة الشرقية و البوابة الغربية للأمة العربية ، و أن ضحايا هذه الحرب يستحقون الموت في سبيل أمجاد فارس أمتهم ، و أن كل جرائمه ليست بجرائم بل صرامة لا بد منها من اي حاكم وطني شريف غيور على امته و شرفها الرفيع . و هكذا يرون في جريمة قصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية ، و هجمات الأنفال اجراءات ضرورية لصيانة وحدة الوطن و شرف الأمة ، طالما أن ما يسمونهم بالأكراد قد تعاونوا مع "العدو الفارسي المجوسي" ، و بكل فخر و اعتزاز يضيفون جرائم القائد الفارس إلى أمجاد أخرى من قبيل قادسية عمر عمر و حطين و قناة السويس و غيرها و مجازر حماة و السودان و اليمن التي ارتكبها عبد الناصر .
و إن القوميين الإيرانيين لا يرون في مذابح نادر شاه في الهند جراءم ، بل أمجادا يفتخرون بها ، طالما منّا و بينا و من عندنا صدام حسين.
و أن القوميين الأكراد لا يريدون أن يتصوروا أن ما قام به امير سوران محمد باشا الكبير من جرائم و مظالم ضد الشيعة الأكراد و اليزيدية و المسيحيين انتهاكات لحقوق الإنسان و جرائم ضد الإنسانية ، بل أعمال بطولية لخلق مجتمع كردي متجانس و تأسيس أمبراطورية حلم. و كذلك يرون في جريمة اسماعيل آغا في قتل باتريارك السريان مار شمعون و أنصاره ، نفس الرأي.
فكل القوميين و الوطنيين يعتاشون على خلط الأوراق ، و الخداع و التموية و الدجل . فالإنسان بطبيعته يحن إلى أهله و مسقط رأسه و أصدقاء الطفولة . فهم يموهون الناس بأن أعداء الوطنية و القومية يريدون حرمانهم من الشعور الجميل تجاه أهلهم و أصدقاءهم و مسقط الرأس و بعض عاداتهم المحببة إلى قلوبهم ، كقيلولة النهار و الباجلة و الدهن و لبس الدشداشة و سواها .
الوطنية و القومية وباء خبيث ، ليس من عواقبها سوي التفريق بين البشر و نشر العداوة و البغضاء بينهم ، إنهالاحقا أفيون الشعوب بعد أن حل محل الأديان .
القومية و الوطنية لا ينبغي للإنسان أن يفتخر بها أبدا، بل يجب عليه أن يمقتها لكي يعيش كإنسان مع إخوانه البشر و لخير الجميع . إنها الوباء الذي هب على البشر من قبل أناس استطاعوا استغلال الفروق التي خلقوها بين البشر الذين ليس لهم ناقة و لا حمار في القومية و الوطنية. عجبا أن تنخر أفكار القوميين المعادية لإنسانية الإنسان حتى من يدعون الأممية و الشيوعية. أعجب من أناس يرفضون أن يطلقوا كلمة " الشقيق" على إنسان يقيم في تركيا مثلا ! فالتركماني العراقي في عرف القوميين العرب أجنبي ، و ليس مواطنه الذي يساويه في الحقوق و الواجبات.
لا أدري كيف يبرر إنسان عداءه لإنسان آخر فقط يختلف عته شيئا ما في لغته او لهجته أو شكلع. ؟ !
سمعت كثيرا من القوميين العرب حين استفسرت منهم عن دواعي مواقفهم القومية العنصرية ، لم يكن جوابهم سوى " لعد الأكراد ، الأكراد ، ليش ما تكول الهم ما تكول النا ؟ او ليش المسيحيين هالكد يفتخرون بعشيرتهم ؟ )
عندما قال فهد مؤسس الحزب الشيوي العراقي . " عندما أصبحت شيوعيا ، أصبحت أشعر بوطنيتي أكثر" ، كان الوضع مختلفا جدا عن الوضع الحالي ، و إن فهدا ليس بنبي معصوم عن الخطأ . و انه لم يكن شيوعيا بكل ما تعنيه الشيوعية ، ، بل كان وطنيا شديدا و بتوجيه الرفيق ستالين، و لو كان يعيش إلى يومنا هذا ، لكان عضوا بارزا في المقاومة الوطنية إلى جانب .............. ، ، إن لم يغير افكارة الوطنية ، التي يرثها اليوم كثير من المعادين للشيوعية ، وإن فهدا لم يكن إلا و طنيا غيورا على وطنه ، الفكرة التي فرضها الكومنترن على الأحزاب الشقيقة لها ، بالضد من مصالح كادحي الشرق وعماله.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض
.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران
.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد
.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي
.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق