الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وللجرافة وظيفة أخرى

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2008 / 7 / 6
القضية الفلسطينية


لا أحب سفك الدم أبدا، ومنذ صغري اكره العنف كرها شديدا، رغم أني أعيش في زمان ومكان يدفعاني دفعا لأكون عنيفا، أو لأتبنى العنف وسيلة للخلاص من الألم الذي جاء به لي ولشعبي حفنة من الغزاة الصهاينة.. وأنا هنا لست في معرض التأييد أو الاستنكار لما قد قام به ذلك الشاب الفلسطيني-- ابن بلدة صور باهر المقدسية-- حين أطلق العنان لجرافته ليحطم ويطحن بها العديد من الحافلات والمركبات الإسرائيلية، ويقتل أربعة منهم ويجرح العشرات.. ولكني وقبل أن اعرف الدوافع الحقيقية التي جعلت ( حسام دويات ) ابن صور باهر يقدم على فعلته.. اسمح لنفسي أن أتخيل ما يمكن أن يكون قد خطر في بال ذلك الشاب، حينما نفذ عمليته ( الخاصة ) بدون أي انقياد أو انتماء لأي تنظيم فلسطيني.. جائز أن يكون ذلك الشاب قد سمع ليلتها الأخبار.. أو شاهد بأم عينيه أطفالا فلسطينيين ممزقي الأجساد، ونساء تندب وتولول على فقدان أعزائهن، وعجائزا قد دفنوا تحت أنقاض بيوتهم، جراء ما تقوم به دولة الاحتلال من عمليات عسكرية وحشية بربرية ضد شعب فلسطين، وقد تكون ذاكرة ابن صور باهر قد امتلأت ولم تعد تستوعب المزيد من الماسي، وهو يرى كل يوم منازل المقدسيين جيرانه وهي تهدم وتدمر بالجرافات الإسرائيلية-- بعد أن يكون أصحاب تلك المنازل المساكين قد عملوا المستحيل لتوفير المال اللازم لبنائها، وكم دونما من الأرض في الضفة الغربية-- قد صودر، وكم قرية من القرى الفلسطينية قد عزلها الجدار ونهب أراضيها.. ويجوز انه وفي لحظة من التفكير العميق.. ومع انسداد الأفق السياسي أمام عينيه-- بسبب التعنت والصلف الإسرائيلي – يجوز أن ذلك الشاب-- ولتلك الأسباب كلها ( أو لأسباب ذاتية لم تعرف لغاية الآن..!! )-- قد اتخذ قراره الشخصي بتنفيذ عملا يؤذي به الإسرائيليين--
تخيلت كل ذلك وأنا اجلس أمام التلفاز وأشاهد مناظر عملية الجرافة.. ( الجرافة التي يطالب بعض الإسرائيليين اليوم باستخدامها هي نفسها لهدم بيت ذلك الشاب..!! )-- تخيلتها هي أو إحدى مثيلاتها وهي تمارس وظائفا أخرى اشد ألما وقسوة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.. تذكرت ميشيل كوري وهي تداس تحت جرافات الاحتلال، عندما حاولت بجسدها وقف زحف الجرافات القادمة لهدم المنازل وتخريب الممتلكات بغزة.. وتذكرت جرافات الاحتلال وهي تغلق كل يوم طرقنا الفلسطينية، وتبني عليها السدات الترابية، لتخنقنا وتتسبب لنا بالموت البطيء.. وفاضت ذاكرتي أكثر.. وسالت نفسي عندها: أليس من الممكن-- مع تواصل جرائم الاحتلال وتفاقم القهر والظلم أن يفكر بعض ضحاياه أو كلهم بالبحث كل بطريقته الخاصة بالرد على جرائمه بأشكال وأدوات لم نعهدها من قبل..؟؟
لقد ارتبط اسم الجرافة في عقول الفلسطينيين بأعمال القتل والتدمير وهدم المنازل وتجريف الأراضي وبناء الجدار وإقامة الحواجز وإنشاء المستوطنات وشق الطرق الالتفافية.. لكن ابن صور باهر قرر أن يضع إلى جانب كل تلك الوظائف المجرمة-- وظيفة أخرى-- وهي أن حول الجرافة ( الإسرائيلية ) التي يقودها إلى آلة تتسبب بالألم للإسرائيليين أنفسهم، وهو بذلك يكون قد ابلغ الإسرائيليين رسالة مفادها-- أيها الإسرائيليون-- مثلما رأيتم الجرافة في شوارع القدس وحشا يلتهم أجساد أبناءكم.. افتحوا عيونكم جيدا وانظروا لحقيقة ما تفعله جرافات جيشكم ومستوطنيكم ضد أبناء شعبي-- ومن المؤكد أن الألم الذي أحس به الإسرائيليون من جراء عملية الجرافة في القدس-- وهو الم طبيعي-- ليس إلا نقطة في بحر الآلام التي تطال كل صباح وكل مساء أطفال ونساء وشيوخ وعمال ومزارعي شعب فلسطين.. والمحزن والمؤسف حقا أن الألم الذي يطال الشعبين سيتواصل إلى أن تأتي لحظة يدرك فيها شعب دولة الاحتلال أن أمنه وسلامه لن يتحققا إلا حين تتوقف جرائم جيش الاحتلال ومستوطنيه، ويتحقق الأمن والسلام العادلين للشعب الفلسطيني.

مخيم الفارعة
4/7/2008










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح