الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان بريمر سفيها ً

رشيد كرمه

2008 / 7 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يشير تأريخ العراق أو هكذا يشير المؤرخون بأن البريطانيين لهم خبرة واسعة في واقع المجتمع العراقي وذلك بعد ان أسدلت الحرب العالمية الأولى أوزارها وغاب الوالي ودخل العراق والعراقيون في الجيب الإنجليزي تتقاذفه أصابع ـ ابو ناجي ـ من معاهدة إسترقاقية الى أتفاقية تقسيم مصالح والى حلف عدواني,منشئين ومنتجين خلال ذلك (طبقة إجتماعية ) أفرزت فئة عراقية تنفذ فقط ما يرتأيه (السير كوكس *) وهذه الفئة عبارة عن أرتالٍ من أبناء الذوات وكبار الملاك والإقطاعيين والمرفهين تتربع على رأس هرم الجيش والشرطة والأداريين والمخبرين تحركهم رؤوس كبيرة ( صماخات ) لاتتردد في تقبيل يد الباشا قبل الملك المفدى .
وإن لم يفعلوا ذلك خـُضِعوا للفلقة ِ أو ضرب بالعصا على اليد, وهكذا سيروا شؤون الناس ( العصا لمن عصى ) ,,,,, إلى ان إشتدَ ساعد المقهورين والمُعدَمين بفعل وعي المثقفين و( المتنورين ) مــــن رجال الدين وبفعل قوة المُثل التي ارساها الديمقراطيون الرواد واليسار العراقي ممثلة بالحزب الشيوعي العراقي الذي لم يدخرجهدا من أجل بسط كامل نفوذه في القرى والأرياف والمدن والثكنات العسكرية حيث قاد فيما بعد(الضباط الأحرار) تنظيمهم وكالوا للعملاء من خدام التاج البريطاني الصاع صاعين في صبيحة 14 تموز 1958 , ولأن غُدِر بنضال العراقيات والعراقيين في شباط 1963 بواسطة من حملهم قطار أمريكا ألا ان الناس بشكل عام لم تتعب ولم يتملكها اليأس من إيجاد البديل الديمقراطي , وهكذا قدموا وضحوا بالكثير من دماء أبنائهم ضد الدكتاتوريات المتعاقبة والتي لم يبخل عليهم الأمريكان بشئ ولم يعد الأمر اليوم خافيا على أحد .
وبفعل الجديد في عالم المصالح إنتهى دور (البعث في العراق وانتفت الحاجة لصدام ) وجاء الغول الأمريكي بدل البريطاني ولاح الأحتلال مجددا في العراق وبتطور الزمن لم تعد الفلقة مجدية ً لذلك لابد من بديل أكثر حداثة ينسجم وعالم الأنترنيت ,, لذا لم يشأ أحد أبناء (( بريمر)) إلا وأن يتمنى على أبيه قبل مغادرته إلى العراق كحاكم مطلق أن يأخذ معه صندوقا ً كان يوجد بداخله ــ جزمة تمبرلاند ـ بنية اللون ضاربة الى الصفار مع ملاحظة مفادها " إذهب وإركل مؤخرة أحدهم يا أبي "
ويذكر نائب الملك الأمريكي بول بريمر معاهدا ً ومُحدثاً نفسه في ليلته الأولى في بغداد العراق أنه سيلبس هذه الجزمة في اليوم التالي .
وهكذا أمضى السيد أيامه الـ(365 ) منتعلا ً الجزمة بقصد الركل ليس إلا . مُكرساً طائفية مقيتة ً ومُجزء ً شعب وبيوت العراق الى سنة وشيعة وأكراد فقط .!!!!!
قبل ان يغادر العراق ذهب ليودع رجل دين ذو عمة سوداء فقال له الأخير: لقد علا الشيب رأسك بعد عام في العراق أجابه بإبتسامة ٍ ماكرة ٍ: أما شيب صدغي الأيمن فإنه من السُنَة , واما الشيب في مؤخرة رأسي فإنه من الأكراد اما الباقي وهو الأشد شيبا ً فإنه من الشيعة ومنك أنت بالذات .
ولقد ظل يردد مع نفسه ومع البريطانيين خلسة " كارثة أن يحدد رجل دين واحد مستقبل العراق "
واصفاً أساليب التفاوض عند المعممين بأنها ( فارسية تقليدية ) ـ كلما قدمت تنازلا ًيأتي الآخر بمطالب جديدة , وهكذا دواليك ....
ففي حين كان الشارع العراقي والعربي والعالمي ينتظر بديلا ً أكثر عدلا ً , ضَيقَ البيت الأبيض الخناق على الديمقراطيين العراقيين , مجاملة ً لغيرهم , ولحسابات ٍبعيدة المدى وأكتفوا بتسليط الضوء على رقم 25% من مشاركة المرأة في الحكم الجديد , ولم يكن يهمهم حريتها وكرامتها في ظل فرض فتوى الحجاب والشريعة !!!! ومن هنا قالت الدكتورة رجاء الخزاعي عضو مجلس الحكم : لقد ساعدتُ طوال الثلاثين عاما الماضية في توليد أطفال آلاف الأمهات العراقيات , والآن للمرة الأولى في تأريخ العراق الحديث سيكون للنساء العراقيات مكان في مجتمعهن , وأنني أشعر بالفخر لتوليد أمة عراقية جديدة اليوم . ( وياليتها إنتظرت إلى ما سيؤول اليه الحال ـــ ر كرمة)
كان ذلك يوم الأحد 13 تموز 2003 في قاعة المحاضرات التابع لمركزالمؤتمرات في بغداد حيث جلس ممثل سلطة الإئتلاف الدولي وممثل الأمم المتحدة(سيرجيو دي ميلو ) مع حشد من وسائل الإعلام والصحافة مواجهين منصة المسرح الذي يضم خمس وعشرون شخصية بينهن ثلاث نساء يمثلون الأطار العام للخارطة السياسية العراقية , جلسوا على مقاعد صفت على شكل هلال وعلقت خلفهم خريطة جغرافية بسيطة للعراق وكلمتا (( مجلس الحكم )) وكانت تلك كلمة مقتضبة قيلت يوم إنعقاد المؤتمر الصحفي لقراءة البيان السياسي الذي اصدره ( مجلس الحكم المحلي ) والذي تأسس بمجهود محض من قبل رجل مطلق الصلاحيات ( بول بريمر ) يحمل لقب ــ السفيرــ موفداً من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية التي أزاحت بالتعاون مع أكثر من ثلاثين دولة عالمية سلطة ًوصفت بحق علـــى أنها أعتى نظام دكتاتوري مارس بقسوة متناهية كل أنواع البطش و الكراهية ضد مكونات الشعب العراقي على مدى خمس وثلاثون عاما ً مبددا ً ثروات البلاد علـــــى ماكنة حروب داخلية وخارجية مستنفذا ًمختلف الخبرات العلمية والإجتماعية والإقتصادية والفنية التي حصل عليها الناس على إختلاف قوميتهم ودينهم عبر مراحل زمنية من الكد والعناء كي ينهضوا ببلدهم .
في ظل الإستحواذ على ماأمكن من غنائم لابد وان يصار الى سن قانون يلزم الجميع , وليس هناك أفضل من سلاح الدين , والوقت مناسب إذ يترأس مجلس الحكم ( معمم ) ينحدر من عائلة ٍاسهمت في تحجيم الحرية المدنية العراقية , لذا إقترحت الأحزاب الأسلامية ــ ومنها المجلس الأعلى الذي تأسس في إيران وحزب الدعوة الأسلامية على أن يكون الأسلام هو الأساس لكل القوانين ,ولابد من فرض قرار رقم 137 الذي يدعو الى تطبيق الشريعة الأسلامية في كل أنحاء العراق , وسيترتب عليه إحالة نصف المجتمع الى الأقامة المنزلية مقيداً بالحجاب الأسلامي ذو المودة الأيرانية ويرمي الفئة المثقفة من المجتمع خارجا ً كما أن القرار يتنافى مع القانون الأداري الأنتقالي الذي يمنح العراقيات والعراقيين كما ًلابأس به من الحريات السياسية ( الدين ,, التعبير,, الأنضمام الى الأحزاب السياسية ,, النقابات ,, الأضرابات ,, وان المواطنون متساوون جميعا ً أمام القانون بصرف النظر عن الجنس والدين والمذهب والأثنية ,,,, إلخ
في 27 شباط 2004 أراد ( الأسلاميون ) تمرير القرار وأستعدوا لذلك وكان يرأس الجلسة السياسي وزير الخارجية الأسبق (عدنان الباجة جي ) الذي دعا الدكتورة( رجاء الخزاعي ) للحديث حيث طالبت بإلغاء القرار 137 الذي فرضه ( عبد العزيز الحكيم ), وحيث نال مقترحها التصويت لصالح الغاء القرار خرج الإسلاميون غاضبين ومهددين ولازالوا حتى هذا اليوم ..حيث لم تعد حرية الإنسان العراقي تهم المجتمع الدولي وهم يرون واقع المرأة الملفعة بالسواد يحيط بها شبح السكين لأدنى شك.
على هذا علق بريمر وهو لايزال في جزمته مع صدى وصية ( إبنه ) بأنه سوف لن يوافق على ان يكون القرار 137 قانونا ً, وواقع الحال يشير عكس ذلك , إذ أن هناك إنحسار كامل في دور المرأة وتتعطل كثير من الحريات الشخصية وهذه هي إحدى نكبات الأحتلال وما ترتب عليها . فهل كــان ( بول بريمر ) سفيرا ًديمقراطيا ً ؟ أو سفيها ً إجتماعيا ً ؟ أو سفيرا ًسفيها ً ؟
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــ
السير كوكس* : السير برسي كوكس ، مندوب الحكومة البريطانية السامي في العراق ، كان رجلا هادئا حليما ليناً .
السويد 7تموز 2008 رشيد كَرمـــة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام