الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلا الثقافة... لم يصرف عليها ما يستحق ذكره!!

محمود كراجة

2008 / 7 / 7
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


الانقسام الفلسطيني، وبشكل أدق ومباشر، الشرخ الحاصل في المشروع الوطني، المعبر عنه بحركتي فتح وحماس، وذيولهما، تغلغل الى مما هو أعمق من الحقل السياسي الفلسطيني، الى الثقافة، إذ أن استفحال/استمرار إدارة الظهر بين شقي المعادلة السياسية الفلسطينية، أو ما يمكن تسميته ب" اللاعبين الكبار"، كشف عن هشاشة الثقافة السياسية السائدة في المجتمع الفلسطيني من جهة، وفئويتها وولائيتها الحزبية الضيقة من جهة أخرى، في مواجهة أو الانتقال السلمي للسلطة السياسية وتداولها بين الاحزاب السياسية الفلسطينية، ولو كان ذلك، طعنا في خاصرة المشروع الوطني ببعديه( التحرري والاستقلالي).
إذ لا يكفي القول، أو التبرير لما جرى ويجري فلسطينيا، إنما يرجع الى العوامل الخارجية، والمتمثلة بالسياسة الغربية، وفي مقدمتها السياسة الأمريكية –الاسرائيلية، والتي تعبث فسادا، وتعمق الشرخ الداخلي، وتفتت المفتت، وتشرذم المشرذم، سياسيا واجتماعيا وجغرافيا واقتصاديا وتعليميا، بل ويطول ذلك، معمعان الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني، من خلال السياسات الاسرائيلية المعبر عنها بالإجراءات اليومية، وأساليب التضييق اليومي، والتي تمسس، بل وتخدش كرامة المواطن، وتمتهن معنى الحياة في فلسطين.
ولأنه، ليس كذلك، أو غير كاف تعليق الانقسام السياسي الفتحاوي-الحمساوي، على شماعة العوامل الخارجية فقط، وما منهجية التحليل تلك، إلا غوصا على/ وفي سطح بحر الإنقسام والشرخ، وليس غوصا في أعماق "بدويتنا" التي تنتصب فينا ليس كأفراد فقط، بل وكجماعات سياسية بين الفينة والأخرى، وتخرج من عباءتنا أو تحتها كما شئت، ولو من أجل الدقة، هي ثقافة المكبوت فينا، التي تربينا فيها وعليها، والتي ما تكاد تصمد أمام أول جدل سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، حتى تنهار!
أنها القابلية الداخلية، التي توفرها ثقافتنا السياسية، وتعيد تررسيمها الاحزاب السياسية فين كل مرةا، وتطور أدواتها ووسائلها املختلفة للتحكم في عقول المواطن الفلسطيني، أقصد التلاعب في مصيره الفردي والجماعي، في ظل تركيبة نظام سياسي وإجتماعي شمولي التفكير والممارسة.
إن جبروت السياسة، والتي تخلق/تؤسس نظامها الثقافي، سواء على ما تبنيه من نظام ثقافي قديم أو تضيف إليه الجديد، يصبح مساحة النفوذ والهيمنة التي تتنافس عليها القوى السياسية، وذلك لأهمية الثقافة في التاثير على المواطنين، واستقطاب الرأي العام وتسهيل عمليات التعبئة والتحشيد، لتقوم الثقافة بدورها بخدمة السياسة، وإن كانت على حساب الثقافة "الوطنية" الفلسطينية التي نحن أحوج إليها حاليا في هذه المرحلة، والتي نعمل على تفتيتها، وشرذمتها، وغرس العفن فيها.

لا يكفي الاحزاب السياسية أنها أفلست عن تحقيق مشروعنا السياسي- الوطني، وقادتنا من هزيمة الى أخرى، بل وطفشت الكثير منا من العمل في السياسة، بل وتطفس محاولات نهوض مشروع ثقافي فلسطيني وطني، وإلا ما حجم العمل السياسي على ترميم مشهدنا الثقافي؟ كم من مال اسثتمر في هذا المشروع؟ وكم من وقت أمضت الهيئات المركزية والقيادية في الاحزاب السياسية للتفكير في حالنا الثقافي؟ وكم من النتاج الثقافي ساهمت به أحزابنا؟
بإختصار، لقد علت الثقافة الحزبية على الثقافة الوطنية، وطغى الانتماء الحزبي على الولاء للوطن، ورفرفت الرايات الحزبية على حساب العلم الفلسطيني، ودخلت بيوت العبادة في ساحة الحسم الجماهيري، وضخت الأموال لتأسيس مؤسسات أهلية جديدة، ووزعت الغنائم على الأحزاب ودكاكينها، إلا الثقافة الفلسطينية لم يصرف عليها ما يستحق ذكره؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة