الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للفقر مصداقية باكية ..... ج /6

حسن جميل الحريس

2008 / 7 / 12
الادب والفن


نيام ...... ح / 2

الضابط أنور : وقبل أن يغلق هاتفه نادته وفاء بحشرجة راجفة قائلة له :
- وفاء : لماذا يا هيثم ؟؟ ماالذي دفعك لتتغيب عني أياماً عدة ؟ هل مللتني ؟!
فأجابها الماكر زوجها بخديعة زائفة :
- هيثم : لم أملّ منك ولكنني مهدد بالقتل .
- وفاء : ماذا قلت !! بالقتل ؟! لماذ ؟ ومن يهددك ؟
- هيثم : دعك مما أنا فيه ... واعلمي أنني أحبتتك وسأعود لك عندما تسنح لي فرصتي المناسبة .
- وفاء : لا تغلق أرجوك ... أرجوك أبقي على هاتفك ... دعني أراك ولو للحظة واحدة .
- هيثم : لا أستطيع ... أخاف عليك حبيبتي ... فمنذ عامين تقريباً التقيت أنا وصديقي سامر مع تاجر أجنبي يهودي يحمل جواز سفر أوربي شرقي ... ووعدته أن أبيعه تحفاً أثرية عثرنا عليها أنا وسامر بأطراف بلدة نائية ... وأخذت من التاجر ألفي دولار أمريكي كدفعة أولى ريثما ننهي صفقتنا المتفق عليها ... ومن حينها لم يستلم مني ذاك التاجر شيئاً وتواريت عن ناظريه إلى أن رن هاتفي وأنذرني بالقتل إن لم أعطيه ماله أو قطعنا الأثرية المستلبة .
- وفاء : لماذا لم تخبرني بشأنك هذا قبل زواجنا ؟!! ولماذا لا تخبر السلطات عن أمرك وتنتهي المشكلة ؟
- هيثم : إن أخبرت السلطات لحكموا عليّ بالسجن خمسة عشرة سنة ... فضلاً عن اتهامهم لي بالخيانة والتجسس لصالح دولة أجنبية ... سيما والتاجر مقيم خارج بلادنا حالياً .
- وفاء : مما أنت خائف إذاً ؟!!
- هيثم : لقد استطاع التاجر أن يجنّد لصالحه مواطناً مثلنا ويحمل جنسيتنا نفسها ... فاشترى قاتلاً محترفاً هتف لي وهددني بالقتل بأقرب فرصة ممكنة !! لست خائفاً من التاجر إنما أرتعد خوفاً من ابن وطني القاتل !! وهذا مايهمني من مجمل المشكلة ... فادعي الله أن يتلطف بي في أمري ... وداعاً أيتها الحبيبة الجميلة الطيبة .
تناهى لسمع الضابط أنور أصواتاً صاخبة تتفاعل خلف باب مكتبه فهرع يتحرى أمرها وإذا بمساعده وعناصره قد قبضوا على رجلين أحدهما عجوز والآخر شاباً فتياً عريض الأكتاف يلوّح بكلتا يديه ويعوي على أخته الشابة المرافقة لهما ، فسأل الضابط أنور مساعده عن سبب الصراخ العاتي ، فأجابه مساعده قائلاً :
- المساعد : سيدي .. تلك الفتاة هي شقيقة ذاك الشاب الذي زوّجها عنوة عنها بذاك العجوز الذي يكبرها بخمسين عاماً ... وقد ألقينا القبض عليها وبالجرم الموصوف وهي تمارس الدعارة مع شابين غريبين عنها ... واعترفت لنا بأن ذنبها بعنق شقيقها الذي زوّجها من ذاك العجوز وأن شقيقها وزوجها هما من سهّلا لها ممارسة الدعارة التي لم تكن تعرفها فأتينا بهما ... وتركنا الشابين الآخرين في الصالة الثانية كي يتسنى لنا التحقيق مع كل واحد منهم على حدى ... فهلا أذنت لنا سيدي لنبدأ التحقيق معهم ؟!!
- أنور : أوقفهم بالنظارة بالأسفل وبعدما تنتهي من التحقيق معهم سأتولى القضية برّمتها ... اعلمني بذلك .
عاد الضابط أنور لمكتبه يتقزز مما سمعه وأخذ يتمتم بحرقة قائلاً :
- أنور : دعارة .... دعارة .... باتت الدعارة ملح الشعوب وبات الفقر أكياساً ممزقة له .... وبات الملح يباع ويشرى وأما فقرنا فمن المعيب أننا نستورده كل لحظة لندفنه بأجساد فقرائنا ولنأمن شره ، وبات الشرفاء كقطع نايلون شفافة تفصل بين الملح وأكياسه الحارقة .... هل تعلم يا فرحان كم نقاسي في حياتنا ؟!! المجتمع كله بخطاياه وجرائمه يصّبها علينا وكأننا نشبه مصارف صحية لفضلات قيمه الإنسانية كلها .... يا لهذا الزمان ماأعجبه إن نظر إلينا أظلم علينا وإن ضحك بوجهنا كشف مستورنا الخفي .
أراد فرحان أن يخفف الوطأة على سائله فأجابه باسماً بوجهه :
- فرحان : ولهذا ياسيدي ... نعتبركم الخطوط الحمراء لقيم الإنسانية كلها ... ولكن أتمنى عليك أن تتخيل مصير تلك القيم لو فسدت خطوطكم الحمراء واستحالت خضراء دائماً ... والفساد كفيل بتحويل لونها وفقما شاء ... فهو مركز صباغة العصر الفاعل بالعرض والطلب !!!
- أنور : ماذا قلت !!! تتهمنا بالفساد والرشوة ؟!!! لقد ارتكبت جريمة كبرى بحقنا .
- - فرحان : على رسلك ياسيدي أرجوك ... قلت ( تخيّل لوحدث ذلك ) ولم أعني حدوثه بالدلائل المُفحِمَةِ .
تنهد الضابط أنور للحظات ثم عاد لفرحان بقوله :
- أنور : الحق معك يافرحان .... لا تهلع يا أخي ... الفقرهو زرع مجتمعات مقهورة ، والدعارة شاة تأكل من ذاك الزرع لتدرّ على حاضنها لبناً طازجاً كزعنفة سامة .... والعجيب أن الفقر بائت دائماً ولا لذة فيه بينما الدعارة طازجة رائجة وتنعش نفوس أصحابها بلذة محرّمة زائلة .
- فرحان : عذرك سيدي .... هل لي أن أسأل ماذا فعلت وفاء مع زوجها ؟
- أنور : وفاء .... وفاء .... رمت المسكينة هاتفها وتوجهت قاصدة محطة حافلات السفر لتبحث عن زوجها .... إذ أخبرها بنيته الهروب خارج مدينته .... وسقط نظرها عليه مختبئاً خلف إطار إحدى الحافلات المتوقفة .... وبعدما افترشت الأرض بجانبه أمسكت بيده تقبّلها ثم قالت له :
- وفاء : ................
............... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري