الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيتي تيتي ... مثل ما رحتِ جيتي

مارسيل فيليب

2008 / 7 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتنبأ بعضنا بأن نتائج الحملة الانتخابية المرتقب قيامها لأنتخاب مجالس المحافظات لا بد وانها ستؤدي بأتجاه تغير إيجابي في معادلة الحد من السيطرة الفعلية لقوى تيار الأسلامي السياسي على هذه المجالس أو مفاصل السلطة القائمة حاليا والذي تحقق لهم منذ آخر عملية انتخابية ، وبمبرر تذمر الشارع العراقي من عدم تحقيق تحسن ملموس في الأوضاع ومستوى معيشة الفرد أو الخدمات العامة والأساسية طوال فترة تسلمهم مراكز السلطة الفعلية في الدولة ، لكني أعتقد أن هذه السيطرة ستستمر على مدى ليس بالقصير وبتفوق نسبي على القوى الأخرى بسبب نجاح الأحزاب والتيارات الدينية منذ سقوط النظام السابق ولحد الأن في اشاعة وتثبيت قيم وثقافة الطوائف والمذاهب على حساب القيم والثقافة الوطنية ، ابتداءً من خطب الجمعة والأعلام المسموع والمرئ والمقروء ، وصولاً للمناهج الدراسية في بعض المراحل .
ولتوضيح ما اقصد .. لنقرأ مقتطفات من هذا الخطاب الديني المسيس الذي لم يتغير منذ اكثر من اربع سنوات رغم كل الضجيج حول ما أتفق على تسميته بعملية المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الأجتماعية ونظام ديمقراطي فيدرالي والأحتكام لصناديق الأقتراع :
(( الوجود الشيعي هو الايديولوجيا الواقعية والمشروع المستقبلي الذي من الممكن ان تتوجه طاقات الجماهير في طريقه .... ، بل هو خزين عقائدي أصيل ومتجذر ،... فالوجود الشيعي والفكرة العا لمية التي تحملها قضية الامام المهدي القائد العادل المعصوم ، والايمان الموجود في اوساط الشيعة به ايماناً عقائدياً ضخماً جداً ،... ابتدأ بالتركيز عليه السلام تركيزاً عقائدياً وزيادة الوعي العام بالامامة والعصمة التي تعني فيما تعنيه عدم الانفصام عن الشريعة الحاكمة والعدل الالهي الكامل وبشكل يوفر اعلى مستويات الطاعة والانقياد ... واذا اردنا ان نشير الى العناصر التي طرأت على نفسية المجتمع العراقي باختصار بفعل ثورة السيد الصدر الثاني (قدس سره) فهي:

1- ظهور (الرمز الاسلامي) كحاكم على ذهن المجتمع وموجه لحركتهم وجاذباً لعواطفهم ، والرمز يختزل الكثير من الوعي الذي يراد ايصاله للجماهير.
2- التركيز على الحوزة العلمية وربطها بالأئمة (عليهم السلام) وبالإمام المهدي (عج) والتلفت باتجاهها لإدخالها في كل تفاصيل الحياة وانتظار كل خير منها وتعزيز مكانة الفقيه في المجتمع بغض النظر عن تحديد صلاحيات الفقيه وولايته بالاستدلال الفقهي.
3- التركيز على قضية الامام المهدي (عج) لما عرف به قدس سره من عطاء فكري بهذا المجال ولما يتردد دائما في كلماته من ربط الحوادث والبلاءات بالقضية المهدوية.
4- ترسخ الرفض والتحذير من الولايات المتحدة واسرائيل عن طريق ما ترسخ من هتافات في صلوات الجمعة بمسجد الكوفة (كلا كلا امريكا... كلا كلا اسرائيل..) وربط ذلك الرفض بالعقا ئد.
5- ترسيخ ان الشعب العراقي هو الشعب المعد لرفع راية الامام المنتظر يوم ظهوره وفي ذلك رفع لمعنوياته ومعالجة عقدة الاستصغار للنفس واعطاء بعد نفسي وهمة عالية تتطلبها المواجهة الحضارية القادمة.. )) *

بهكذا رؤيا نستنتج أن المشكلة ليست في كيفية ترتيب عملية الأنتخابات أو اسلوب وصياغات شعارات ، او وضع ضوابط لقانون انتخاب مجالس المحافظات مثلاً ، او أعتماد القائمة المفتوحة او المغلقة أو منع استغلال اسم المرجعية او صورها ، بقدر مدى أمكانية النجاح في بلورة الحد الأدنى من الوعي الجمعي ونوعية التحالفات المطلوب تحقيقها بين القوى العلمانية بشكل عام لأصلاح أثار وتداعيات ماافرزته نتائج التدمير لمعول اللعبة السياسية التي خططت لها ادارة البيت الأمريكي ، ونفذها حاكم العراق الفعلي " بريمر " منذ سيناريو مجلس الحكم في تقسيم معادلة سلطة مابعد التغيير على المثلث الشيعي الكردي والسني وتثبيت ذلك دستوريا من خلال بعض البنود ، ومن خلال هكذا خطاب وتوجه يمكننا أن نتصور مثلاً ، كيف سيكون لمجالس المحافظات في المستقبل القريب من دور خطير في صياغة وعي ومعالجة مشاكل الناس من خلال الصلاحيات الواسعة الممنوحة لهذه المجالس كما نص عليه الدستور في تسيير الأمور الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمحافظات التابعة لها .
اعتقد اننا نخطأ عندما نعتقد ، أن بأمكاننا تغيير قناعة الأنسان العراقي بمستوى الوعي السائد بهكذا مدة قصيرة ، وهو المسحوق بين رحى الأرهاب والجوع ، والمشبع بهكذا خطاب اسبوعي بعد كل صلاة جمعة ، وسيكون من السذاجة أن نعتقد بأمكانية تغيير هكذا وعي سيتم بسهولة وبمجرد القول أن سبب تدهور الخدمات وعدم تحسن مستوى المعيشة هو عدم قدرة الأحزاب الأسلامية للوفاء بوعودها ولقيادة البلد الى حالة استقرار دائم وادارة العجلة الأقتصادية بشكل سليم ، وهل من الممكن ان تؤدي نتائج انتخابات مجالس المحافظات أو الأنتخابات القادمة لأعادة بناء ولو جزء من مؤسسات الدولة وفق أسس وتوازنات جديدة تختلف عن ما هو قائم حاليا ، لأننا نعترف وبشكل صريح ان الصراع الدائر ( أو حرب الأخوة ) بين مكونات الأحزاب الأسلامية والقومية المسيطرة على مواقع السلطة الفعلية للدولة الحالية منذ لحظة سقوط النظام السابق ، لا بل يمكن القول منذ ايام مؤتمر لندن العتيد ، يدور فقط على كيفية انتزاع كل طرف للمزيد من المنافع الذاتية والمزيد من السلطة والمواقع والثروة والنفوذ ، ولتحديد شكل ومضمون الدولة الجديدة بما يخدم ويحافظ على تلك المنافع وبعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن العراقي .
واليكم عينة لكيفية تفكير نماذج من التيار الأسلامي : " من مقابلة مع السيد هادي العامري رئيس منظمة بدر لـ"نقاش والذي اجرته خلود العامري يوم 25 / 6 / 2008 على الرابط "
http://www.niqash.org/content.php?contentTypeID=265&id=2227
(( نقاش : كنتم احد المعترضين على تطبيق نظام القوائم المفتوحة في الانتخابات ، هل تخشون فقدان نفوذكم في مدن الجنوب في حال تطبيق هذا النظام ؟

العامري: نحن لا نخشى الخسارة لأننا واثقون أننا نملك قاعدة شعبية واسعة في الجنوب لكن القوائم المفتوحة تحتاج إلى وقت أطول من قبل المفوضية لتطبيقها وقد يؤدي هذا الأمر إلى تأخير إجراء الانتخابات عن موعدها ولذلك فضلنا القوائم المغلقة في الانتخابات .
نقاش : هل تعتقدون باستمرار الكتل ذات الصبغة الطائفية في صدارة العمل السياسي في المرحلة المقبلة سيما مع ظهور قوى علمانية على الساحة ؟

العامري : الكتل الدينية ستبقى تسيطر على الساحة السياسية لمدة طويلة والناس لديهم ثقة كبيرة في عملها ولا يمكن أن يرتقي الخط العلماني في البلاد إلى مستوى كبير لان المجتمع يعارض هذا الخط ولن يثق به بعدما جربه في السابق . ))
هنا يعني العامري بأن نظام المقبور صدام كان نظام علماني والناس جربوا هذا الخط في السابق ، وبالمناسبة نوري السعيد كان يرد بثقة على كل تحذير من تحرك مضاد للحكومة الملكية ... " دار السيد مأمونة " ... والمقبور صدام قال " جئنا لنبقى " والسيد هادي العامري يجزم بأن الكتل الدينية ستسيطر على الساحة السياسية ولمدة طويــلة ، يعني .. مثل ماجانت تكول بيبيتي .. تيتي تيتي مثل مارحتِ جيتي .

* ملامح من تاريخ وخطاب القيادة الدينية في العراق الجديد
http://www.yaqoobi.com/book/almalamh01/almalameh-all








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا