الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصلاحيات الدستورية للأقاليم الفيدرالية

صاحب الربيعي

2008 / 7 / 12
دراسات وابحاث قانونية


بما أن للفيدرالية نماذج متعددة في العالم تبعاً لتعدد المكونات الاجتماعية ونوع المشاكل والتناحرات بين السكان فإنها تعمل بآليات متباينة من الصلاحيات يقرها الدستور الاتحادي، فإما أن تكون صلاحيات واسعة للأطرف وعلى حساب المركز وأما صلاحيات محدودة يمنحها المركز للأطراف.
وإذا ما وجد أكثر من أقليم في الدولة الاتحادية، فإن الصلاحيات الممنوحة دستورياً للأقاليم تكون متساوية وبغض النظر عن مساحة الأقليم ومدى غناؤه بالموارد الطبيعية أو حجم المكون الاجتماعي. لكن التباين يكون في دستور الأقليم، فلكل أقليم دستور خاص به ينظم من خلاله شؤونه الخاصة شرط أن لايكون متعارضاً مع الدستور الفيدرالي.
إن الدستور الفيدرالي يعتبر المصدر الرئيس لتشريع دساتير الأقاليم، لذلك لايجوز أن تتقاطع بنوده مع المصدر الأساس لأنه يعد خرقاً للقانون الاتحادي الناظم للعلاقة بين المركز والأطراف، فإن عمد كل إقليم على صياغة دستوره الخاص بما يتعارض مع الدستور الفيدرالي أنفرط عقد الاتحاد الفيدرالي ليصبح عقداً كونفدرالياً يختلف بنماذجه وآلياته عن الاتحاد الفيدرالي المكتسب للشرعية الدستورية.
دستور الولاية الفيدرالية يعني:"أن تكون لكل ولاية حكومتها المستقلة والمنتخبة وقوانينها، وشرطتها، وعوائدها المالية وما أشبه. ولايحق للحكومة الفيدرالية التدخل في شؤونها ألا ما يعد خرقاً لقانون الاتحاد الفيدرالي".
إن الاستقلال الذاتي المقيد لإدارة شؤون الأقليم بعيداً عن تدخل المركز ورسم حدوده الإدارية لايعني مطلقاً فرض قيوداً على حركة مواطني الدولة في التنقل والسكن والملكية والاستثمار في أي أقليم من الأقاليم الفيدرالية، فالمواطنة مصانة في دولة الاتحاد الفيدرالي وكل فرد متساوي في الحقوق والواجبات في أي بقعة من أرض الوطن.
ويخضع المواطن في أي أقليم لأنظمة وقوانين الولاية السارية على كافة مواطني الأقليم بما فيها الحقوق والواجبات، فلا يحق لدستور الأقليم أن يحد من حركة وسكن واستثمار مواطني الأقاليم الأخرى ضمن حدوده الإدارية لأن ذلك يعتبر خرقاً للدستور الاتحادي.
ومهما بلغ حجم الصلاحيات الممنوحة للأقاليم دستورياً فإنها لاتلغي دور الحكومة الاتحادية في المفاصل الأساس للدولة كالشؤون الخارجية، الدفاع، تنظيم التجارة الخارجية والداخلية بين الأقاليم، حماية البيئة، حقوق الإنسان، وخدمات البريد...إلخ.
فلا يحق لأي إقليم عقد صفقات تجارية أو استثمارية تضر بالاقتصاد الوطني أو باقتصاديات الأقاليم الأخرى، فضلاً عن إقامة علاقات خارجية تتعارض مع السياسة العامة للدولة الاتحادية أو استثمار الموارد الطبيعية بما يسيء لخطط وستراتيجية الحكومة الاتحادي أو الإضرار بالبيئة بما يلحق الضرر بالأقاليم الأخرى أو انتهاك حقوق الإنسان الذي يتنافى والدستور الاتحادي. ويعد رسم ستراتيجية السياسة التنموية والانتاجية العامة للدولة من صلاحيات الحكومة الاتحادية التي تمثل كافة ممثلي الأقاليم في الاتحاد الفيدرالي.
إن أي تجاوز للحكومة المحلية على صلاحيات الحكومة الاتحادية يتطلب تدخل المحكمة الدستورية العليا لإجبار الحكومة المحلية على الانصياع للقوانين الناظمة للعلاقة بين المركز والأطراف.
لكن إذا تمادى إقليم من الأقاليم في تجاوزاته على صلاحيات الحكومة الاتحادية يتطلب الأمر معاقبته عن طريق حجب مخصصاته من الميزانية العامة وفرض عقوبات مالية عليه وتخفيض تمثيله في كافة مؤسسات الحكومة الاتحادية، وإن باءت كافة الإجراءات بالفشل وعدم إنصياعه للدستور الاتحادي يجب استخدام القوة لإخضاعه للنظام الاتحادي حفاظاً على وحدة التراب الوطني.
يعتقد ((جون كينكيد)) أن توزيع السلطات الفيدرالية:"يستلزم دستوراً مكتوباً يمثل الميثاق الأساس أو اتفاقاً للاتحاد، تحدد من خلاله توزيع السلطات والمشاركة في صناعة القرار وعادة ما تمنح الحكومة الفيدرالية: الشؤون الخارجية، الدفاع، العلاقات الخارجية-الداخلية (كالتجارة بين الولايات، التجارة الخارجية، حماية البيئة والثروات الطبيعية) والسياسة العامة للاستقرار الاقتصادي، الخدمات الوطنية الأساسية (كالبريد مثلاً) وحقوق الإنسان".
الخلاف حول حجم الصلاحيات بين الأقاليم والمركز ظاهرة تحصل حتى في كافة الدول الفيدرالية التي قطعت أشواطاً كبيرة في نظامها الديمقراطي، لكنها تحسم من خلال المحكمة الدستورية العليا التي تعتبر قراراتها مبرمة ولايجوز الاعتراض عليها.
في الدول المتخلفة والحديثة بتجربتها الفيدرالية وغير المستكملة لبناء نظامها الديمقراطي تهيمن المافيات العائلية على الحكومات المحلية لأسباب مُشخصة. وفي الغالب يكون ولاءها الوطني ضعيفاً وتسعى من خلال الفيدرالية لتنفيذ أجندة خارجية داخل الأقليم والاستحواذ على المال العام وخلق أزمات متتالية للحكومة الفيدرالية، لإجبارها على الانصياع للمشاريع الإقليمية والدولية المتعارضة مع الثوابت الوطنية.
وتعمد على ابتزاز الحكومة الفيدرالية وتستغل إنشغالها في ترتيب شؤون الأقاليم الأخرى في الأتحاد الفيدرالي لتحقيق المكاسب غير المشروعة، مهددةً تارة بالانفصال وتارة أخرى باستخدم القوة ضد الأقاليم الأخرى بغرض إحراج الحكومة الفيدرالية وتأشير ضعفها.
إن وجود المافيات العائلية على رأس الحكومات المحلية يعد تهديداً حقيقياً للاتحاد الفيدرالي، لذلك يجب إزاحتها بكافة السُبل. لقد اعتمدت أوروبا وأمريكا أسلوب حقن أبناء العائلات المتنفذة التي أعاقت تطبيق النظام بعقاقير خاصة أدت لعقمها وهلاك العديد منهم في أمراض غامضة وعلى مدى مائة عام اختفت تلك العائلات نهائياً من الوجود ومازال ذات الأسلوب مستخدماً (بدرجة أقل) مع بعض الخارجين على النظام والميؤس من أصلاحهم.
وعلى ما يبدو بدأ اعتماد ذات الأسلوب للتخلص من بعض العائلات المعيقة للنظام أو التي أدت دورها المرسوم في الدول المتخلفة، حيث بدأت تظهر أمراضاً خطيرة ومتنوعة على المتنفذين فيها ولن يمضي وقتاً طويلاً حتى يتم التخلص من جيلهم الأول والثاني لتكون الأنظمة أكثر استقراراً وآماناً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ