الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرة أعوام

رشيد كرمه

2008 / 7 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ــ 2 ــ
تنويه "هذاهوالإسم الصحيح للراحل الأستاذ ابو سعد ( صالح مهدي دكَلة ) لا كما جاء في مقال ٍ سابق ".
توقفتُ في الجزء الأول من الكتابة عن التجمع الديمقراطي العراقي عند إنعقاد المؤتمر الثاني عام 1994 في العاصمة البريطانية ـ لندن ـ التنظيم الذي تلاشى برحيل أمينه العام , على أمل العودة الى الأسباب والظروف التي أدت الى ذلك , كون ان التجمع الديمقراطي العراقي كان فعلاً حاجة موضوعية ًطرحت فكرا ًديمقراطيا ًعقلانيا ً*في ظروف ٍقاسية جداً رغم إتهامه انه واجهة ً للحزب الشيوعي العراقي ,وقد تحمل الفقيد ورفاقه المؤسسون والرعيل الأول الكثير من المعاناة , بغية خلق أرضية صلبة ٍللمارسة الديمقراطية ٍ, وقد سبق قادة التجمع في تلك الفترة ما وصل اليه ( غورباشوف ) والآخرون حول ضرورة التحرر من الديماغوجية والإنفتاح على الرأي الآخر , وعلنية العمل المبني على الفكر الجماعي , ولقد تمتعت صحيفة الغد الديمقراطي لسان حال التجمع بإحترام الجميع وكانت تنشر آراء مخالفة ً وطبيعة الديمقراطية التي يؤمن ويبشر بها ** كما ان جمهرة من مثقفي العراق وسياسيه وأدبائه من شعراء وكتاب قصة وباحثين ومفكرين ومسرحيين أرسوا نهجاً قلما نجده في صحافتنا الحزبية الصارمة وحملت نتاجاتهم تنوعا ً يتماشى وطبيعة المجتمع العراقي .
لذا أدعو الأساتذة والصحفيين والباحثين وممن زاملوا وعاصروا وعملوا ضمن فريق التجمع الديمقراطي العراقي أو جريدته المركزية لدراسة العوامل التي أدت الى انهيار وتشتت التنظيم الذي شكل فصيلا واعيا ًمن الحركة الوطنية العراقية .
وكم من حاجة ٍ ماسة ٍ اليوم وضرورية لتنظيم ٍديمقراطي ٍواع ٍ يلبي متطلبات شعبنا العراقي بعد سنوات من الدكتاتورية وخمس سنوات من إحتلال رسخ بوقاحة ٍ منهجا ً طائفيا ً ينافي جملة وتفصيلا ً قوام وماهية المجتمع المدني الذي لابد له من نظام ديمقراطي يحميه ويصونه .
ولقد عمدت بمناسبة مرور عشرة أعوام على رحيل الأستاذ والمناضل ( صالح دكَلة ) الى كتابة الجزء الأول عن تأريخ نشوء التجمع الديمقراطي العراقي , أملا ً لتكوين صورة عن جهد هذا الرجل المتفاني أولا ً ولأنني وددت تجاوز الكتابة عن التأريخ الشخصي , ثم عدلت عن ذلك إذ وجدت انه تأريخ جماعي بل انه تأريخ مشرف ًُ للوطنية العراقية وهو ملك الشرفاء من شعبنا وستبقى ذكراك معنا يا( أبا سعد ) .
ولد ( صالح مهدي دكَلة ) في 19 كانون الأول عام 1930 في مدينة العمارة , جنوب العراق , لأسرة معروفة عن أب إحترف التجارة , وأم كادحة من عشيرة آل إيزيرج المشهورة بمعارضتها للسلطات الحكومية في مختلف العهود , وأكمل دراسته الثانوية في العمارة , وإلتحق بدورة تدريب المعلمين في البصرة .
برزت بوادر ميوله السياسية من خلال نشاطه في إتحاد الطلبة العام , متأثرا ً في البدء بأفكار حزب الأستقلال , ولكن سرعان ما تحول الى مواقع الفكر الماركسي بعد وثبة كانون 1948, حيث ساهم فيها بنشاط متميز .
إلتحق بصفوف الحزب الشيوعي العراقي عام 1950 في أعقاب إعدام قادة الحزب الخالدين فهد وحازم وصارم عام 1949, ثم إتسع نشاطه السياسي في لواء العمارة إثر تعينيه في منطقة آل إيزيرج وأنيطت له مهمة مسؤولية اللجنة المحلية للحزب مما أدى إلى إعتقاله ونفيه الى ناحية شيخ سعد حيث هرب من هناك الى بغداد ليعيد صلته بالحزب في العاصمة لكنه تعرض للإعتقال مرة أخرى واودع السجن لعدة أشهر , وحين أفرج عنه إلتحق بدورة الضباط الأحتياط , وهناك تعرف على الرفيق ( عبد الرزاق الصافي , والراحل ثابت حبيب العاني )وتولى خلال ذلك المسؤولية الحزبية للمعسكر .
وسرعان ما أصبح عضو منطقة بغداد للحزب الشيوعي بعد تسريحه عام 1956 من الخدمة العسكرية , شارك في الكونفرنس الثاني للحزب في العام نفسه الذي شهد إنتفاضة تشرين تضامنا ً مع مصر إثر العوان الثلاثي , ولعب دورا ًمتميزا ًفي التنسيق بين التظاهرات السياسية في بغداد وكان في مقدمة المظاهرة التي قادها الشيوعيين في منطقة باب المعظم.
أنيطت بعد ذلك بالرفيق الراحل مسؤولية التنظيم العسكري للحزب الشيوعي وعضوية الأرتباط مع تنظيم الإتحاد الوطني للجنود والضباط *** الذي كان يضم عسكريين من شيوعيين ويساريين بينهم الضابطان ( فاضل البياتي ووصفي طاهر ) ونظرا ً لكفائته الفكرية والتنظيمية تسلم مسؤولية لجنة منظمة بغداد للحزب الشيوعي عام 1957 الأمر الذي أهله لعضوية اللجنة المركزية عشية ثورة 14 تموز 1958.
كان الراحل من المبادرين لفكرة إستلام السلطة بعد الثورة , ففي عام 1959 كان مسؤولا ً مع رفيقيه ( سلام عادل سكرتير الحزب , وجمال الحيدري ) عن إعداد خطة لأستلام السلطة بالتنسيق مع عضو تنظيم الخط العسكري الضابط ( عطشان الأيزيرجاوي ) فحشد جماهير الشعب في شوارع بغداد إستعدادا ً لحدث هام ( ألا ) انه تم التراجع عن تنفيذ الخطة في الساعات الأخيرة .
كرس حياته للنضال السياسي , وبسبب إنغماره في معترك الكفاح لم يتسن له الزواج من رفيقة دربه ورفيقة حياته ونضاله ( أنعام العبايجي ) إلا في عيد العمال في 1 ايار 1959,
وفي نفس العام إنتدبه الحزب للدراسة الحزبية في المدرسة العليا للكادر الشيوعي في الإتحاد السوفيتي لمدة ثلاثة أعوام , بعد عودته من موسكوشارك في إجتماعات اللجنة المركزية والمكتب السياسيوفي عام 1962 تولى قيادة المنطقة الجنوبية فضلا ًعن مسؤولية التوجيه السياسي للتنظيم العسكري في الجنوب .
أُعتقل في 19 آذار عام 1963 ونقل مخفورا ً الى مقر الحرس القومي في النادي الأولمبي فتعرض لشتى أنواع التعذيب مما أفقد صموده أعصاب جلاديه , فأطلق أحدهم النار عليه فأصيب بعدة إصابات في أنحاء مختلفة من جسمه ثم أضرب عن الطعام رغم تدهور صحته , وأخيرا تم نقله الى قصر النهاية لأعدامه , ألا ان جلاديه لم ينالوا منه سوى خيبة الأمل , إذ تمكن من الهروب ومن الأعتقال بعملية جريئة وباشر على الفور بإعادة الصلة بالحزب .
وبعد أن شارك في الكونفرنس الحزبي الذي عقد خارج الوطن عام 1964 تولى في العام التالي قيادة لجنة التنظيم المركزية بعد أن أعيد إنتخابه لعضوية اللجنة المركزية خلال إجتماعها في نيسان والذي أقر فيها القرار المعروف بأسم ( العمل الحاسم ) والهادف الى إستلام السلطة , وكانت إحدى مبادراته الفيدة في تلك الفترة إنشاء إذاعة سرية أشرف عليها شخصيا ً.
لم يخف ِ الراحل ( صالح دكَلة )معارضته لقرار الكونفرنس الحزبي الثالث المنعقد في كوردستان العراق عام 1967 حول التراجع عن ( العمل الحاسم )وبطلب منه إلتحق بعمل الأحزاب الشيوعية العربية في الساحة الفلسطينية ــ منظمة الأنصار ــ حيث كلف بمسؤولية التوجيه السياسي فيها وهناك تعززت علاقته بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأمينها العام الدكتور ( جورج حبش ) .
خلال أحداث أيلول في عام 1970 في الاردن وأثناء تراجع المقاومة صدر قرار من الأحزاب الشيوعية العربية بحل منظمة الأنصار فوقف الراحل ضد هذا القرار وكان هذا سببا ً إضافيا ً لإنهاء علاقته التنظيمية بالحزب الشيوعي العراقي .
بعدها عاد الى بغداد في أواخر عام 1971 ليعتقل مجددا ًفي قصر النهاية وبوساطة أحد المقربين من رئيس الجمهورية ( احمد حسن البكر )أُطلق سراحه , غير أن الملاحقة ضده لن تتوقف بل إزدادت وتيرتها مما تسبب في هربه الى سوريا , ومن ثم الى عدن عاصمة اليمن الديمقراطية واوكلت له مهمة تدريس الأقتصاد السياسي واعد كتيبا ً لهذه المادة مع مجموعة من الكتب الاخرى للتدريس إضافة لعقد الندوات الفكرية والمقابلات التلفزيونية , ولم تقتصر مواهبه الفكرية والسياسية على الساحة اليمنية فحسب , بل تعدتها الى الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان حيث أسس هناك ( المدرسة الحزبية للكادر ) للدراسات السياسية مابين اعوام 1974ــ1978 .
في عام 1979 وحينما إنتقل الحزب الشيوعي العراقي الى مواقع المعارضة لنظام الحكم الدكتاتوري القمعي , بادر الراحل الى توظيف قدراته لمساعدة الحزب وعن طريق علاقته بالجبهة الشعبية قام شخصيا ًبتهريب ونقل كميات من السلاح من لبنان الى قواعد الحزب الشيوعي العراقي في كوردستان العراق .
الهوامش
ـــــــــــــــــــــ
*وصفه الراحل المفكر والباحث العراقي ابو الحسن ( هادي العلوي ) : كنت أرى فيه صورة لـ( كامل الجادرجي ) الغرار الأمثل للزعيم الوطني والديمقراطي معا ً في العراق .
وكان يشبهه في هدوئه ونبله وروحه الديمقراطية , وكانت دعوته صادقة وأصيلة .

**وكتب الراحل هادي العلوي : كان التفاهم بيني وبين ( ابو سعد ) كاملا وثابتا ً.. ولم يتأثر بالخلافات في أساليب العمل , إذ كان يميل الى العمل الهادئ بحكم مزاجه الديمقراطي , وأنا خلقني الله من نار السموم , ومع ذلك فقد كان يتحمل كل مايصدر عني من الشرر واللهب .
ويكتب مؤيد عبد الستار عنه : لا أخفي عليكم فلقد جربت ( ابو سعد ) أكثر من مرة , كنت أناقشه بما أتعمد أن أخالفه به , فلا أجده ينزعج وكنت أكتب في جريدة الغد الديمقراطي بما أراه أنا لا بما يؤمن به هو , فكان ينشر ذلك بكل رحابة صدر .

للموضوع صلة ......
السويد 8 تموز 2008 رشيد كَرمة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع