الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصدع حصن “ القدسية الدينية ” المزعومة .. فتمترسوا بالعشيرة .!!

جاسم محمد الحافظ

2008 / 7 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إن العشيرة كوحدة إجتماعية وسياسية ، شكل ظهورها في مرحلة مبكرة من مسار حركة تطور المجتمع الإنساني ، ضرورة موضوعية لتنظيم العلائق الإقتصادية والإجتماعية البدائيه الناشئة بين أفرادها ، اللذين منحوها ولآءآ مطلقآ حتى إتسع دورها ونفوذها ، الى الحد الذي لم تعد فيه قادرة على إستيعاب وتنظيم المخرجات المادية والثقافية لعمليات الإنتاج والتبادل السلعي داخل وخارج حدود بيئة العشيرة ، وتناقظت المصالح الإقتصادية بين أفرادها وتقاسمت ولآءآتهم هيئات ونظم مختلفة، وتشابكت المصالح بينها وبين العشائر المحيطة بها ، حتى أفضت الى نشوب صراعات وإنتهاكات مؤلمة وحزينة أرست أسس الحاجة الى شكل أرقى للتنظيم بين هذه التكوينات والنظم الإجتماعية ، تجلى هذا الشكل في نشؤ الدولة – كعقد إجتماعي تنازل فيه الأفراد عن بعض من حرياتهم لها – لقاء القيام بواجباتها في تنظيم العلاقات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية بين رعاياها ، وحماية مصالحهم وأمنهم ، وتطورت الدولة هي إلأخرى ، حتى بلغت أشكالآ راقية وقائمة على مبادئ الإدارة الديمقراطية لظمان المساواة والعدالةالنسبية ، وهي مازالت متجه صوب أشكال إدارية أرقى لتستجيب الى شروط موضوعية سيكون الزمن القادم كفيل بتحديد ملامحها ،
ولذا فإن الدعوات ، التي يطلقها السيد رئيس الوزراء والتي تحظى بمباركة أحزاب الإسلام السياسي من الطائفتين ، بإنشاء مجالس محلية للعشائر ومن ثم مجلس أعلى في العاصمة ،لا تتسم ببعد إستراتيجي تقدميآ ، بل أنها دالة على النهج الرجعي لهذه القوى ، وعدم قدرتها على مغادرة عوالم الماضي المتخلف إداريآ لكونها تدين بالولاء للمدارس التجريبية وتخشى المبادرات الجديدة. ولأن أدواة تحليل الظواهر الإقتصادية والإجتماعية عندها لتخمين مديات تطورهذه الظواهر بسيطة وبدائية ، مما أوقع هذه الأحزاب في مهلكة السلوك الإزدواجي متمثلآ بتناقض البعد الأديولوجي بشقه النظري مع الفعل العملي ، الذي تفرضه عليها مقتضيات النشاط الحكومي في بيئة جيوسياسية مظطربة ،وتدفعها مصالحها الأنانية الضيقة لتنهج الإنتهازية والخداع – وأخطره خداع النفس – إسلوبآ لحشد الفقراء وراؤها ، لظمان خلق توازن اديولوجي موهوم ، سرعان ما يتكشف عن خيبه أمل كبيرة ،تطيح بأحلام وتطلعات الجماهيرالغفيرة من الكادحين المؤيديين لها .
وبناءآ على ما تقدم فإن إهدار المال العام لتأطير العشائر في مجالس مقترحة ، وإعادة الحياة لهياكل تنظيمية بالية ، بزعم مساهمتها في أستقرار العراق وإعادة بناءه ، يعد ضرب من الوهم الزائف وشكلآ من أشكال الفساد المالي ، فظلآ عن كونه لا يستقيم مع الدعوة لإحترام الدولة والتقيد بقوانينها ، حيث أن العشيرة بكل مستويات هيكلها التنظيمي ، لا توجد فيها أقسام مسوؤلة عن تطوير الصناعات البتروكيمياوية ، أو إنتاج الكهرباء من أستخدام الطاقة النووية أوتيارات مياه البحار ، وإنما تنحصر مهامها في الغالب - وعند غياب الدولة - بحل النزاعات القبلية ، وبطرق ظالمة في أحيان كثيرة وليس أدل على ذلك من مظاهر الإذلال للمرأة ، المعطاة كتعويض لإهالي ضحايا النزاعات ، والتي يطلق عليها الناس “ بالفصلية ”
ولعمري إن الدعوة لإحياء العشيرة ودورها ليس له ألا بعد واحد في أيام الإنتخابات هذه ، ألا وهو ، أن أحزاب الإسلام السياسي التي تخندقت خلف حصن “ القدسية الدينية ” المزعومة شعرت بتصدعه وأمكانية إنكشاف أمرها ، بفعل فشلها الذريع في إدارة الدولة ، لذا قفزت الى حصن العشيرة ، لتتمترس وراءه ، وهو الذي بكل تأكيد لم تزكي الحياة قدرته على الصمود ومن ثم حمايتها ، أمام تصاعد وعي الجماهير التواقة الى التقدم والإزدهار ، وليس هناك من تجربة إنسانية معاصرة لا في الشرق ولا في الغرب أكدت عكس ذلك .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمير الكويت يأمر بحل البرلمان وتعليق العمل بعدد من مواد الدس


.. كاميرا مراقبة توثق غارات للطيران الحربي الإسرائيلي على شمال




.. مراسلة الجزيرة: طلاب كامبريدج يضغطون على إدارة الجامعة لقطع


.. تشييع شهداء سقطوا في قصف إسرائيلي على رفح جنوبي قطاع غزة




.. مظاهرة حاشدة في مدينة نيويورك الأمريكية إحياء لذكرى النكبة