الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد مشروع تأسيس رؤية سياسية فلسطينية

عمار ديوب

2008 / 7 / 6
القضية الفلسطينية


جاء إعلان مشروع رؤية سياسية فلسطينية، المنشور على صفحات جريدة النهار وغيرها والمواقع الالكترونية.بعد توضح حجم التردي الذي آلت إليه أوضاع السلطة الفلسطينية وانقسامها وبدء الدعوات الخافتة لحلّها. وكذلك بعد تصاعد النزعات الصهيونية نحو يهودية الدولة الإسرائيلية والذي يحتمل ترانسفير جديد لعرب ال48.وعلى خلفية التجديد الدائم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لدعمها المطلق للدولة الصهيونية الطائفية.وبالتالي،تلمّس المثقفون الفلسطينيون لضرورة هذه الرؤية هو أمر يستجيب لهذا التعقيد المشار إليه ، وإن كان لا يحيط به، وهو ما سنحاول توضيح بعض أوجهه في هذا المقال.
إن الإعلان بوضعيته الراهنة يعزل الهم الفلسطيني عن الهم العربي ويصوّر إسرائيل وكأنها مشكلة الفلسطينيين وليست مشكلة العرب.وهذا يعني عدم رؤية الواقع المشكّل، وهو أن إسرائيل دولة استيطانية عنصرية طائفية كجزء من المشروع الامبريالي العالمي وبالضد من المشروع النهضوي العربي.
وبالتالي من الخطأ الكبير عزل هذه الرؤية عن الجانب العربي كمتضرر وكصاحب قضية باعتبار إسرائيل ضد قيام دولة الأمة العربية وليست ضد فلسطين كما باتت تعرف، لا كما كان وضعها قبل اتفاقيات سايكس بيكو ووعد بلفور وما جرى بعدها.
الرؤية كذلك ،وبدلاً من اتخاذ موقف ضد ما سميّ بالوطنيات العربية ،أي الأقطار التي أصبحت في المآل الأخير سلطات مستبدة، تجدد واقع التبعية والتخلف ولا تقطع معه.تدعو إلى تشكيل الوطنية الفلسطينية.وتتجاهل مجدداً أن هذه الوطنيات بدون أفق عربي لن تكون إلّا أنظمة استبدادية.ولم تشذّ السلطة الفلسطينية،حين شُكّلت عن تلك الأنظمة .فهي جاءت على جثة انتفاضة ال87 –كما كل الأنظمة العربية-واستثمرت كل نضالات الشعب الفلسطيني ،وتتويجاً لتطورات داخل منظمة التحرير الفلسطينية، تكللت بهيمنة شرائح مافيوية عليها، تقاربت مصالحها مع النظام العربي الرسمي من ناحية.ومع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى.وهذا ما أدى إلى اتفاقيات أوسلو وما جرى بعدها. وبالتالي تثمين النضالات الفلسطينية شيء ،والكلام عن منجزات للسلطة الفلسطينية أو لمجمل الفصائل –التي تقاتل وتستبسل من أجل سلطة أبو مازن أو حماس- شيء أخر.ونضيف ،بأن اعتبار إسرائيل وفق المشروع الأمريكي دولة"إمبريالية صغرى"لم يعد يسمح بالكلام عن رؤية سياسية فلسطينية تعيد إنتاج الحركة الوطنية الفلسطينية بعيداً عن المشروع النهضوي العربي.وكل تجاهل لهذه الفكرة/الحقيقة هو عمل لا يعدو أن يحرك المياه الآسنة في بحيرة لا تغذية لها ولا منافذ منها!.
ما لفت انتباهي كذلك في هذا المشروع، تغييب الموقف من الإسلام السياسي والأصوليات الدينية، ولا سيما حركة حماس. وعدم تقديم نقد لها.وكأن هذه الأصوليات التي هيمنت على المقاومة، أثراً بعد عين، أو أنها غير ذي شأن.رغم أنها لا تزال فاعلة وتطرح نفسها كمقاومة للمشروع الصهيوني الأمريكي على امتداد الوطن العربي.ومركز الخطورة أنها وهي تدّعي التصدي لهذه المشاريع تشكل بوابة حرب أهلية داخلية باعتبارها مالكة لمشروع طائفي بالدرجة الأولى وضد بقية الشعب.وبالتالي،تأكيدنا على ضرورة المقاومة بمختلف أشكالها ووفق إستراتيجية الدولة الواحدة يجب أن يترافق مع نقد جذري للمقاومات الطائفية؛التي لا تكتفي بمقارعة العدو والسيطرة على هذه المقارعة بل تريد بناء دولتها الإسلامية.وهنا المشكلة الكبرى.وبالتالي لا يمكن لأية رؤية سياسية فلسطينية أم عربية تجاهل خطورة أبعاد مشاريع الإسلام السياسي على اختلاف أشكاله (المقاومة والجهادية والطائفية التوافقية) والتي تشكل في صيرورتها إعاقة كارثية لمشاريع النهوض العربي .
أورد النص كلاماً كثيراً عن وحدة الشعب الفلسطيني وضرورة تجديد الحركة الوطنية،وغير ذلك.والتجربة العربية مع هذه المصطلحات ومع الأحزاب التي تبنتها والتي هيمنت على حركة التحرر العربية. تؤكد أن هذه المفاهيم جزء من المنظومة الإيديولوجية للدولة القطرية التي هي أنظمة برجوازية تابعة تخدم المشروع الامبريالي لا مصلحة الشعب العربي.وبالتالي لم تستطع هذه الرؤية تجاوز روحية هذه المفاهيم والحركة الوطنية السابقة والدعوة إلى مفاهيم وأسس ومعايير مختلفة تنطلق من مصالح الطبقات المتضررة من الحركة الوطنية الفلسطينية المشكّلة تاريخياً ولا من الحركة السياسية المتأسلمة.ولذلك نرى ،أن ما وجد من حراك سياسي وبواسطة نفس هذه المفاهيم والمصطلحات كان كارثة على المستوى الفلسطيني وعلى المستوى العربي.حيث أفضت إلى أنظمة شمولية في كل الوطن العربي ، قادت العراق إلى الاحتلال وتقود بقية الدول العربية إلى مشكلات طائفية ومذهبية وعرقية داخلية.وبالتالي لا بد من نقلة نوعية في هذه الرؤية نحو مشروع يساري فلسطيني عربي بعيداً عن أوهام الوحدة الوطنية الصوانية أو وحدة الشعب المقدسة؟!
رغم جذرية الإعلان في الدعوة نحو دولة واحدة ديمقراطية وعلمانية على كامل التراب الفلسطيني وتفكيك الدولة الصهيونية وحل مشكلة المستوطنين اليهود بطريقة ديمقراطية ومواطنية بعد تأمين حق العودة وحل المشكلات الناجمة عن الاحتلال الصهيوني.إلا أن الإعلان عاد ،وأكد على وجود خيارات أخرى.والسؤال ما هي الخيارات الأخرى المعلنة في الساحة الفلسطينية.أليست خيارات السلطة ومشاريع الدولتين.؟!ثم ألا تكفينا هذه الخيارات التي امتدت منذ السبعينات ولم تكن إلا أوهاماً شعبية ونضالات عز نظيرها وحققت مصالح الشرائح المافيوية للشعب الفلسطيني.وبالتالي يحق لنا السؤال :هل أصحاب الرؤية يضعون قدماً هنا -عند السلطة الفلسطينية- وقدماً هناك -ضد هذه السلطة-.
وباعتبار النص لا يدعو لهذه الثنائية ويغلب الدولة الواحدة، فإنه لا مبرر لتسويغ وتشريع الخيارات الاسلوية أو خيار الدولتين أو أشباهها.ومن واجب مثقفي الإعلان الابتعاد عن مقولات التعددية الساذجة والمساواة بين جميع الخيارات والدفاع عن رؤية واحدة شاملة لهذه القضية المعقدة،خشية التشويش على هذه الورقة الهامة وعدم تحويلها إلى مشروع يطويه النسيان لاحقا ًوبذات الورقة من أجل أن يصبح مشروعاً ريادياً. ويستدعي من المثقفين العرب البدء بطرح مشاريع النهوض العربي ورؤيتهم لحل القضية الفلسطينية وكل قضايا العرب؛ التي تكاد تكون غائبة أو بحالة تغييب شبه كاملة إلا ما يعزز المشاريع القطرية في زمن العولمة؟!.
النقد المقدم لمشروع الرؤية، يستهدف تعزيزه نحو تجاوز المكرر، كي لا يصبح مسخرة.والولوج نحو رؤية فلسطينية وعربية، تشكل مرتكزاً جديداً نحو حركة تحرر عربية بقيادة يسارية ماركسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة رفح.. إسرائيل تتحدث عن خيارات بديلة لهزيمة حماس | #غرف


.. العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران.. عقبات -لوجستية- و-سياس




.. قصص ومعاناة يرويها أهالي منطقتي خزاعة وعبسان الكبيرة بسبب تو


.. شهداء غزة من الأطفال يفوقون نظراءهم الذين قضوا في حروب العال




.. نتنياهو: قمت بكل ما في وسعي لإضعاف قوة حماس العسكرية وقضينا