الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكي لاتتكرر تجربة الانتفاضة الجبارة

عزيز العراقي

2008 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في استطلاع نموذجي للرأي نشر في " صوت العراق " يوم 20080710 اجراه المرصد الاجتماعي العراقي في بغداد , وجرى استفتاء لاكثر من ثلثمائة الف شخص في محافظات بغداد والانبار والموصل وكربلاء والنجف والبصرة وديالى وكركوك وبابل والعمارة والديوانية . اظهر ان ثمانين في المئة من المستطلعة آراؤهم يفضلون اقامة نظام حكم علماني في البلد , كحل للخروج بالعراق من دوامة العنف التي يعيشها , ورداً على نفوذ الاحزاب الدينية . ويرى سبعين في المئة منهم ان رجال الدين والمرجعيات الاسلامية الشيعية كانت سبباً في اذكاء العنف وطريقاً للحرب الاهلية .

هذه النقلة النوعية التي انعكست في استطلاع الرأي هذا - والذي اخذ النماذج من مختلف المحافظات العراقية عدى محافظات كردستان – يؤكد ان جوهر التغير الذي حصل هو في افلاس الطائفية كمنهج سياسي اولاً , وثانياً في التطور الحاصل في الوعي الجماهيري . ومن تظافر هذين النقطتين يتبين التوجه العام السليم لتطور العملية السياسية , اذا تمكنت من السير بالشكل الطبيعي . وسيفرض هذا التطور نفسه في الانتخابات القادمة لصالح احزاب قائمة على اساس الافكار والبرامج السياسية , وليس لصالح الاحزاب القائمة على الهوية الطائفية .

ومما لاشك فيه ان التوجه الجذري الجديد لهذاالحراك السياسي سيصطدم بالرغبات الحزبية الطائفية , وقد حذر الكثير من الاحزاب والشخصيات الوطنية من التزوير الذي ستلجأ اليه هذه الاحزاب , ومن اساليب التهديد والترهيب التي ستمارسها بشراسة اكبر مما جرى في الانتخابات البرلمانية السابقة , والتي سقط فيها من العلمانيين شهداء وجرحى , اضافة لحرق بعض مقراتهم .

في الساحة السنية سيستمر الصراع على اقتسام النفوذ بين الصحوات والقوى التقليدية , وعلى رأسها الحزب الاسلامي . والساحة الكردية لاتزال تميل لتظهير الجانب القومي , والتشبث بكل خطوة تثبت الكيان المميز للاقليم عن باقي مناطق العراق . والمهم هو مايجري في الساحة الشيعية , ومن المرجح ان يتبلور الصراع حول المشروع الذي يدعو اليه المجلس الاسلامي الاعلى لاقامة اقليم الوسط والجنوب الطائفي , وبين اغلب الاحزاب الشيعية الاخرى التي تعتبره اساس لتقسيم العراق . وتتبلور زعامة هذا التيار لصالح رئيس الوزراء المالكي , بعد الخطوات الجريئة في تثبيت الامن , والمحاولة الجادة للنهوض بعملية المصالحة الوطنية , والاعلان عن تبني الخيار الوطني في تحديد الاتفاق مع الامريكان . ومهما قيل وما سيقال من ان المالكي اختار الخيار الوطني لاسباب انتخابية , فلن يؤثر ذلك عن فتح الباب لبناء المشروع الوطني العراقي . ومن المتوقع كذلك ان تتلاشى الخلافات التي نشأت بين الفصائل الشيعية - مثل الخلاف بين الصدريين والمالكي نتيجة خطة فرض القانون – لشعور الجميع بخطورة المشروع الطائفي للمجلس الاسلامي الاعلى المدعوم بكل اجهزة النظام الايراني من جهة , والوقوف بوجه التطلعات الامريكية التي تبغي مصادرة الارادة العراقية من جهة اخرى .

ان المهارات الوطنية للاحزاب والشخصيات العراقية يجب ان توظف في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية لخدمة بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد , كما اقره الدستور . ولتعميق الخط الوطني الحالي للحكومة , والنقطة الاهم والاكثر حساسية هي في فصل المطلب الجذري العراقي عن المشروع الطائفي الايراني , وفضح مزايدات ذيوله في العملية السياسية العراقية , والذي يبغي افشال المشروع الامريكي اولاً , وثانياً الاستفراد بباقي المكونات العراقية و( ملئ الفراغ الامني ) بعد ان يسحب الامريكان قواتهم , كما اكده الكثير من القادة الايرانيين .
لانريد ان تتكرر تجربة الانتفاضة الجبارة عام 1991 , وكيف تمت سرقتها وركوب موجتها من قبل النظام الطائفي الايراني . وبسبب هذه السرقة تم انقاذ النظام الصدامي من سقوطه الاكيد على ايدي المنتفضين . حيث قدمت له المساعدة من قبل الامريكان ذاتهم , وفي نفس الوقت تراجعت قيادات عسكرية عراقية كانت تريد الاطاحة بصدام , بعد ان تأكد لهم وللامريكان ان نجاح الانتفاضة يعني وضع العراق في الحضن الايراني. والكثير من هؤلاء الضباط تورطوا في جرائم قمع الانتفاضة , واختلطت الاوراق بشكل لم يسبق له مثيل . ودفع العراقيون الثمن المرعب , واحدى نتائج ذلك التدخل هي عدم تمكن العراقيين من ازاحة نظام صدام لاكثر من عقد , ولغاية ازاحته عن طريق الامريكان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي