الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طالباني وباراك و الاشتراكية الدولية

شاكر الناصري

2008 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


غريب أمر هذه المنظمة التي توصف بأنها منظمة للاشتراكية الدولية , فتوصيف كهذا كفيل بأن يضع هذه المنظمة في خانة المنظمات التي تتميز بالصدقية والحرص والجدة في مشاريعها ومعالجتها للقضايا والمشاكل التي يواجهها العالم ، أو انه التوصيف الذي يراود كل إنسان يعرف ما الذي تعنيه الاشتراكية كحركة سياسية وفكرية في عالمنا، والآمال التي يحملها البشر إزاء حركة تسعى إلى تحقيق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في عالم يرضخ وبشكل متواصل لسطوة الهيمنة الرأسمالية وعالمها وثقافتها ونهجها السياسي والفكري. إن عودة بسيطة لتاريخ السنوات الماضية تكشف إن الصراع بين الاشتراكية والرأسمالية كان صراعا مريرا حتى أن العالم قد انقسم إلى قطبين إما اشتراكي أو رأسمالي. لا نسعى هنا إلى الزج بتاريخ هذه المنظمة أو نوجه دعوة للقراء لكي يطلعوا على تاريخها وبداياتها وانقساماتها... لكننا وجدنا أنفسنا أمام إشكالية كبيرة قد وضعتها أمامنا منظمة الاشتراكية الدولية هذه أو أنها قد وضعت نفسها فيها بما يشكل مأزقا يثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام إزاء مصداقية هذه المنظمة ودعواتها أو ادعائها بالنضال من اجل الحرية وكرامة الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ربما تكون أخبار المصافحة ما بين الرئيس العراقي جلال الطالباني ووزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك قد سلطت بعض الضوء ، ( بالنسبة لنا في العراق على الأقل و لم نخدع بالتبريرات الهزيلة والمخادعة التي أطلقت بمناسبة إعلان صور مصافحة الرجلين، فهذا رئيس دولة تسمى العراق والآخر وزير دفاع قاتل في دولة عنصرية هي إسرائيل) ، على هذه المنظمة والأشخاص والأحزاب التي تنتمي إليها ودفعتنا لطرح أسئلة من شاكلة كيف تكون هذه المنظمة مكانا للقاء القتلة ومصاصي الدماء أو كيف تكون بعض الأحزاب الحاكمة والمعارضة في العالم العربي التي حملت أسم الاشتراكية والديمقراطية والتقدمية لكنها أحزاب عشائرية وأقطاعية صرفة كالحزب الوطني الحاكم في مصر أو الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب العمل الإسرائيلي ، أو الأحزاب التي تتحكم بمصير شعوب بأكملها وتمارس شتى صنوف الاستبداد والقمع ونهب مقدرات الشعوب وإفقارها إلى أقصى الدرجات، كيف يكون ألد أعداء الاشتراكية ومن الذين ساهموا في عمليات القتل الجماعي للشيوعيين ودعاة الاشتراكية والقادة العماليين أعضاء في هذه المنظمة أو الذين مارسوا عمليات الإبادة الجماعية ضد شعوب بعينها ويمارسون الحصار والقتل اليومي للأطفال والأبرياء في فلسطين وأن هذه المنظمة المكان الذي يلتقون به ويتبادلون الأحاديث ويصدرون البيانات ويلتقطون صور للذكريات وإشهار المصافحات الودودة كونهم أعضاء في هذه المنظمة الدولية ...؟؟؟ . الفقر والمساكن العشوائية والصراع اليومي من اجل البقاء على قيد الحياة وان كان ذلك بتحول البشر إلى أشباح من مميزات سياسة الحزب الوطني الحاكم في مصر بما يؤهله لان يكون عضوا في الاشتراكية الدولية.. الاحتلال وقتل الفلسطينيين وممارسة الحصار اليومي ومنع الغذاء والدواء عن مدن معزولة مؤهلات أخاذة تلمع صورة حزب العمل الإسرائيلي لان يكون عضوا في الاشتراكية الدولية.. لم تغب صورة الشيوعيين العراقيين القتلى في مجزرة بشت آشان الأولى والثانية على يد مسلحي الاتحاد الوطني الكردستاني ليكرم زعيمه وان يكون نائبا لرئيس هذه المنظمة العتيدة... أن وجود شخصيات وأحزاب كالتي ذكرناها لابد وان يعيد تكرار الأسئلة وعلامات الاستفهام عن الدور الذي يمكن أن تمارسه منظمة الاشتراكية الدولية في عالم اليوم ، ما الذي تبقى من ادعاءاتها حول الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان المقهور جراء الاستبداد والقهر الذي تمارسه الأحزاب الحاكمة في عدد من دول عالم اليوم وهي ذاتها الأحزاب المنضوية تحت لواء الاشتراكية الدولية .
من المؤكد أن العالم يتغير يوما بعد آخر. تتغير مفاهيمه وقيمه ومطالب الإنسان فيه. تغيير يجري بوتيرة متسارعة وخطيرة نحو فرض قيم الهيمنة والإخضاع والحرب والغطرسة في نفس الوقت الذي يظهر شبح الفقر والجوع والغلاء كنتاج موضوعي لسياسات وممارسات الأنظمة الرأسمالية المتحكمة بمصير العالم ، لكنه نتاج يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي في معظم دول العالم في وقت تسعى فيه معظم الدول الرأسمالية لتضييق مساحة الخدمات والضمانات الاجتماعية التي جرى العمل بها منذ سنوات طويلة بما وفر ضمانات ناجحة ضد الفقر والجوع وضد البطالة والتهميش والحد من التمايز الطبقي الفاضح ، نقول إن العالم يتغير لذلك فالاشتراكية الدولية لابد وان تتغير أيضا. أذ أصبحت واجهة لتلطيف كل البشاعات التي ترتكبها الدول الرأسمالية وأصبح بحكم المؤكد ان لافرق بين حكم أحزاب الاشتراكية الديمقراطية في العديد من الدول الاوربية وبين حكم الاحزاب الليبرالية او اليمينية المتطرفة . فالمواقف والسياسات واحدة بما يخدم سلطة الطبقة البرجوازية في البلدان الاوربية وما يزيد من حدة التهميش للعمال والنساء وتشديد السياسات والممارسات العنصرية ضد الجاليات المنتشرة في الدول الاوربية. أن قادة النضال من اجل التحرر والمساواة وحقوق المرأة والتصدي للاستلاب المنظم لقوى العمل وترسيخ الإنسان كقيمة عليا ، قد أخلوا مكانهم لقادة النضال من اجل قمع الإنسان وقتله وامتهان كرامته وإذلاله. ومادام العالم يتغير فأن علينا أن نغير مفاهيمنا وتصوراتنا عن القتلة والمجرمين وان نتقبل بسذاجة من انطلى عليه طلسم التغيير والمتغيرات العالمية عندما تقوم هذه المنظمة بتزيين صور باراك وطالباني وكأنهم دعاة للتحرر وكرامة الإنسان. إن صورة القاتل والسفاح والمجرم تبقى كما هي مهما حاولوا أن يضيفوا إليه من لمسات تسبغ عليه وهم البراءة. لا غرابة أن اجتمع باراك وجلال الطالباني تحت سقف هذه المنظمة لكن الغرابة هو السعي المحموم لان يكون أشخاص كهؤلاء رموز لهذه المنظمة حتى تكتمل لحظة عارها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو لجنود الاحتياط على الحدود مع لبنان: نقدر خدمتكم ونعم


.. مؤسس موقع ويكيلكس يقر بالتهم الموجهة إليه بعد اتفاق مع الحكو




.. مسيرة حاشدة في كوريا الشمالية لإحياء الذكرى الرابعة والسبعين


.. الشرطة البريطانية توقف 4 أشخاص لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الو




.. أخبار الصباح | زوجة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة الانقلاب عليه