الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى اين تسير عربة الوحدة الأوروبية ؟

حميد خنجي

2008 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


استكمالاً لموضوعنا في الأسبوع الفائت حول تعثّر عربة "الوحدة الأوروبية" في مسيرتها المتجهة نحو التكامل المجتمعي الشامل، بسبب رفض الناخب الايرلندي تصويب آخر اتفاقياتها المستحدثة (اتفاقية لشبونة) قبل أسبوعين وتداعيات ذلك الرفض غير المتوقع وأسبابه، يكون مفيداً الاسترسال قليلاً بُغية توضيح أهمية هذه المنظومة الإقليمية والقارّية المعاصرة،المتجسّدة في مشروع"الوحدة الأوروبية" وإعطاء القارئ الكريم فكرة أولية ، من خلال سرد نبذة تاريخية عما تمخضت عنه رحلة الوحدة الأوروبية الشاقة والطويلة سنوجزها في الآتي :

• خرجت فكرة الاتحاد أو الوحدة الأوروبية من محاولات مضنية لوضع حدٍّ وحلول للمشاكل التاريخية المزمنة بين الألمان والفرنسيين والمنافسة التقليدية بينهما على النفوذ والسيطرة وهما خارجين من الحربين العالميين وخاصة فيما يتعلق بنتائج الحرب الأخيرة ، التي همشت القوى القومية المتطرفة من جهة وأنهكت اقتصاديات دول أوروبا من جهة أخرى، مما سهّل تلمّس مخرجٍ جماعي عن المآسي التي حلت فيما مضى بالشعوب الأوروبية. نفذت الفكرة تلك بدءً بتعاون نقابي في الحقلين الاقتصاديين والصناعيين الأساسين ؛ الفحم والحديد ، حيث توصل البلدان المذكوران إلى نوع من الاتفاق والتعاون ، ما لبث إلا أن تحول إلى مشروع واعدٍ ، عبّر عنه في حينه وزير خارجية فرنسا "روبرت شومان" في سنة 1950 حينما صرح عن خطته التي حملت اسمه مستقبلا ، الأمر الذي أدى إلى توصل ستة دول أوروبية في ابريل سنة 1951 إلى التوقيع على اتفاقية لتنظيم صناعتي الحديد والفحم ، انطلاقا من المصالح المشتركة لتلك الدول المتكونة من النّدّين السابقين ألمانيا وفرنسا بالإضافة إلى ؛ ايطاليا ، هولندة، بلجيكا ولوكسمبورج، حيث صارت هذه الأخيرة مركزاً إدارياً لتلك المنظمة الوليدة

• بعد النجاحات المتراكمة توصلت الأطراف السداسية المعنية للتوقيع على اتفاقية "روما" في سنة 1957، الذي وضع حجر الأساس الابتدائي لدول الاتحاد الأوروبي ، من خلال بنود الاتفاقية التي شملت العديد من التسهيلات والتعاون الشامل في مختلف الصّعُد ، لعل أهمها ؛ الحرية الجمركية والانتقال الحر للناس والسلع بين تلك الدول. طُبقت الاتفاقية بنجاح ملحوظ حتى السبعينات من القرن الماضي ، تحديداً في ابريل سنة 1972 حينما اتفقت الدول المذكورة على تنظيم عملية صرف العملات الوطنية وتدشين فكرة العملة الموحدة " اليورو" (أصبحت حقيقة قائمة بعد 30 عاما). وتوطدت مسيرة العملية الوحدوية الأوروبية من سداسية إلى تساعية ، بانضمام ثلاث دول إضافية للستة الأساس ؛ الدنمارك ، جمهورية ايرلندة والمملكة المتحدة ، في مستهل يناير سنة 1973، وان ظلت الأخيرة ومازالت خارج نطاق العملة الموحدة "اليورو زون".

• بسقوط الدكتاتوريات اليمينية والحكومات شبه العسكرية في جنوب القارة مثل اسبانيا والبرتغال واليونان توفرت إمكانيات جدية أمام أجندة الاتحاد الأوروبي بُغية التطور وتشجيع الدول المذكورة للانضمام إلى المنظمة الأوروبية . بحلول 1986 اختفت الضرائب الجمركية فيما بين دول الوحدة الأوروبية وتوسعت من تساعية إلى 12 دولة، بانضمام : النمسا ، فنلندة والسويد إليها ، ثم ما لبثت وصارت 15 دولة في 1987 بانضمام : اسبانيا، البرتغال واليونان.

• أما الحدث التاريخي الأبرز والأهم الذي أعطى دفعة قوية لطموح الأوروبيين هو تفكك المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا وعودة النظام الرأسمالي إلى تلك الدول في مستهل تسعينات القرن الماضي، حين وقعت دول الوحدة الأوروبية ميثاق "ماستريخ" في فبراير 1992 ، تمخضت عنها مع بداية 1993 محاولا ت جدية لتكوين السوق الموحدة. وتلا ذلك في يونية 1997 معاهدة "أمستردام" المنبثقة والمكملة لميثاق "ماستريخ"

• شهدت سنة 1997 المباحثات والمفاوضات مع دول أوروبا الشرقية والوسطى العشرة. وفي بداية الألفية الثالثة تغيرت وتطورت معاهدة "أمستردام" إلى اتفاقية" نيس" ، التي عنت بمسالة توسيع عضوية دول الوحدة الأوروبية ، وحددت أهمية الاستفتاءات العامة في الدول الأوروبية لتلك الاتفاقية، التي تعثرت من جراء تصويت بعض الأعضاء ضدها، الأمر الذي حدا إلى تعديلها وإيجازها ، في ما عرف أخيراً باتفاقية "لشبونة"، المُعَرّضة هي الأخرى لعدم التصويب والإجماع الجماعي. والجدير بالملاحظة في هذا الصدد أن تلك الاتفاقيات ما برحت تتغير تباعا طوال السنوات الأخيرة ومرد ذلك أنها لم تحظِ بالإجماع من قبل برلمانات البلدان الأعضاء أو لم تصوّب من قبل الرأي العام المحلي في كل بلد حينما تعرض للتصويت، كما حدث قبل أسبوعين حينما صوت الشعب الايرلندي ضد اتفاقية "لشبونة" ومن قبلها في فرنسا وهولندة ودول أخرى!

• صدرت "اليورو" في سنة 1999 بشكل ابتدائي ، كعملة أوروبية بديلة للعملات الوطنية . توطدت مجالها مع حلول الألفية الثالثة باشتراك اليونان في "اليورو زون" في سنة 2001 . في الأول من يناير 2002 دشنت" اليورو" كعملة رسمية في 12 دولة أوروبية في البداية وتوسعت بعد ذلك في بقية البلدان الأوروبية ، ثم انتشرت عالمياً كعملة ساخنة رئيسة تقارع الدولار والعملات الرئيسة الأخرى، الأمر الذي يعبّر بالطبع عن تعزيز الاقتصاد الأوروبي على مستوى العالم

• في الأول من مايو 2004 انضمت 8 دول (من أصل 10) إلى بقية الأعضاء الأساس الـ 15 وهي ؛ بولندة ، المجر، جمهورية التشيك ، سلوفاكيا ، سلوفينيا ، لاتفيا ، لثوانيا واستونيا ، موقعين جميعهم على اتفاقية ملزمة لإصدار مسودة الدستور الأوروبي ، منهين بذلك انقسام القارة الأوربية الذي كان قد دُشن قبل 60 عاما في مؤتمر يالطا. وها هي مجموعة الدول قد وصلت 27 دولة ، بعد انضمام قبرص ومالطا ( 23 + 2 = 25 ) ثم رومانيا وبلغاريا ( 25 + 2 = 27 ) عدا اثنتين من المرشحتين وهما ؛ كرواتيا وتركيا، فان هناك تشجيع جدّي لجذب أوكرانيا وحتى جيورجيا (مرحبتان جدا)، ولوان هذه الخطوات سوف تغيض روسيا وتوتر العلاقات الأوروبية ،الأسيوية والدولية .. وهذه مسألة في حاجة إلى مقارعة منفصِلة ومفصّلة في فرصة سانحة أخرى

على أية حال.. يبدو أن "الوحدة الأوروبية" سائرة لمصيرها التاريخي المحتوم ، المنطلق من المصالح المتبادلة لدول القارة الأوروبية وحاجتها الموضوعية للتعاون والتكامل الشاملين وضرورة تشكيل قطب اقتصادي جبار، يمَكّن الاوروبيين من الاستمرارية في المنافسة على صدارة الهيمنة العالمية للقوى الكبرى، ولو أن الاستفتاء السلبي الايرلندي الأخير قد عمل على تباطؤ حركة الطموح الأوروبي نحوالوحدة الأوروبية والتوسع شرقا وجنوبا ، على حساب الاستقرار العالمي المنشود !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو طريف.. كاميرا مراقبة ترصد ما فعلته دببة شاهدت دمى تطفو


.. الرئيس العراقي: نطالب المجتمع الدولي بالضغط لوقف القتال في غ




.. سقوط مزيد من القتلى والجرحى مع تواصل القصف الإسرائيلي على غز


.. أكسيوس: إسرائيل قدمت خطة لمصر لإدارة معبر رفح| #الظهيرة




.. ما -الحكم العسكري- الذي يريد نتنياهو فرضه على غزة في اليوم ا