الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انتهت الثورة اليمينية؟

محمد سيد رصاص

2008 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في يوم 3حزيران1997أعلن (المحافظون الجدد)عن قيام تيارهم السياسي عبر ورقة اعلان مبادىء،دعيت باسم(مشروع من أجل قرن أميركي جديد)وهو ماأطلق لاحقاً على مؤسسة بحثية أصبحت مركزصناعة الأفكار للتيار الجديد، هي و(معهد أميريكان انتربرايز)،لتعلن تلك الورقة اعتراضها على سياسة إدارة كلينتون،في مجالي السياسة الخارجية والدفاع،معتبرة إياها "بلاهدف"و"بدون تماسك"،وأنها على وشك"تبديد الفرص"التي نتجت عن القوة الأميركية المتفوقة عالمياً بعد أن قادت واشنطن"الغرب للإنتصار في الحرب الباردة".
أمام ذلك يطرح موقعوا تلك الورقة سؤالين مفصليين:"هل الولايات المتحدة تملك الرؤية لكي تبني على أساس انجازات العقود الماضية؟"..و"هل تملك التصميم على بناء القرن الجديد بمايوافق المبادىء والمصالح الأميركيتين؟"..........
كان من بين الموقعين على تلك الورقة كلٌ من ديك تشيني،دونالد رامسفيلد،بول فولفوفيتز،إليوت أبرامز،زالماي خليل زادة،لويس ليبي،الذين أصبحوا من أعمدة إدارة بوش الإبن في بداية الألفية الجديدة،هم ومن انضم لاحقاً بالتسعينيات لتلك المؤسسة البحثية مثل ريتشارد بيرل ودوغلاس فايث وجون بولتون.

قام هذا التيار السياسي الجديد في الحياة الأميركية(وبالتعاكس مع التيار المحافظ التقليدي الأميركي الذي استند إلى "مبدأ مونرو"1823الإنعزالي عن مشاكل "العالم القديم"ومنع الأخير من التدخل في قضايا وحدود العالم الجديد)على فلسفة المهاجر الألماني اليهودي والأستاذ في جامعة شيكاغو(ليو شتراوس)ت1973 ،الذي مزج بين المحافظة القديمة،الآتية من فلسفة إدموند بيرك الناقد والمعارض لأفكار الثورة الفرنسية،وبين ليبرالية جون ستيوارت ميل،مع نزعة ناقدة للحداثة الغربيةالبادئة بديكارت وصولاً إلى هيجل وماركساستقاها من نيتشة وهايدغر:ترى هذه الفلسفة نفسها مع مثالية أفلاطون السياسية وفي التضاد مع التفكير السياسي،البادىء مع مكيافللي حتى البراغماتية،مستبدلة مبدأ الوسيلة وكذلك مبدأ النفعية ب"الغاية والوضوح الأخلاقي"للسياسة،واضعةً(الديموقراطية)- كماشرحها لاحقاً المهاجر اليهودي الروسي لإسرائيل ناتان شارانسكي في كتابه"قضية من أجل الديموقراطية"أيلول2004الذي اعتبره الرئيس بوش في تصريح ل"الواشنطن تايمز"يوم12كانون الثاني2005مرشداً لسياسته- في مركز(الراديكالية)عند يعاقبة الثورة الفرنسية،وفي مكان (الإشتراكية)عند ثوريي اليسار.
كانت "ثورية"المحافظين الجدد اليمينية تذكر ببعض من روحية اليسار،حيث أتى بعض منهم من الوسط التروتسكي،مثل بيرل،وفايث،وفولفوفيتز الذي تتلمذ على يدي شتراوس في حلقة دراسية عن فلسفة السياسة عند أفلاطون،كماأنهم كانوا في وضعية من يرون أنفسهم كمغيِرين للعالم من خلال"تطوير قضية الحريات السياسية والإقتصادية خارج الولايات المتحدة"وعبر"تحدي الأنظمة المعادية لمصالحنا وقيمنا"، وفقاً لتعابير اعلان المبادىء المذكور،من أجل قبول"المسؤولية،المتاحة عبر الدور الأميركي الفريد،لحفظ وتوسيع النظام العالمي ليكون مطابقاً ومتوافقاً مع أمننا وازدهارنا ومبادئنا".
حاول هؤلاء ممارسة ذلك بعد أن تسلموا المراكز الرئيسية في إدارة بوش الإبن،وخاصة إثر11أيلول،حيث أتى غزو العراق،الذي كان بالتأكيد يمتد إلى دوافع ترتبط بالنفط وبالأهمية الجغرا- سياسية لمنطقة الشرق الأوسط التي يبدو أن بغداد كانت"بوابة إعادة صياغتها"،مغلفاً ومربوطاً عند المحافظين الجدد بدعاوى أيديولوجية تتعلق ب(الديموقراطية)و(اقتصاد السوق)و(الديكتاتوريات)و(الأنظمة المارقة)،وهو الشيء الذي رأيناه أيضاً عند (الليبراليين العرب الجدد)- ومعظمهم آت من خلفيات ماركسية سابقة - الذين ظنوا بأن وضعهم سيكون عبر غزو العراق،و"توابعه"،على شاكلة وضع ليش فاليسا وفاكلاف هافل بالثمانينيات.
تبخَر هذا كله،خلال السنوات القليلة الماضية،عبر محطات(المقاومة العراقية)و(حرب12تموز2006)و(14حزيران بغزة)و(اتفاق الدوحة)،ليتزامن هذا كله مع تساقط رموز المحافظين الجدد واستقالاتهم من مناصبهم،حيث لم يبقى سوى تشيني وأبرامزمسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركيفي مراكز مؤثرة،فيما تزايد خلال الفترة ذاتها نفوذ الوزيرة رايس في رسم السياسات،وهي التي تنتمي إلى (المدرسة الواقعية)كماعهدناها عند هنري كيسنجر أوعند جيمس بيكر،هذه المدرسة التي ترى أن تقوم السياسة الخارجية بتمرير أهدافها عبر ممكنات التوازنات الجغرا- سياسية وبنى الأنظمة والمجتمعات القائمة،لاعلى تغييرات راديكالية في البنى السياسية-الإجتماعية-الثقافية كما يطرح(المحافظون الجدد).
كان(تقرير بيكر)6كانون أول2006آتياً في لحظة لم يتم فيها حسم مسار التفكير الإستراتيجي لإدارة بوش حيال المنطقة،الذي تم رسمه مع حرب2003،ولم يتم فيها التكيف بعد مع الوقائع الجديدة التي نتجت عن حرب صيف2006:يبدو الآن ،ومن خلال إعادة التعويم الأميركي لأدوار الرياض والقاهرة وأنقرة الإقليمية عبر عام2007 وماتلاه بعد أن أدارت واشنطن ظهرها لهم ولمصالحهم في فترة ماقبل وأثناء ومابعد غزو العراق وكذلك من خلال المباركة الأميركية للمفاوضات السورية- الإسرائيلية التي أعلن عن استئنافها باستانبول يوم توقيع اتفاق الدوحة،بأن تفكير (المحافظين الجدد)لم يعد مسيطراً على إدارة بوش،وإنما تفكير(الواقعيين).
هل هذا تكيف مرحلي مع الوقائع بانتظار فوز المرشح ماكين،المتأرجح بين "واقعية"إدارة نيكسون و"ثورية"المحافظين الجدد،أم أنه قبول بنتائج الإصطدام بالحائط الإقليمي- المحلي في الشرق الأوسط،الذي كان تفكير المحافظين الجدد يقول بأنه"عبر إعادة صياغته"سيكون الدخول في"رسم القرن الجديد".
==============================================================











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة