الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفاهية اليأس!

أحمد جميل حمودي

2008 / 7 / 11
حقوق الانسان


صحيح ان الواقع يصرخ بمشاعر الانسان ويجعله يتأمل ويتساءل, يحلل ويستنتج أكثر بكثير من قراءة ما سطّرته أيدي الكتّاب من الخبراء والمتخصصين. حقيقة ان الواقع يطغى عليك بمجسّماته فيجعلك تتألم وانت تتأمل. كنت قد مررت في احد الاسواق الشعبية التي يقطنها الفقراء ومن هم تحت الفقر, تجولت بين احياءهم فوجدت البسمة قد علت شفاهم والأهازيج المختلطة بالصخب قد ملأت أحياءهم, توقفت مليا وتساءلت هل هي الفرحة المشربة بالحزن الدفين؟ ام انها سعادة التكيف مع الواقع الذي ولد فيه هذا الانسان وربما سيموت عليه؟ ان هذا الانسان قد حرم من كل شيء حرب اقتصادية يشنّها عليه قراصنة الاقتصاد في ظل سياسات اعادة الهيكلة واقتصاد السوق.....والتي غرق في مستنقعها معظم الانظمة العربية! وحرب سياسية يحرم فيها من ادنى حرية - حتى حرية الكلمة فضلا عن حرية الفعل- قد شنّها عليه زبانية السياسة ومن وراءهم من العسكر! وحرب اجتماعية تضرب في جذوره فتكبّله من ان يصرخ في وجه الطغاة ليقول لا! وهويعيش في سياق العادات والامثال الشعبية(امشي الحيط الحيط وقول يارب الستر,الباب اللي بيجي منو ريح سدو واستريح) والتي ترسّخ التخلف باشكاله المختلفة الظاهرة منه والخفية.وهو اذ يعيش في هذا الواقع المرّ كان لا بد ان يخدع نفسه بأنه سعيد رغم انه قد حرم من كل شيء الا من الحياة المسلوبة من كل كرامة! كان لا بد ان يخرج عن الاضطهاد الذي يعيشه - بطريقة ألفتها الشعوب من بداية تاريخ الظلم والى ينتهي - فيمشي ويجلس ويعمل ويؤرجل(يشرب النرجيلة او الشيشة)وهو يردد كلمات الرضا القانع بأدنى شيء سادرا في غيبوبته, معبّرآ عن حالة الاغتراب عن الذات والآخر, معززا ذلك بآيات الشكر والامتنان لأولياء نعمته من الحكّام وجلاوزته, يضحك بادية نواجذه حتى يستطيع أن يعدّها العاد وهو يقول :
لا تحسبوا أني أرقص بينكم فرحا انما الطير يرقص من شدة الألم
ان هذه القراءة من كتاب الواقع المرّ جعلتني اسميها رفاهية اليأس!












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلاحيات ودور المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبي جرائم ا


.. كلمة أخيرة - أمل كلوني دعمت قرار الجنائية الدولية باعتقال نت




.. لميس:رغم اختلافنا مع بعض مضمون قرار الجنائية الدولية لكنه و


.. كلمة أخيرة - من هو كريم خان الذي طالب باعتقال نتنياهو؟




.. مسؤولون فلسطينيون: التصعيد الإسرائيلي في جنين رد على طلب الم