الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تنسف مدفعية الأخوان المسلمين أوثان القوميين

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


من يشاهد هذه الأيام برنامج " شاهد على العصر" الذي يقدمه منذ سنوات الإعلامي المتمكن احمد منصور الذي قدم على شاشة الجزيرة العشرات من الشخصيات العربية في مختلف المجالات وخصوصا السياسية ومنها شخصيات مثيرة للجدل مثل حرم الرئيس المصري الراحل أنور السادات السيدة جهان السادات, والنائب السابق للرئيس المصري, وأحد ضباط ثورة يوليو المصرية حسين الشافعي, وكان البرنامج يعرض ويقدم دون أن يثير ضجة ولا انفعالاً ولا اتهامات، تتضح له أهداف هذا البرنامج السياسية ، البادية في بسمات و أساليب استنطاق مقدم البرنامج. وقد جاءت شهادة الوزير العراقي السابق حامد علوان الجبوري ليفتح القوميون الأعراب بكل نحلهم ومللهم البعثية والناصرية النيران بمختلف أنواع الأسلحة والعيارات، على قناة الجزيرة و مقدم البرنامج احمد منصور. إن استنطاق أحمد منصور في برنامجه، ضيفه الوزير في العهد البعثي،و الشاهد على جرائم، ارتكبها شخص عادي مغمور، أوصلته المخابرات الأمريكية والإسرائيلية إلى السلطة ،وجعلت منه طاغية بلا منازع... جرائم ارتكبها باسم ملايين البشر ، وصفق لها أيضا ملايين ، وكلفت الشعب العراقي ، من ماله و كرامته ، ومستقبل أجياله، ما لا يمكن أن يتصوره العقل ، هذا الاستنطاق كان بمثابة أثقل مدفعية دكت ملاذات الفلول القومية، ما هيج كل عبدة الأصنام الوثنية المسماة بالقومية العربية وأوثانها ، و أصبحوا في حال يرثى لهم وهم يسعون في رد التهم الموجهة إلى هبلهم الأخير ، و أوثانهم السابقين من ناصر وعكرمة وأمثالهم.

السيد أحمد منصور العضو في حركة الأخوان المسلمين وهو يأخذ إفادات ضيفه في هذا البرنامج ترتسم على محياه علامات النصر على القوميين وأخذ الثارات منهم ، و الذين ، لم يرتكبوا المجازر بحق قادة الأخوان وأنصارهم فحسب، بل الأخطر من كل ذلك ، أنهم ( القوميين) قاموا بإعلان دينهم الجديد " العروبة السياسية" ، بديلا عن الدين الإسلامي، وفرضوه على ملايين البشر من أبناء الشعوب الناطقة بالعربية.
لقد حاول البعثيون والقوميين أنهم يفبركوا في ايجاد قواسم مشتركة مع الإسلاميين لكن بدون جدوى ولم تنطل ِ محاولتهم اليائسة تلك على أي إنسان واع ٍ ، محاولات من قبيل أن العرب مادة الإسلام ، و تفسير الحديث النبوي " لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى .." بأن الشعوبيين يفسرونه بأنهم يأخذون ظاهر المعنى ، بدون فهمه على حقيقته ، مثلما كان دائما يردده خال قائد القومية المعدوم . ففي كل الأحوال لا يمكن الجمع بين الفكر العنصري القومي و الإسلامي.
إن الفكر القومي العربي العنصري يعني قتل الآخر المختلف بلسانه وأعراقه حتى لو كان مسلما مؤمنا، وهذا يخالف الفكر الإسلامي اختلافا شديدا. إذ لا بد من القول هنا أن الأديان لها عنصريتها أيضا، لكن ليس على أساس الأعراق و القوميات واللغات، بل على أسس العقائد الدينية.
لن يغفر الإسلاميون ما كانت تتغنى إذاعة البعث في سوريا ليلاً ونهارا:
آمنت بالبعث ربا لا شريك له وبالعروبة دينا ما له ثان
وما ردده كل القوميين على لسان شاعرهم:
سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم

واليوم يبدو أنه قد حانت أوان الانتقام ورد الصاع صاعين، و الإجهاز على البقية الباقية ـ إن كان هناك بقية ـ من ذلك الوثن، الذي طالما عبده الملأ من الناس وألّهوه، ذلك المسمى: بالقومية العربية. . وإن ما قض مضاجع العروبيين هو فضحهم أمام الملأ المخدوع بشعاراتهم ، و اكتشاف عمالتهم للصهيونية ، وخيانتهم لكل الأهداف و القيم والمبادئ التي أعلنوها طوال عقود .
ولا بد من الذكر هنا أن هذه المعركة الناشبة بين الأخوان المسلمين و القوميين العرب ، وكل حروبهم السابقة واللاحقة ، ولو يبدو أن هذه المعركة محسومة لصالح الأخوان المسلمين، لم تنشب لاختلافات في الرأي و لأهداف بناء مجتمع الرفاه والحريات ، أو لمشاريع لصالح الجماهير الكادحة والفقيرة ، بل هي صراع دموي على السلطات والنفوذ والأموال ، و( نارهم اكلت حطبهم) . هذا الصراع يجري وما على الجماهير و القوى التقدمية والاشتراكية إلا التفرج ، والتشفي من الجبهتين المعاديتين لحقوق الجماهير المحرومة ، التي لا حول لها ولا قوة مع قتلة ومجرمين مسنودين من الرأسمالية والامبريالية .
فإن كان الإسلاميون يعلنون علنا عداءهم للشيوعية والاشتراكية، فأن اليسار ( واليسار التقليدي خصوصا) قد جربوا القوميين بمختلف نحلهم، وما جروه من ويلات على الشعوب المظلومة، وما ارتكبوه من مجازر بحق اليساريين والشيوعيين. وهل يمكن أن تُنسى جريمة عبد الناصر بإذابته سكرتير الحزب الشيوعي اللبناني في ألأسيد ، و هل يمكن أن تنسى ألأجيال القادمة جرائم العفالقة والقوميين بحق الشيوعيين في انقلاب شباط عام 1963 و طوال فترات حكمهم الدموي؟؟؟؟
هذا الصراع الذي نشهده اليوم بين الإسلاميين والقوميين يأتي في وقت تشرذمت قوى اليسار والاشتراكية ، وهي مشغولة في صراعاتها و خلافاتها ، وغاب بديلها عن سلطات المافيات و قطاعات الطرق . هكذا يستقوي الإسلاميون "بأخوتهم" في تركيا حيث الحزب الحاكم هو حزب الرفاه والتنمية الإسلامي ، و يسندهم الإسلاميون في كردستان العراق ، وبقية العراق بعد الخراب الذي ألحقه حكام الاحتلال بمعيشة الناس ، و أخذ الفساد و السلب و النهب ريحته تزكم الأنوف .

2008-07-04








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تنجح الضغوط الأميركية بالدفع نحو هدنة في غزة؟


.. مراسل الجزيرة: شهداء في غارة إسرائيلية على تجمع للمواطنين في




.. مراسل الجزيرة يرصد أهم ما يبحث على طاولة المفاوضات بشأن وقف


.. توماس فريدمان للجزيرة: إما أن نتجه في العام الحالي نحو حل ال




.. واشنطن: هناك قوانين في البلاد بشأن حملات التأثير الأجنبي ونت