الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب لايزال مخيفاً‮!‬

بدر عبدالملك

2008 / 7 / 9
الارهاب, الحرب والسلام


لم تكن منطقة الخليج تتعاطى مع مسألة اسمها بيانات اليقظة والتحذير لمواطنيها والرعايا الأوروبيين المقيمين فيها إلا في أوائل التسعينات، وتحديدا بعد الانتهاء من تحرير العراق وبدء تصاعد لهجة التهديد بالضرب والتصعيد والملاحقات ومعاقبة كل الدول التي وقفت ضد جيش صدام المقبور.
ومنذ تلك الحقبة ونحن نسمع بين شهر وآخر تحذيرات وروائح متصاعدة من أجهزة الأمن والإعلام تحذرنا باحتمال وإمكانية حدوث أعمال إرهابية في هذا البلد أو ذاك.
وازدادت تلك الرائحة مع تنامي ظاهرة الإسلام السياسي وبروز التيارات المتشددة التي دشنت عصر المواقع الالكترونية بثقافة الموت والدمار، فأخذت تبعث ببياناتها ومنشوراتها لكل جهة تقف ضدها وتنذر بملاحقتها.
وقد برزت بشكل واضح في الفترة ما بين عامي 1993-1994 مجموعة يقودها بن لادن، حيث أخذت تهدد بملاحقة الأمريكان والمواقع العسكرية الغربية ومواقعها الحيوية كالقواعد ومناطق النفط، فكانت عملية الخبر باكورة كبيرة لتلك الأعمال. ولا يمر صيف إلا ونسمع تحذيرات تبثها السفارات الغربية في تحذير رعاياها بعدم الاقتراب من الأماكن التي تهدد حياتهم وعليهم اليقظة والحذر من تلك الأعمال الإرهابية، بل وكانت توصيهم أحيانا بالمغادرة لكونها جمعت معلومات استخباراتية حول إمكانية قيام التنظيمات الإرهابية بأعمال قتل وتخريب.
فتزايد شعور الرعب والخوف بين مواطني تلك الدول خاصة مواطني الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين بدأتا تتفننان في مستويات التحذير بتلك الخطوط والألوان الخضراء والبرتقالية والحمراء فنتذكر مرحلة بيكاسو اللونية الثلاث التي مرت بها لوحاته.
وتصاعدت حدة ذلك الخطاب المرتجف بعد تشكل جماعة القاعدة وقيامها بالمزيد من الأعمال ابتداء من أعمال غينيا ودار السلام والبرجين في نيويورك حتى أعمال مترو لندن وقطار مدريد.
وانتقلت تلك الحساسية الأمنية والإعلامية لبلدان الخليج ومواطنيها فوجدنا الصيف أكثر سخونة بالتحذيرات لمواطني هذه البلدان كلما قرروا حمل أمتعتهم لوجهات صيفية، وكلما توترت العلاقات بين ذلك البلد الخليجي وتيارات إسلامية لا تخفي عداءها المقابل للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وفي مقدمتهم بريطانيا وجدنا الإنذارات والتحذيرات المتلاحقة بعبارات "تنصح المواطنين بالمغادرة وعدم الاقتراب واليقظة" إلى آخره من عبارات الفوبيا المفتعلة أو القائمة على حسابات سياسية بغطاء امني وإعلامي مضخم..
فمنذ صيف أغسطس وغزو الكويت حتى يومنا هذا ومناخ وروائح الإنذارات تلاحقنا وتلاحق مواطني سفارات غربية تعيش في بلدان الخليج فنشعر من خلالها أهداف ودوافع لا تسر كثيرا أحيانا، إذ يتم زج البلدان في مشاكل وخلافات قائمة ومصالح عدة بين طرفين متنازعين حول قضايا خلافية.
فلماذا صار صيفنا - والذي اعتبره يبدأ من شهر يونيو إلى سبتمبر - مخيفا، تتطاير فيه التفجيرات، وكأن الأعمال الإرهابية صارت موسمية وجغرافية وسياسية مرهونة بتوتر خفي ومعلن بين تلك القوى الكبرى والتيارات المتشددة التي لا تخفي كراهيتها ومواقفها إزاء العالم جميعا لمجرد كونها تندد بالأعمال الإرهابية وتضيق الخناق على حركتها.
ما أثار انتباهي هذا الصيف وهذه المرة ليس عادة التحذيرات الصيفية المرتقبة من بعض السفارات مع ابتداء تحضير الناس حقائب السفر وحسب، بل وتشكل خطاباً لا يعبر إلا عن روائح كريهة تنثرها وكالات الأنباء كلما تمعنا النظر فيه جليا . فنقلت لنا تعبيرا من موقع للسفارة البريطانية مفاده "نعتقد إن الإرهابيين ربما يخططون لتنفيذ هجمات في دولة الإمارات العربية المتحدة" وبذلك رفعت السفارة البريطانية درجة التحذير من "عام إلى عام" وهي بذلك تستخدم مصطلحات لغوية بدلا من المرموز الاشاري كالألوان، وهي في المحصلة نتيجتها واحدة، وفي الوقت الذي عودتنا السفارة البريطانية بلكنتها وغمغمتها الانجليزية بعبارة ربما ومن المحتمل ومن المتوقع وعرضه للتغير، في عملية مستويات التحذير في السفر وغيرها، يبدو إن اللعبة ابعد من ذلك، إذ تم دس عبارات ملتوية تهدف إلى الاتهام بنوع من التواطؤ مع تنظيم القاعدة كنوع من اتفاق غير مكتوب، هو غض الطرف عنهم في تحركهم مقابل عدم مهاجمة تنظيم القاعدة لهم، ومن يقرأ بدقة ما جاء في البيان يكتشف بكل سهولة الرائحة الكريهة من ذلك، بل وابعد من هذا، وكأنهم يشددون على الإمارات بضغوطهم تلك من اجل العمل حسبما يريدون بالكامل.
والأبعد من ذلك إن هذا التحذير جاء مباشرة بعد الإعلان عن قرار أوروبي بتصعيد سقف العقوبات على إيران بتجميد ودائعها البنكية، في وقت تتصاعد في بلدان الخليج روائح الاحتمال الممكنة لضربات استباقية لإيران، وعلى مواطني المنطقة ومن يعيشون فيها الاستعداد لمثل ذلك الاحتمال، بل وبإمكان أن تمارس إيران عبر خلاياها النائمة - والتي كنا نسمع بحكايتها بعيدا وقريبا - كرد فعل لذلك الضغط الاقتصادي وإمكانية المواجهات العسكرية.
ما تمارسه بعض السفارات وإعلامها على لسان حال رجال امن سابقين مثل "كليف كنوكي" تكمن فيه رائحة خبيثة كالعادة. فإذا كان من المهم اليقظة لكل شيء في ظروف صعبة، فان إخافة الآخرين وإدخالهم في حلقة الرعب ليست ظاهرة حميدة، فلكل شعب ودولة اقتناعها وعلاقاتها بكيفية التعاطي مع الإرهاب الدولي وإيران والملف النووي فليس لكل دولة وجهها الابتزازي والمراوغ في السياسة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة