الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر والخيارات السياسية الغامضة

سعيد موسى

2008 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


((مابين السطور ))

بعد مرور عدة أسابيع على مايسمى بتفاهمات"التهدئة" والتي هي مطلب وطني إذا ما انطلقت من رغبة مشتركة لطرفي التفاهم أو الاتفاقية, بل يجب أن تكون للعدو ضرورة وليس تكتيك, ليتبع سياسة تنفيذ استحقاقاتها ومظاهرها بالقطارة, ويتخلى عن السكين" الحادة" لذبحنا, فيستبدلها بسكين التهدئة" المثلمة"الصدئة ليزيد بها تعذيبنا, ولا يطبق من تلك التهدئة سوى شعارها, ومصر ذلك الوسيط إن أردنا قول كلمة حق بحقها, فلم يقدم احد من امتنا العربية والإسلامية الممتدة من المحيط إلى الخليج, مثلما قدمت مصر قيادة وشعبا للقضية الفلسطينية, وكانت حتى تاريخ بلائها 1979 وإصابتها بفيروس"كامب ديفيد" رأس الحربة السياسي والعسكري, الذي أطاح به الثنائي الصهيوني" كارتر_كيسنجر", لكن لن نستطيع أن نتجنى يوما على شعب مصر العظيم,الذي يرفض بعد مرور أكثر من ثلاثون عاما على مجزرة كامب ديفيد القومية, يرفض أي شكل من أشكال التطبيع الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياحي مع الكيان الإسرائيلي, وحتى القيادة الحديثة والوريثة لقيود اتفاقيات كامب ديفيد, لا نستطيع أن نصفها بأنها أقدمت على عملية تطبيع حقيقية مع الكيان الإسرائيلي, قياسا بدول "الدعائم" النائية عن الطوق والذي هرولت لتطبيع علاقاتها بحميمية وإخلاص مع ذلك الكيان الإسرائيلي, متذرعة بأعذار أقبح من ذنب, بان الفلسطينيون عقدوا اتفاقيات صلح وسلام وهذا قول منقوص طالما لم تفرز المفاوضات نتائج تؤدي إلى استقلال فلسطيني كامل بدعم عربي شامل,خاصة وان البندقية الفلسطينية لم تتوقف عن التصويب على مدار عمر السلطة الوطنية, وسقوط آلاف الشهداء والجرحى والأسرى, ولم يتوقف العدوان والاغتيال الصهيوني.


مصر وهي من دول"الركائز" نعم سقطت تلك الركائز"المواجهة العسكرية المباشرة" وسوتها اتفاقيات السلام المنفردة بالأرض المسالمة عسكريا, لكنها والحق يقال أنها حتى وقتنا هذا رفضت وبشدة السماح بالبناء على أنقاض تلك الركائز,ويكفي أن نسوق مثلا لذلك وهذا ماقصدته بالقيادة الحديثة الوارثة لإرث استحقاقات كامب ديفيد, وبعد مرور أكثر من ثلث قرن على اتفاقية الصلح"المصرية_ الإسرائيلية" يمتنع الرئيس المصري/ حسني مبارك وكبار القيادة السياسية المصرية, من تلبية أي دعوة من قبل الكيان الإسرائيلي, لزيارة دولة الاحتلال, لان ذلك ببساطة يعني تجسيد"التطبيع" البناء على الركائز الساقطة الموروثة من عصر الساداتية, وهذا بحد ذاته يسجل بتفرد لصالح جمهورية مصر العربية قيادة وشعبا.


ولكن نتيجة الإصرار المصري على عدم التخلي عن دورها قدر الإمكان وفي نطاق مالا يتعارض مع استحقاقات ومعيقات اتفاقية"كامب ديفيد" حيال الجار والشقيق الفلسطيني, وحيث دورها مؤخرا حيث الانتباه إلى اللعبة الصهيونية القذرة, لتظهر مصر وكان لها الحرية المطلقة في فتح المعابر من عدمها, وفي الدهاليز السياسية السرية والعلنية تحذيرات وتهديدات بعدم خرق بنود اتفاقية كامب ديفيد, وقد كتبت في ذلك كثيرا في سياسة" الظاهر المعلن الذي لايعبر عن حقيقة المعادلة السياسية كحدود مصرية فلسطينية, والخفي المبطن والذي يلزم مصر بان لا تتصرف على حدود الاحتلال بما يتناقض مع الاتفاقية" فوقعت مصر محل شبهة الشريك في الحصار, واختفاء المحتل الصهيوني على بعد أمتار من الحدود الجغرافية بكل وسائله التكنولوجية, ولصاقته على حدود المعادلة السياسية والدبلوماسية, فما كان من مصر إلا أن تحاول الالتفاف على الشكل المزور للمعادلة السياسية, لتلعب دور الوسيط في محاولة لتحقيق تسوية مؤقتة"تهدئة" للأوضاع المتفاقمة في غزة, من اجل إعادة الكرة في ملعب دولة الاحتلال, في محاولة لاختراق الحصار, ليس كما يفكر البعض وربما معه حق بعاطفية وفق قوانين إنسانية منسية, ولكن بواسطة التوصل إلى اتفاق يوقف بموجبه العدوان الإسرائيلي, وتتوقف المقاومة عن قصفها للمغتصبات الصهيونية, ولا ينفصل ذلك أبدا عن اعتبار التهدئة مقدمة للتفاوض من اجل تحقيق صفقة تبادل أسرى وإطلاق سراح الجندي الصهيوني"جلعاد شاليط", ولكن منذ اللحظات الأولى للتفاوض تبين أن نوايا قيادة الكيان الإسرائيلية غير صادقة, حيث عدم الموافقة على "تزامن وشمولية" التهدئة كمدخل في الوقت المناسب بعد إنهاء قضية"شاليط" للتنصل من تلك التهدئة الهادفة والمؤقتة, إلا أن مصر في النهاية قبلت بما قبل به الطرف الفلسطيني, أو ربما مسئوليتها تقع فيما أقنعت به أطراف فلسطينية.


وأنا هنا وكما قلت سابقا, القي اللوم على القيادة المصرية من حيث مايعتري موقفها السياسي من غموض, يجعل البعض يضعها في خانة شركاء جريمة الحصار, فكان ومازال لابد من كشف كل الأوراق, وطرح الحقائق والتعقيدات السياسية على الملء وبوضوح لايحمل اللبس, وربما انطلاقا من هذا المنطلق والمنطق والمفهوم, كتبت مقالتي السابقة في الصميم وبعنوان شمسي" هل يطرح الوزير/ عمر سلمان الخيار الثالث على قيادة الكيان الإسرائيلي" حيث الإصرار الصهيوني على وضع مصر موضع الشبهة العلنية, والخيار الثالث الذي قصدته حينها ووضحته في سؤال توصيف الحدود حسب الاتفاقية التي تحكم العلاقات"المصرية الإسرائيلية " هل تلك الحدود وحتى بعد اللعبة الخبيثة بالانسحاب من غزة, هل هي حدود مصرية فلسطينية؟ أم مازالت تحت طائلة المسئولية ,حدود مصرية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي؟ "

ولا اعتقد أن هذا الخيار وما يتبعه من التزامات لم يطرح أثناء زيارات رئيس المخابرات المصرية/ عمر سلمان المكوكية من اجل تحقيق التهدئة, على قيادة الكيان الإسرائيلي, وكيف أن مصر تتضرر من الموقف "الحر بائي" الصهيوني, فلاهي قادرة على التعامل بحرية على المنفذ البري الوحيد الذي يربطها بتلك الحدود التي تتطلب وضوح توصيف, حيث حصار خانق مفروض على مليون ونصف المليون فلسطيني, ولا هي قادرة على تحمل مسئولية الشراكة في شبهة الحصار وتبعات هذا الموقف وما يتوجب عليها من مسئوليات إنسانية ووطنية وقومية, فكل شيء رهين وحبيس دهاليز الاتفاقية السوداء الموروثة والمكفولة دوليا بواسطة العصا السياسية والاقتصادية, بل أضفت حينها مقالة بعنوان" تقليص المعابر آخر تقاليع الحصار الصهيوني" وفي نفس السياق طرحت إمكانية الخروج من عنق الزجاجة بإمكانية "إلغاء معبر فيلادلفيا" إذا ماتم رد الأمور إلى أصولها التي نجهلها حسب اتفاقية كامب ديفيد, واعتبار معبر"كرم أبو سالم" هو المعبر الرئيسي وربما الوحيد وإعلان حرية استقبال المسافرين ذهابا وإيابا, بين مصر وكيان الاحتلال, ولا اعتقد أن مثل تلك حلول في ظل الخبث الصهيوني, وموقف الحياء السياسي المصري لم يطرح!!!!


وما ألوم به القيادة المصرية, حتى لو لم نقبله كمبرر ونحن نقتل بشكل جريمة جماعية في غزة, ولا احد يستطيع مطالبة مصر بالاستعداد للحرب, بان تعلن مصر وبكل جرأة حتى وان اسماها البعض حماقة أو حتى بجاحة سياسية, بحقيقة توصيف تلك الحدود, فان كان توصيفها مصرية فلسطينية مهما شابها من اختلاف في التفاصيل, بين عدم وجود السلطة الشرعية التي على رأسها الرئيس الفلسطيني/ محمود عباس, وعدم القبول بالتعامل مع سلطة الأمر الواقع كشرعية في غزة فهذا أمر آخر, لايعفي مصر من التزاماتها وان اعتبرت حدود فلسطينية مصرية فلا يوجد أي مبرر لإغلاقها بل بإمكان القيادة المصرية تحقيق توافق وطني فلسطيني من اجل تسيير قوافل الذهاب والإياب عبر تلك الحدود, وهنا يكمن السبب والغموض ربما المتعمد, والذي يتيح إطلاق شعارات الشبهة بشراكة مصر في حصار الشعب الفلسطيني, وفي الحقيقة لا نجد منطق ولا مبرر لمصر كي تحاصر شعبنا!!!


والخيار الصعب الآخر بل ربما الأهم, إن كانت ومازالت الحدود تحت طائلة المسئولية الدولية"مصرية مع الاحتلال الإسرائيلي" وهي كذلك, فلماذا تترك مصر المجال للتقول, ولا تخرج من أعلى مخارجها السياسية الرسمية وليس الإعلامية منقوصة المسئولية, لكي تقولها بالفم المليان, سواء بحسرة أو جرأة تصدم من لديه شك, بان الحدود "مصرية إسرائيلية" وعليه فان أي إجراءات فتح أو إغلاق, أو حتى موافقة من عدمه على كشوف وأسماء المسافرين أو المسموح لهم بالسفر, منوط وبوضوح بالحصول مصريا على الموافقة الإسرائيلية"عدم ممانعة",فإذا كان الغموض وكر للعبث الإسرائيلي, فالوضوح يكون أفضل بغض النظر عمن يقبله أو يرفضه كخلفية للمشهد,مع توقع أن البعض سيسوق ذلك الوضوح كمبرر للعجز!!!


وما دون ذلك لماذا تتحمل مصر هذه الغطرسة والهراء الصهيوني, وتقبل أن تحال المواجهة بينها وبين الفلسطينيين, ولمصلحة من؟؟؟ وما دون ذلك فالخيار الأصعب هو التنصل من بنود اتفاقية كامب ديفيد فيما يتعلق بذلك الجزء من الحدود بين"غزة_ ومصر" بموجب الوقائع الجديدة واندحار الكيان الإسرائيلي عن غزة,لماذا تقبل مصر غموض التفاصيل السياسية كمعايير جغرافية والتبعات المشينة لذلك الغموض, نعلم جيدا ولايساورنا في ذلك شك, بان اللعبة القذرة الصهيونية, أرادت من خلف حجاب الغموض أن تظهر بان مصر الشقيقة هي التي تحاصرنا, وبالتالي يجب أن تكون المواجهة معها, حيث أن ذلك المعبر هو الرئة الوحيدة والمتنفس لقطاع غزة كسجن كبير لقرابة المليون ونصف مليون مواطن فلسطيني, لماذا تقبل مصر أن يشار لها بالبنان أنها مسئولة عن جزء من جريمة الحصار وآثاره العدوانية الكارثية, فالخيار هنا له شقين لاثالث لهما, إما إعلان دقيق وتوصيف حقيقي لتلك الحدود أنها "مصرية مع دولة الاحتلال" ولا تملك التصرف دون تصريح يحمل خاتم كامب ديفيد, وان حريتها في التصرف خرق قد يتسبب بعدوان صهيوني على مصر, وتدخل ملزم من المجتمع الدولي الجائر, وتتنصل من مسئوليتها بمفهوم حرية التصرف, أو تقوم بخرق الاتفاقية المقيدة, وتتعامل مع كشوف المسافرين مباشرة مع السلطة الوطنية الشرعية الفلسطينية , وتتحمل بذلك كل ألوان ودرجات النقد والاحتجاج الإسرائيلي والأمريكي, بدل أن يكون موقفها الغامض يجعلها تتحمل مالا يمكن تحمله من توجيه أصابع الاتهام لمصر العربية بالمشاركة في الحصار, والمسئولية بالتالي عن موت بل إعدام غير إنساني لمئات الفلسطينيين المرضى, وحرمان أجيالنا بموجب سياسة التجهيل الصهيونية, من الانطلاق إلى عالم العلم والمعرفة لأنحاء العالم, فهنا مطلوب من مصر موقفا معلنا واضحا وصريحا مهما بلغت قسوته وصدمته, وهذا لايعني قبولها بان توقع على صك إعدام شعبنا بريشة كامب ديفيد القديمة, لكن حدود تحركات القيادة المصرية تكون إذا ما أزيل الغموض واللبس الذي يستخدم للإساءة لها, كخارطة لتفسير معالم المعادلة السياسية, وتشوف الوضع مهما بلغت سوداويته بناظرات الحقائق, وعندها تخرج مصر من دائرة الشبهات المخطط لها صهيونيا, وهذا لايعفيها من المسئولية التاريخية والوطنية, بل وضوح يزيل اللبس مهما كان مؤلما, واستمرار في الجهود الحثيثة المبذولة على المستوى السياسي الثنائي والدولي يمكن تغيير الصورة والمساهمة في رفع المعاناة عن شعبنا الذي يتعرض لأبشع مجزرة إنسانية في التاريخ, وللأسف يتم تبرير جزء من مسببات تلك المجزرة للانقسام الفلسطيني وما سينجم عنه من مخاطر خطيرة في المنظور التاريخي القريب, بما سيعصف بكل ترتيبات وأحلام وأوهام الفرقاء, إن لم يستثمر الجميع دعوة ومبادرة الرئيس/ أبو مازن للحوار , فالواضح انه مطلع مع مصر على ماتجهله غزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتيجة خسارة التحدي.. قمر الطائي تعاقب بطريقة قاسية ??????


.. بعد رحيل -رئيسي- .. إيران أمام أخطر 50 يوما في تاريخها




.. فتح تحقيق بأسباب تحطم طائرة رئيسي.. ووفد رفيع يصل مكان الحاد


.. شبكات | انتقادات لمخرج مصري بعد مباراة الزمالك ونهضة بركان




.. شبكات | احتفاء بأمانة طفل يمني